الحب عبادة هكذا يمكن تلخيصه بكلمة، وليس بالضرورة أن نأتي بشروح يطول المقام أو المقال بذكرها، سنندهش حقيقة ونضيع إذا ما حاولنا أن نلبس الحب لباس أيدلوجياتنا المختلفة والمتباينة، فنعود بالضرر عليه لأننا سنقع في مطب تقزيمه بدل عملقته، وافقاره بدل إثرائه وإغنائه.
الحب كما الإحسان توأمان أجدهما أمامي ماثلان بقوة، إن ذُكر الأول ذُكر الثاني مباشرة بلا أي فاصلة.
أن تحب الآخر مهما كان شكله.. انتماؤه.. دينه.. طينته.. ووو، يعني أن تكون محسنا له بمقدار حبّك له، أن تتقبله وتتحمّله وتدعو له وترضى له ما ترضاه لنفسك وتكره له ما تكرهه لنفسك، وزيادة على ذلك أن تُحسن مجاورته إن كان لك جارا، وتصدق في معاملتك إيّاه، فلا تأكل حقه لأنه مخالف لك في دينك وعقيدتك..
من ضمن الأسئلة الواردة للمرجعية الدينية السؤال التالي: هل يجوز للمسلم أن يسرق من الكفار في بلاد الكفار كأوروبا وأمريكا وأمثالهما؟ وهل يحقّ له أن يحتال عليهم في أخذ الأموال بالطريقة المتعارفة لديهم؟
أجاب قائلا: لا تجوز السرقة من أموالهم الخاصّة أو العامّة، وكذا إتلافها إذا كان ذلك يُسيء إلى سمعة الإسلام أو المسلمين بشكل عام، وكذا لا يجوز إذا لم يكن كذلك، ويعُدّ غدراً ونقضاً للأمان الضمني المعطى لهم، حين طلب رخصة الدخول في بلادهم، أو طلب رخصة الإقامة فيها، لحرمة الغدر ونقض الأمان بالنسبة إلى كلّ أحد.
(فالعيش المشترك) المُطالب به ليس مختصا بفلان دون غيره، بل نحن جميعا مطالبين به، لكي نعبّر عن شعورنا بالرضا لمن يقاسمنا رحلة العيش على سطح هذا الكوكب، إنّ من يزرع حبّا يحصد حبّا، ومن يزرع كراهية سيحصد كراهية بقدرها.
الفيلسوف البريطاني (برتراند راسل) في إحدى أواخر مقابلاته -التي أجريت وهو في عامه التسعين- سُئل عن الرسالة التي يوجهها للأجيال القادمة فأجاب: الذي أتمنى قوله لهم هو بسيط جداً، أود أن أقول: الحب حكمة والكراهية حُمق، في هذا العالم الذي يترابط أكثر وأكثر بشكل وثيق، علينا أن نتعلم التسامح مع بعضنا البعض، علينا أن نتعلم التصالح، مع حقيقة أن بعض الناس قد يقولون ما لا نحب، بهذه الطريقة فقط نستطيع أن نعيش معاً، ولو أردنا العيش معاً -لا الموت معاً- فإنه يتوجب علينا تعلم شيء من الإحسان والتسامح، الأمر الذي يعتبر حيوياً للغاية لإستمرار الحياة البشرية على هذه الأرض.
كم هو جميل أن ننفتح على الجميع، على اختلاف مذاهبهم وانتماءاتهم، لنفهم بعضنا بعضا ولنستمع إلى بعضنا، فإنّ ذلك من دواعي العيش المشترك، وإذا استدعى الأمر لنكون إطفائيين، نسعى إلى إطفاء نيران الكراهية والتباغض، والتي تتحرك عبر الكلمات والمواقف.
أن نقول للذين يصبّون الزيت على النار: كفاكم تفريقا وكراهية .. ساهموا أرجوكم بتقريب البشر، ولا توسعوا فجوة الشقاق والفرقة.
لنتيقّن جميعا أنّ الحياة لا تحمل الحقد، لأنّ الحقد موت والمحبّة حياة..
يقول أحد الحكماء: إنني أؤمن بحقيقة وهي أنّ عليك أن تحب الذين يخاصمونك لتهديهم، وتحب الذين يوافقونك لتتعاون معهم، وإنني أحب الذين ألتقي بهم لأتعاون معهم على البر والتقوى، وأحب الذين أختلف معهم، لأتعاون معهم في الحوار من أجل الحقيقة.
فالمدار هو الحب.. الحب فحسب.
اضافةتعليق
التعليقات