يُعرف الدين بأنهُ الطريق والأسلوب الجامع والواضح والهادف لتنظيم حياة الإنسان لأجل ارتقاء حياته الدنيوية ومساعدته في بلوغ الهدف الأصلي للخلق أي الكمال والقرب إلى الله سبحانه، فالرؤية الدينية رؤية كاملة تشمل جميع زوايا حياة الإنسان وتضع أمامهُ جميع الحلول اللازمة لأموره كلها وكلما كانت رؤية الدين المتعلقة بجزئيات حياة الإنسان دقيقة وواضحة وتشمل معظم الجهات الحياتية للإنسان فستكون صورة الدين أكمل.
وبناءً على هذا فإن الدين الكامل والمؤثر هو الدين الذي يكون حاضرا في جميع مجالات الحياة البشرية ويطرح جميع الحلول المناسبة له ويطرح ايضا برنامجا واضحا للعلاقة بين الإنسان وربه وبين الإنسان هو و نفسه وبين الإنسان وغيره من أفراد البشر الآخرين واخيرًا بين الإنسان والطبيعة ومثل هذا البرنامج الكامل والمنزه عن أي خطأ لا يمكن أن يصدر سوى عن الله سبحانه وحده لأنه الخالق لنظام الوجود والعالم بكل تفاصيل الإنسان والموجودات والعارف بجميع زواياها. وينقسم علم الله سبحانه إلى قسمين علمه بالأشياء قبل الإيجاد وعلمهُ بها بعد الإيجاد ومعنى ذلك أن لله تعالى عالما بالموجودات وهو في مرتبة ذاته عز وجل وهذا هو علمه بها قبل الايجاب أو علمه الإجمالي بالموجودات وله علم بها بعد الإيجاد وهو العلم التفصيلي الموجود في مرتبة ذات المخلوقات.
وفي الحالتين يكون علم الله بالموجودات حضوريًا ومن الطبيعي أنهُ لا يمكن وضع برنامج كامل وجامع للحياة إلا لمن علم له علم كامل وتام بالإنسان وبالموجودات وبتفاصيلهما كلها.
في الوقت الذي نرى فيه الثقافة الغربية تضع الدين والبرنامج الديني للحياة في دائرة محدودة وهذا لا يعني فصل الدين عن المجتمع أو عن الحياة بشكل كامل إلا أنهُ كما قلنا هذهِ الثقافة تحدده ضمن دائرة معينة وفي الثقافة المادية فإن الأصل هو أن يكون تدخل الدين في الحياة محدوداً وفي اضيق الدوائر وبعبارات اوضح تتجاهل هذه الثقافة والضوابط والقيود الدينية التي تتعلق بالمسائل الحياتية وتبين القيم والمناهج وتحددها على أساس رغبات الإنسان وحياته الدنيوية ورفاهيته الإجتماعية.
ما من شك في ان الدين السماوي أمر عالي وإتباع المدرسة العرفية والدنيوية يوفون أي فكر او اعتقاد فوق بشري بما وراء الطبيعة ويرفضون تدخل في الحياة الإجتماعية للإنسان بل ويعتقد بعضهم أن الإنسان ليس فقط قادر على إدارة شؤون حياته في هذا العالم مستقلا عن الدين وحسب بل إنه وفق مبادئهم الفلسفية يجب عليه أن يفعل ذلك.
أما مراتب الفلسفة الدنيوية فهي إبعاد الدين عن المجتمع تماما وتركيز أفكار أفراد البشر على المسائل الإنسانية واعراضهم عن التفكير في المسائل ما وراء الطبيعة والإله والملائكة والقيامة والحيلولة دون تحول الدين إلى مسألة أو أمر إجتماعي وتفسير الأنماط السلوكية على أساس القدرة الإنسانية لا القدرة الإلهية، أبعاد القوى الغيبية عن العالم المادي وسلب القدسية عنها، التأكيد على العقلانية الأداتية والمنفعة في إتخاذ القرارات، النظر من منظار دنيوي إلى مختلف مجالات الحياة الإنسانية مثل الدولة والمجتمع..
اضافةتعليق
التعليقات