• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

الهروب من الواقع وزيف البصر   

عبير سليم الحلبي / الأربعاء 02 آب 2023 / ثقافة / 1920
شارك الموضوع :

في المنهج الفقهي يستخلص الفقهاء عدد من الدلالات العقائدية عن طريق الأدلة النقلية والعقلية

يعد الهروب منهجية يلتزم بها البعض انطلاقا من مفاهيم يتساير معها وفق آلية معينة في فكره، ولعل تعريف هذه الكلمة يقودنا إلى دلالات أوضح.

فالهروب من هرب، والهرب هو الفرار، وفرار الإنسان هو إذا جدَّ في الذهاب مذعوراً أو غير مذعور، أي كان له قرار في أمره هذا  ([1]) .

أما تعريف الواقع: فإنه من وقع، والواقع الذي ينقر الرحى وقعه والحاصل فإنه يستخدم للطّحَنْ فما يطحن شيء بالرحى إذا ما طبق الواقع على الرحى، والوقائع هي الأحوال والأحداث ([2])، فنلاحظ أن المعنى اللغوي للعنوان إنما يدل على العزيمة والإصرار على الفعل، وهو الهروب من أمر كان لازم الحصول ولكن!

عن أي واقع نلمح هنا؟

قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}([3]).

في المنهج الفقهي يستخلص الفقهاء عدد من الدلالات العقائدية عن طريق الأدلة النقلية والعقلية لمحاجة الرافضين للواقع الذي يعيشون، فنرى أنه سبحانه وتعالى ما احتاج إلى أن يثبت وجوده للعباد إلا بعناد وجحود البعض المنكر لذلك الأمر، فكانت هذه الآيات البينات التي لا تدخر سبيلًا للمحاججة والاقناع، لذا فإن الابداع في التعداد والمراعاة في الوصف واللطف في العرض دون الدخول في التفسير يقودنا إلى ملاحظة:

1- أنه تعالى يصف عالم ممكن بالنظر، وغير ممكن من حيث أننا لا نعرف كيف خلقت السماوات والأرض وكيف تزامنت مع الزمن من حيث اختلاف الليل والنهار وما يحوي هذا الأمر من أبعاد زمنية وفلكية وموسمية، حيث يقول تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا}([4]).

 2-الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس، فالممكن أن هنالك سفن تسير في البحار من أجل التجارة والفائدة المادية والاجتماعية، وغير الممكن هو عدم معرفة كيف صنعت هذه البحار بعمقها وماهي الحياة التي في داخلها على الرغم من التطور العلمي الذي توصل إليه العلماء في يومنا هذا إلا أنهم ما وصلوا إلى قرار بشأن ذلك الأمر، والقول هنا هل من الممكن أن ندخل مكاننا دون أن نعرف عنه كلّ شيء؟ 

3-يبين دورة الحياة التي بدأت من الماء: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}([5]).

4-تصريف الرياح والسحاب المسخرين بين السماء والأرض، وأما التصريف فهو صرف الرياح من حالة إلى حال ([6])، أما سخر فتعني سياقه إلى الغرض المختص قهراً ([7]) ، فهو إبداع بلاغي يشير إلى الصانع لكل ما ذكر وأكثر.

5-وأخيراً فإن كل ما مر بنا من آيات فإنه تعالى يختص بها الذين يعقلون سبحانك ربي، فهي علاقة متلازمة لزوم تكويني للخلق، أن يجعل التفاعل بين العقل والقلب لينظر العقل ويعقل القلب، ولعل الآيات كثر لا يسعنا أن نذكرها كلها، ولكن نجمل ما يتيسر ويفيد البحث، فقد قال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}([8]) .

جاء في تفسير هذ الآية الكريمة عدة آراء نجمل منها:

1-طرح التساؤل بصيغة التعجب أفلم يسيروا في الأرض فيروا ما فيها من عبر وشواهد على عظمة الخالق ([9]).

2-عن الصادق (عليه السلام) يقول: ((معناه أولم ينظروا في القرآن فتكون لهم قلوب يعقلون بها ما يجب أن يعقل أو آذان يسمعون بها ما يجب أن يسمع فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور عن الاعتبار أي ليس الخلل في مشاعرهم وإنما أنفت عقولهم باتباع الهوى والانهماك في التقليد)) ([10]).

3-عن السجاد (عليه السلام): ((إن للعبد أربع أعين عينان يبصر بهما أمر دينه ودنياه وعينان يبصر بهما أمر آخرته فإذا أراد الله بعبد خيرا فتح له العينين اللتين في قلبه فأبصر بهما الغيب وأمر آخرته وإذا أراد الله به غير ذلك ترك القلب بما فيه)) ([11]).

4-وعن الصادق (عليه السلام) كذلك: ((إنما شيعتنا أصحاب الأربعة أعين عينان في الرأس وعينان في القلب ألا وأن الخلائق كلهم كذلك ألا إن الله عز وجل فتح أبصاركم وأعمى أبصارهم)) ([12]).

فإذا كان الله تعالى قد فتح أبصارنا وأعمى أبصار الخلائق فلماذا الهروب من هذا الواقع إلى عالم مغاير؟ ولعنا نجيب بقوله تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} ([13]).

قال الراغب الاصفهاني: ((الرين صدأ يعله الشيء الجليل))([14]).

أي صار كالصدئ على قلوبهم الجليلة النقية المؤمنة بالفطرة، فعمي عليهم معرفة الخير من الشر، فران ما كانوا يكسبون وهو الذنوب ريناً على قلوبهم، وهو حيلولة الذنوب بينهم وبين أن يدركوا الحق على ما هو عليه ([15]).

وبذلك يتبين لنا الآتي:

أولا: إن للأعمال السيئة نقوشا وصورا في النفس تنتقش وتتصور بها.

وثانيا: أن هذه النقوش والصور تمنع النفس أن تدرك الحق كما هو وتحول بينها وبينه.

وثالثا: أن للنفس بحسب طبعها الأولي صفاء وجلاء تدرك به الحق كما هو وتميز بينه وبين الباطل وتفرق بين التقوى والفجور ([16]).

لذا فإننا لو فسرنا حالة الهروب من الواقع فلن نجد أبلغ مما أشرنا إليه في النصوص القرآنية المباركة، فالميل إلى الهوى والركون إلى الظلم والاكتفاء بعالم الضلال، واللامباليات في تحصيل المعارف الربانية المرتبطة بالعترة الطاهرة تصدئ تلك القلوب الطاهرة التي خلقت لترى نور الله تعالى في أوليائه ولتستمد منهم النور الذي تبصر بها القلوب والعيون وكل الجوارح ما ظهر منها وما بطن، فأي واقع يهرب منه العباد وأي طريق يسيرون فيه؟.

يقول تعالى: {فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله} ([17]).

إن التغافل عن وجود حساب وآخرة ويتبعها جنة ونار عن عمد أو غير عمد هو قرار يتخذه الإنسان، فيقوده إلى عالم محجوب عن العالم الحقيقي الذي يجب أن يعيش فيه، وهو بذلك يخسر الامتيازات التي وهبه إياها ربه، فالكون يعج بالآيات البينات وعلى المرء أن يشغل عقله بحقائق الأمور قبل ظاهرها فليس كل ما يرى هو نافع بحد ذاته ولا يقبل التأويل، فالسماء الزرقاء، والأرض الخضراء وحقائق كثيرة لا يسعها النظر بالعين المجردة، ولعلنا نستعين بقول أمير البيان علي (عليه السلام) عندما سأله رجل يقال له ذعلب ((ذو لسان بليغ في الخطب، شجاع في القلب، فقال: يا أمير المؤمنين، هل رأيت ربك؟ قال: ويلك يا ذعلب! ماكنت أعبد ربا لم أره. قال: يا أمير المؤمنين، كيف رأيته؟ قال: ويلك يا ذعلب! لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان)) ([18]).

فالرؤيا ليست بالعيون وإنّما بإيمان القلوب التي فطِرَت على التوحيد، فلِمَ الهرب من هذه الحقائق ومن واقع أراده الله تعالى أن يكون للعباد ليحفظ به كرامتهم وعزتهم ووحدتهم؟ وإن كانت الحياة دار ابتلاء إلّا أن أعظم ابتلاء فيها هو الجحود ونكران نعم الله تعالى.

المصادر والمراجع
القرآن الكريم
  • ابن منظور، محمد بن مكرم بن علي بن أحمد بن حقبة الأنصاري الأفريقي، لسان العرب
  • الراغب الاصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد المفردات في غريب القرآن، تحقيق: صفوان عدنان الداودي، نشر: دار القلم الدار الشامية –دمشق
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة
  • الفيض الكاشاني، محسن، تفسير الصافي، ط3، مؤسسة الهادي-قم 1374ق
  • مجموعة من اللغويين بمجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، ط2، مجمع اللغة العربية – القاهرة 1392هـ/ 1972م

قائمة الهوامش

([1]) ينظر: ابن منظور، محمد بن مكرم بن علي بن أحمد بن حقبة الأنصاري الافريقي، لسان العرب، ج1، ص783

([2]) ينظر: مجموعة من اللغويين بمجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، ط2، مجمع اللغة العربية – القاهرة 1392هـ/ 1972م، ج2، ص1051

([3]) سورة البقرة، آية 164

([4]) سورة الأنبياء، آية 30

([5]) سورة الأنبياء، آية 30

([6]) الراغب الاصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد المفردات في غريب القرآن، تحقيق: صفوان عدنان الداودي، نشر: دار القلم الدار الشامية –دمشق، ج1، 482

([7]) المصدر نفسه، ج1، ص402

([8]) سورة الحج، آية 46

([9]) ينظر: الفيض الكاشاني، محسن، تفسير الصافي، ط3، مؤسسة الهادي-قم 1374ق، ج3، ص383

([10]) المصدر نفسه، نفس الصفحة

([11]) المصدر نفسه نفس الصفحة

([12]) المصدر نفسه نفس الصفحة

([13]) الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة، ج 20، ص 234

([14]) اطلع كتاب الراغب

([15]) ينظر: الطباطبائي

([16]) ينظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 20، ص 234

([17]) سورة الزمر، آية 22

([18]) الريشهري، محمد، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ ، تحقيق: مركز بحوث دار الحديث

وبمساعدة: السيد محمد كاظم الطباطبائي، السيد محمود الطباطبائي نزاد، ط2، ج10، ص82

العلم
الايمان
التفكير
الشخصية
الدين
الانسان
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة

    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية

    دراسة جديدة: بخاخ أنف شائع قد يساعد على الوقاية من "كوفيد-19"

    الإمام الصادق.. بين المحنة وصناعة المستقبل

    المرايا المشوّهة: كيف نصنع انعكاساً أوضح لأنفسنا؟

    ظواهر علم الإمام الصادق

    آخر القراءات

    لقطات على الكورنيش

    النشر : الأحد 26 تموز 2020
    اخر قراءة : منذ 16 دقيقة

    أزمة في الميزان

    النشر : الأربعاء 01 تشرين الثاني 2023
    اخر قراءة : منذ 16 دقيقة

    التعب الروحي المعوق الرئيسي لنمو الإنسان

    النشر : الخميس 04 آيار 2017
    اخر قراءة : منذ 16 دقيقة

    طرق للكسب نتائجها معكوسة

    النشر : الأثنين 09 آذار 2020
    اخر قراءة : منذ 16 دقيقة

    هندسة الجهل: كيف تُصنع أصنام الخرافة على حطام العلم؟

    النشر : الأحد 09 شباط 2025
    اخر قراءة : منذ 16 دقيقة

    مامدى خطر النكهات الطبيعية؟

    النشر : الأحد 12 حزيران 2022
    اخر قراءة : منذ 17 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 532 مشاهدات

    مولد النور: في ذكرى البعثة المحمدية التي أنارت للبشرية الدرب

    • 474 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 409 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 358 مشاهدات

    دليل المرأة المسلمة في العشرة الزوجية المباركة

    • 356 مشاهدات

    الرأسمعرفية: المفهوم والدلالات

    • 336 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1191 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1156 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1080 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1078 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1060 مشاهدات

    أربعينية الحسين: ملحمة الوفاء وتجسيدها الحي في عطاء المتطوعين

    • 889 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة
    • منذ 16 ساعة
    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية
    • منذ 16 ساعة
    دراسة جديدة: بخاخ أنف شائع قد يساعد على الوقاية من "كوفيد-19"
    • منذ 16 ساعة
    الإمام الصادق.. بين المحنة وصناعة المستقبل
    • الأحد 14 ايلول 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة