أقامت جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية ندوة تحت عنوان (قضية تحت المجهر) وذلك على قاعة ميراج في كربلاء المقدسة تزامناً مع ميلاد عش آل محمد السيدة فاطمة المعصومة صلوات الله عليهم، وكان الحجاب هو القضية الموضوعة تحت المجهر.
أدارت الندوة المدربة والصيدلانية مروة ناهض حيث قالت: كلهن متحجبات لكن فقط المسلمة هي "المتخلفة"، فقط المسلمة هي التي “يقمعها المجتمع الذكوري، فقط المسلمة هي التي لبست الحجاب "بالقوة ورغما عنها"، وفقط المسلمة هي التي تريد الجمعيات النسوية والنسائية (التي تقبض مئات آلاف الدولارات من أوروبا وأمريكا )، أن "تحررّها" وتخرجها من ظلمات الإسلام إلى نور التعرّي وتسليع الجسد والأوهام!
في جريدة "اسرائيل اليوم" اعلان على صفحة كاملة تحتل معظم مساحته صورة لامرأة حسناء شقراء بملابس قصيرة. الاعلان ليس لمحل بيع نساء كما يبدو إنما لمحل بيع الأثاث. وبعد التدقيق ستجدون أنه لا توجد أي علاقة واضحة بين المرأة والأثاث (إلا إن كانوا يعتبرونها قطعة أثاث) وهذا حال كل وسائل الاعلام اليوم. استعمال المرأة أداة للتسويق والبيع والشراء، في بلاد الحريات والانفتاح حيث حصلت المرأة (كما أقنعوها) على حقوقها كاملة ومن ضمنها حقها في أن يتم استعمالها كـ tool – أداة أو مُمتلك ثمين يتم استعماله للتسويق والربح !! وهي راضية مسرورة لأن "هذا جسدها وهي حرة فيه".
شركات الاعلانات التي تظهر فيها امرأة فاتنة بملابس بحر للترويج لعلكة جديدة "امرأة شبه عارية" في دعاية لعلبة سجائر وطقم أواني، مصابيح سيارة، ومكياج وحتى سجّادة حمام. جاعلة قيمة المرأة في كثير من الأحيان لا تتجاوز قيمة ما تدرّه من أرباح على شركة الإعلانات.
يوما ما سوف يبلى جمال هذه الفاتنة ويذوي تألقها وتطرق أبواب وكالات الاعلانات لتعمل بجسدها كما اعتادت، سيرفضونها لماذا؟ لأنها كانت بالنسبة لهم مجرد جسد، أداة ووسيلة ربح! والسؤال: إذا كانت قيمة هذه العارضة اليوم عظيمة بفضل جاذبيتها الجنسية فأي قيمة لجسدها وأي قيمة لها بعد 10 أعوام حين يذبل جمالها وتغطي التجاعيد وجهها وحين "تنتهي صلاحيتها" فتُرمى وتصبح في نظر الشركات حتّى أرخص من علبة السجائر التي كانت نجمة إعلاناتها يوماً ما؟
ثم أضافت: يصدرون لنا بعض الشعارات مثل: الحجاب دليل على التخلّف، واللبس القصير دليل على التقدّم ومعاً لرفع مكانة المرأة ..
فبهذه الشعارات صارت تنخدع بناتنا اليوم فيخلعوا الحجاب وتنقلب أخلاقهن وسلوكياتهن رأسا على عقب بعد مشاركتهم في نشاطات أو ورشات عمل أو أيام دراسية تحت أسماء وشعارات وعناوين وهمية تنظمها الجمعيات النسوية التي تتنوع أسماءها بين تطوير المرأة ورفع مكانة المرأة وتمكين المرأة وغيرها! الآن نعيش الغزو الفكري بأموال وعادات وثقافات تصلنا من الدول التي كانت في الماضي تغزو أوطاننا عسكريا.
كل شيء في هذا العالم سواء في الإعلام والتلفزيون والصحف والجامعة والعمل والسوشيل ميديا وفي كل بيئة تتواجد فيها يشجعها على تركه ويقول لها: إخلعيه.
الانجاز الذي يبدأ بإسقاط الحجاب أو التخفيف منه هو عبء أكثر منه تميز وكل نجاح لا يبدأ من الدين فهو ميزة مؤقتة تضرُ صاحبها قبل كل أحد ومن ظنت أن تخصصها الدنيوي سيخفف من أثرها من التبرج والأخلاق فقد أخطأت! نعم من حقها كفتاة أن تهوى الأناقة في ملبسها وهندامها ولكن ليس على حساب الستر والعفة وتجاوز حدود الدين.
وقد تم طرح بعض الشبهات والأسئلة حول هذا الموضوع:
كيف نوازن بين الباطن والظاهر لمن ينادون بأن الايمان ومن مصاديقه الحجاب بالقلب؟
كيف نبني قاعدة عقائدية قوية في نفوسنا ونزيد إعتزازنا بالحجاب؟
هل يشعرك الحجاب بأنك رجعية وغير مواكبة للتقدم؟
الاستقلال المادي غاية أم وسيلة؟ وهل يتعارض مع مقومات الحجاب الاسلامي؟
وقد تمت الاشارة أيضاً إلى أهمية الدعم النفسي للمرأة في موضوع الحجاب مقابل ما تجده في واقعها من ضغط نفسي إجتماعي اعلامي فهي جُبلت على حب الزينة وجُبلت أيضاً على سرعة التأثر وعلى الإتباع.
فأكبر عدو للحجاب ليس الدول التي تحاربه مثل فرنسا أو الأنظمة العلمانية أو المعادية للإسلام إنما فتاة تلف على رأسها قماشة تسميها حجاب وتخالف أخلاق وسلوكيات وروح الحجاب بل وتتلو عليك خُزعبلات وتبريرات تخالف جوهر الدين وأهم تعاليمه لمجرد أنه لا يناسب هواها.
فنحن اليوم نحمل أهم مشروع بعد قضايا الإسلام الكبرى ألا وهو تثبيت معاني الحشمة في أوساط بناتنا! لأن صناعة الشهوة في هذا العصر تشكَّلت في كل شيء تقريباً إضافة إنها أسرع الطرق لإنتقال سوق الشُبهة في العقول وتهشيم الفطرة! فترويج الحجاب المُزيف من أهم أسباب إنحسار الالتزام بالحجاب الشرعي، ومن أهم هذه الشُبهات أن الايمان في القلب! وقد تمت مناقشة هذه الشُبهة بأن وجوب المراجعة مع سهولتها في عالم اليوم وهناك نموذجين: الأول: مذكرات مستر همفر (الجاسوس البريطاني في العراق) يذكر فيها أن الحجاب للمرأة هي قوة عظمى للمسلمين، يجب علينا تضعيفها وهم لا يعرفون قيمتها ..
النموذج الثاني: رضا شاه ومصطفى اتاتورك فكروا أن بلدانهم يجب أن تشابه بلاد أوروبا ففكروا بإعتماد أمرين:
الأول: تغيير اللغة (يقطعون جذورهم من التاريخ ).
الثاني: نعمد إلى نزع الحجاب ..
فالذين يتناولون شبهة الايمان بالقلب والمهم القلب هذه قناعة عوام الناس وأن القلب نقي ويكون مركز ألطاف الرب يجب أن نعي أنَّ الحجاب يكون للرجل والمرأة والمراد من الطرفين الالتزام بالحجاب وهذا يحدث نتيجة التزامهم بالأحكام الإلهية ..
وأيضاً من الشُبهات التي تُثار بأنَّ بعض المحجبات ليس لديهنَّ أخلاق والتزامهم الفعلي والعملي ضعيف، وحقيقة هذا الشيء أنَّ البعض وإن كان التزامه غير حقيقي ولكن لا يمكن أن يُنسب الخلل بأصل الحجاب وإنما بسلوكه الشخصي.
فالحشمة إنما تتكامل بالأخلاق الموزونة والحجاب الفاطمي الفعَّال صورةً وفعلاً ثم نطرح تساؤل:
الله جل وعلا هل يمكن أن يقبل الإيمان بلا عمل؟
فـعنه تعالى" الذين آمنوا وعملوا الصالحات".
فالخلاصة أنَّ الايمان مقرون بالعمل ولا يمكن أن يتجزأ أو ينفصل عنه فعن الرسول (صلى الله عليه وآله) قوله: "الإيمان والعمل أخوان شريكان بنفس القرن الله لا يقبل أحداهما غلا بصاحبه".
وعنه "لا يقبل إيمان بلا عمل" فكيف يقبل بقلب نقي دون مظهر لهذا النقاء (الحجاب)؟
فالمقصود إثارة القضية لا غير وخلق شُبهة قد يضيع بها الكثير من العوام فالحجاب منظومة كاملة جعلها الله عزوجل لمصلحة الفرد والمجتمع فهو غير قابل للأهواء الشخصية كما أنه فريضة سماوية لا تخصع لعادة أو تقليد معين !
فكما نلتزم بـإشارات المرور مثلاً من أجل السلامة الشخصية والمجتمعية ولايمكن لأحد عاقل أن يخالف هذه القوانين لمجرد أن هواه يخبره بهذا كذلك هي القوانين الإلهية لحفظ المجتمع من الهلاك والهاوية ..
أيضاً من الشبهات التي باتت تنهش بفكر المجتمع أن الحجاب يُقيد عمل المرأة وإبداعها والحقيقة أنَّ رب العمل في كل مكان يبحث عن الكفاءة العالية لا المظهر فكيف استبدلنا الذي هو أعلى بالذي هو أدنى؟
ختاماً تم التطرق غلى كيفية بناء قاعدة عقائدية متماسكة في نفوس مجتمعنا خاصة حين ندرك أنَّ أكبر التحديات التي تواجهها المرأة المُسلمة اليوم تتلخص في :
١- تغريب المرأة بمعنى أنها تكون نسخة طبق الأصل من المرأة الغربية بأفكارها وعاداتها ورؤاها وزيها ولباسها بحيث تنفصل عن الدين إنفصالاً تاماً !
٢- تغييب دور المرأة بمعنى إنها محافظة على هويتها الدينية والتزامها ولكنها مُكلَّسة مُجمَّدة لا تمارس أي جهد ولا أي فاعليه بل ليس لها دور رسالي !
والحل أمام هذه التحديات؟
التأصيل: وهو المسار الذي يحافظ على هوية المرأة الإيمانية والدينية والأخلاقية والسلوكية وأعطاها حضورها الفاعل في مجالات الدعوة والتبليغ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فالقاعدة العقائدية هي أساس النجاة والنجاح.
فالتبرج والحجاب المزيف والإختلاط وعدم مراعاة حدود الله وشرعه أنتج جيلاً من البنات يخجلن من الستر ويعتبرونه (يفشَّل) وأناقتهن فوق كل شيء .. فوق الشرع أيضاً ! فآلفت نفوسهن التبرج لشيوعه فضاع الدين والحياء !
وكان لضيفاتنا الكريمات:
زينب الزبيدي/ إعلامية ومقدمة برامج في قناة الأنوار الفضائية ، ورقية علي چفيت جواد/ كلية التمريض جامعة كربلاء / مرحلة ثالثة قارئة وحافظة لكل القرآن الكريم، ناعية وخادمة لآل محمد صلوات الله عليهم ...حاصلة على مراتب متقدمة ( مراكز أولى) محلياً و وطنيا ً.
والدكتورة آيات محمد علي/ طب وجراحة الفم والأسنان، خريجة جامعة كربلاء .
والأستاذة أم محسن معاش / مديرة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية..
كان لهم وقفات لمناقشة هذه القضية والإجابة حول أهم ما يُثار حولها من شُبهات ومفاهيم مغالطة ..
اضافةتعليق
التعليقات