الحياة تدعو كل شخص لأن يكون له إنجاز فيها، ولكن اكتشاف هوية هذا الإنجاز يرجع إلى هذا الشخص نفسه.
هل يمكن أن يعيش الإنسان بلا هدف؟ ليس الهدف مجرد حلم نتمناه أو خيال نعيش فيه لنهرب من الواقع، الهدف هو القاطرة التي تدفع مراحل حياتنا إلى الأمام، الأهداف تعطينا أملا في الحياة، وقوة دافعة للاستمرار؛ فالشخص عندما يفقد الهدف لن يجد معنى لهذه الحياة، عندها سيرغب في تركها.
تعجبنا كثيرًا من ارتفاع معدلات الانتحار في سويسرا رغم أنها بلد تحققت أحلام كل من فيها، بل صارت أنموذجا تتمنى كل الدول الوصول إلى مثاله لكن السبب أن كثيرا من سكان هذا البلد السعيد حقق كل أحلامه حتى لم يعد له هدف يسعى إليه؛ ففقدت الحياة معناها فكان طبيعيا أن يفقد حياته بإرادته.
ولعل الصورة الأوضح التي نراها كثيرا في حياتنا هذا الشخص الذي يحال للتقاعد فيموت بعد أيام قلائل لأنه فقد القوة الداخلية الدافعة للحياة، وهي الرغبة في تحقيق الهدف.
في أحد المعتقلات أثناء الحرب العالمية الثانية نجا شخص واحد من بين كل ثمانية وعشرين شخصا، ولم يكن هذا الشخص الأكثر صحة أو ذكاء أو تغذية، لكنه كان شخصا عنده هدف يحيا من أجله ومهما كان تقديرنا لهذا الهدف، المهم أن هذا الهدف هو السبب الذي أعانهم على المرور بهذه المحنة العظيمة جدا.
إننا لا نستطيع أن نعيش فترة طويلة بلا هدف؛ لذا إن لم يكن لك هدف واسع إلى إعداد قائمة أهدافك؛ لأنك فعلا بحاجة لهدف.
وقد تكون هناك عوائق أمام الأهداف التي تود الوصول إليها في حياتك؛ فقد يرى البعض أنهم عاجزون عن تحقيق هدفهم، أو أن أهدافهم غير مثالية فيتوقفون عن السعي لتحقيق أهدافهم.
إن السيد متولى يفكر جديا في أن يكمل تعليمه، لكنه غير واثق في قدرته على تحقيق الهدف، كما أنه غير واثق من جدوى هذه الخطوة عليه، لكنه حتى وإن اتخذ قرارًا أن هذا الهدف غير صالح له، أو غير مجد؛ فهذه خطوة جيدة لأنه عندها سيعرف أن عليه البحث عن هدف آخر. الفارق بين الناجحين في حياتهم والتعساء أن الناجحين يرون أن التجارب الخاطئة في حياتهم تجربة مفيدة لهم وعليهم أن يستفيدوا منها، ويخرجوا منها بدروس مستفادة، أما التعساء فيرونها فشلا ذريعا قد يقضي عليهم.
ابدأ في تحقيق هدفك
هل هدفنا هو تحقيق هدفنا فقط، أم أن هناك فوائد يمكن أن نجنيها بجانب الهدف الفعلي الذي نسعي لتحقيقه؟
الحقيقة أن ما نتعلمه أثناء سعينا لتحقيق الهدف أهم من الهدف نفسه؛ فالتجربة تقوي شخصيتنا، وتمنحنا الكثير من النضج؛ فكثيرا ما نسمع في بلادنا عن أن هذه الورقة التي نحصل عليها في نهاية رحلة كفاحنا التعليمي لا تساوي هذا المجهود الذي بذل من أجلها ولو نظرنا بصورة أعمق سنجد أن هؤلاء الذين عرفناهم على مدى هذه الرحلة والمعلومات التي تلقيناها والكتب التي قرأناها قد أثرت كثيرا في بناء شخصيتنا.
وكذلك الأمر إذا قررت البدء في مشروع جديد ليس المهم المشروع لكن الأكثر أهمية ما ستعلمه من التجربة.
الهدف الأهم من هو التحول في شخصيتك بعد محاولة تحقيقه؛ فقد تكون أكثر شجاعة وعزما، أو أقدر على الإقناع أو أقدر على تنظيم أفكارك، أو أشد احتمالا للأمور، أو أكثر تحكما في نفسك أو أشد ثقة فيها المهم أنك ستكسب علما وتجربة، وقد تحصل على شريكة حياتك المناسبة عندها قد تشعر أنها المحاولة الأثمن في حياتك.
عليك وأنت تحاول الوصول لهدفك أن تتعلم من الطبيعة؛ إننا أمام قدرتنا على تحقيق أهدافنا أحد شخصين: إما هذا الشخص المتفائل الذي يرى أنه قادر على تحقيق أحلامه يقول: سأتعلم وأفعل كل ما يتطلبه هذا الأمر، أو نكون هذا الشخص المتشائم الذي لا يتعلم ويهدر الفرص، ولا يعمل أنه لا فائدة، والغريب أن نبوءته تتحقق بجد لأنه يؤمن سيجني الشخص الأول ثمرة أفكاره التي يعتنقها، وسيكون نجاحه له مذاق أكثر روعة، أما هذا المتشائم سيهرب من تحمل المسئولية، وقد يكتسب تعاطف الأخرين؛ فالتظاهر بالعجز وقلة الحيلة وسيلة ذكية ومقنعة جدا، لكنه لن يحصل على النجاح الذي لا يتمناه كثير من الناس، لكن %٣ فقط من يستخدمونها حياتهم، وهم غالبا ما يقومون بكتابة هذه القوائم لتنظيم الحفلات، أو لتذكر ما يحتاجون لشرائه من السوق، وعلينا أن ندرك أن تنظيم حياتنا أهم كثيرًا من تنظيم حفلاتنا، وأن عمل قوائم لأهدافنا ليس كل ما نحتاجه لتحقيق أهدافنا، لكنه يحدد لنا المنهج، ويساعدنا على الوصول لأهدافنا.
اضافةتعليق
التعليقات