أصبحت حالات تزايد الطلاق في العراق ظاهرة واضحة للعيان تنتج بسببها أسر متفككة تعيش ظروفا صحية ونفسية وفي نفس الوقت تعد ظاهرة تزايد الطلاق في العراق من أخطر الظواهر التي يمكن أن يتعرض لها اي بلد في العالم بوصفها سببا جوهريا في تقويض دعائم الأسرة وتشتت افرادها ومايترتب على ذلك من خلل كبير في النظام الإجتماعي القائم على تماسك وانسجام الأسرة لكونها تشكل النواة الأولية في المجتمع البشري بصورة عامة.
وبسبب تلك التداعيات الخطيرة والأضرار الناتجة عن حالات الطلاق فقد وضعت الشرائع السماوية ومنها الاسلام وكذلك القوانين الوضعية لعقد الزواج قواعد وأسسا وأصولا تشعر المتزوجين بأنهم يقدمون على خطوة مصيرية تربطهم برباط مقدس قائم على الألفة والمحبة والتراحم.
ولاتنفك أواصره إلا للضرورة القصوى، ولم يكن العراق ومنذ تشكلت دولته الحديثة في عشرينيات القرن الماضي متميزا عن باقي بلدان العالم العربي في مختلف النواحي العمرانية والفنية والادبية وفي النظم وتشريع القوانين فحسب بل كان متميزا كذلك باستقرار الأسرة العراقية وتماسك أواصرها.
فبعدما بدأت الجهات القضائية ودوائر الاحوال المدنية بتسجيل عقود الزواج والطلاق بصورة رسمية لم يسجل أي ارتفاع ملحوظ في معدلات حالات الطلاق في المجتمع العراقي بل ان حالة الطلاق اذا وقعت في اسرة معينة كان ذلك حريا بأن تتعرض تلك الاسرة للانتقاد بل وحتى الرفض من قبل محيطها لكن الظروف المتردية والحروب الطاحنة التي تمر بها البلد بسبب تعاقب أنظمة الحكم على مقاليد الأمور في البلاد والتي بأعبائها الثقيلة اثقلت كاهل العراقيين وبددت ثرواتهم ومواردهم التي حباها الله اياهم كانت نتائجهم سلبية على تماسك الأسرة العراقية واستقرارها فأخذ مؤشر الطلاق يأخذ منحنيا تصاعديا.
إلا أن معدلات الطلاق لم ترق الى ان تكون بمستوى الظاهرة الاجتماعية البارزة وقد تفاقمت ظاهرة الطلاق في العراق بعد الانفتاح والمتغيرات التي شهدتها البلاد بعد عام 2003 قاد بدوره الى تبدل الكثير من المفاهيم الاخلاقية والمجتمعية.
ولم نكتفِ حول هذا الموضوع المؤلم. تعالوا نستمر ونأخذ المزيد في سياق هذا التحقيق..
وكانت وقفتنا الاولى مع الباحثة الاجتماعية زينب الشمري حيث قالت: إن ارتفاع معدلات الطلاق بشكل كبير في عموم العراق له اسبابا جمة منها اقتصادية وخصوصا البطالة وأخرى اجتماعية، والزواج والطلاق قد يكون بناءا على رغبة الاهل او بسبب اواصر القرابة القوية التي تجبر الرجل على زواج من احدى قريباته دونما رغبة منه وهذا يحدث خصوصا في المحافظات التي يتغلب عليها الطابع العشائري...
أما الباحثة الاجتماعية زهراء الظالمي تقول: إن تزايد حالات الطلاق في العراق سببه الوضع الأمني وحملات التشريد والضغوط التي نعيشها اليوم من كل جانب وهي الضغوطات الطائفية مضافة الى ذلك زيادة معدلات البطالة وغياب فرص العمل ومنها التعيين والإهمال والتجاهل وتعدد الزواجات احيانا يؤدي الى الطلاق.
أما المواطنة علياء الجبوري/ مطلقة والتي تبلغ من العمر 26سنة: تقول ان تجاهل زوجي للحياة الزوجية بشكلها الصحيح جعل حياتنا لاتستمر سوى ستة اشهر. وهذه الفترة التي قضيتها معه كانت من اسوأ أيام حياتي معه فلم يدرك حقيقة ومعنى الزواج ولم يكن يهتم ببناء اسرة اضافة الى إهماله اللامتناهي وعدم مراعاته للحياة الزوجية وايضا كان يقضي كل اوقاته على الانترنيت ليلا وصباحا وناسيا أن هناك توجد له زوجة وبيت يحتاج الى اهتمام ومراعات فهذه هي جزء من الاسباب التي ادت الى طلاقنا...
أما المواطنة مها علي وهي مطلقة ايضا وتبلغ من العمر43 سنة، تقول: مضت فترة طويلة من الصبر على الظروف التي واجهتها مع زوجي بالإضافة الى زواجه باخرى مما افسد علينا حياتنا وشتتنا بعد ان منى الله علينا وارزقنا بولد وثلاث بنات وتحملنا تلك الايام الحلوة والمرة معا، فالمشاكل اصبحت بشكل يومي ومستمر ولاتطاق فكان امامي الخيار الوحيد وهو الطلاق..
بعدما سمعنا آراء النساء المتزوجات والباحثات.. في نهاية هذا المطاف نقول ان مصيبة الطلاق اصبحت من اعظم المصائب التي كثرت في الآونة الاخيرة في المجتمع العراقي بسبب عدم وجود مساحة للحوار وتفاهم بين الزوجين فلاتوجد تلك الصراحة المطلقة بينهما اعني بين الرجل وزوجته في جميع الامور الخارجية للحوار عند الطرفين في مناقشة اي مشكلة وهذا طبعا خطأ قاتل في الحياة الزوجية ونهايته معروفه وهي الطلاق...
اضافةتعليق
التعليقات