حفظ الهوية الدينية إحدى الأشياء التي كانت مهمة وخطيرة دائما، ولكنها أضحت في هذا العهد أكثر أهمية وخطورة، فيما مضى كانت هنالك حالة إنغلاق بين الأديان والمبادئ والحضارات، أو كانت هنالك شبه حالة انغلاق تسود مجتمعات العالم، حيث كانت كل مجموعة تعيش في فلكها، ولكن هذه الحالة تغيرت في العهود الأخيرة.
وذلك على أثر عوامل متعددة من جملتها: عامل الهجرة إلى بلاد الغرب وإلى بلاد الشرق، وعامل الانفتاح الذي حدث فيما بين المبادئ والحضارات، وعامل العولمة الثقافية، الذي يعد من أخطر العوامل، ولعل بعض المتدينين منا لا يفهم خطورة العولمة الثقافية، كما أن بعضنا ربما لا يفهم تمام الفهم خطورة العولمة الإقتصادية والسياسية والاجتماعية.. كل هذه العوامل جعلت من الحفاظ على الهوية مهمة خطيرة .
إن انفتاح الفكر والحضارة والفلسفة الغربية في النظر إلى الكون والحياة خطر لا يهدد الذين ذهبوا إلى بلدان الغرب فقط إنما يهدد حتى الأولاد في بيوتكم، فكيف يمكن أن نواجه هذا الخطر؟
كيف يمكن أن نحافظ على هويتنا؟
إن القضايا في هذا المجال كثيرة ومفجعة ولا مجال لذكرها الآن. هي محاولات سحق الهوية، إننا نعتقد بأن من أولى الخطوات التي يقوم بها الأجانب الكفار لسحق هويتنا هي محاولة إبعادنا عن الإمام الحسين (صلوات الله عليه) وعن شعائره .
لا تعنينا التجارب التاريخية حالياً لأنه من الصعب القياس عليها في هذا العقد من الزمان وفي ظل هذه التطورات المستحدثة .
فإذا نجح المعارضين للشيعة والتشيع من أخذ الإمام الحسين عليه السلام منا، وهي خطوتهم الأولى فإذا نجحوا في الخطوة الأولى فسينجحون في الخطوة الثانية وهي القضاء على هويتنا كشيعة والنجاح في محو الشعائر التي هي أساس خلود الحسين عبر الأزمنة .
فإذا فشلوا في الخطوة الأولى سيفشلون في الخطوة الثانية. إن الفرد الذي يملك مثل هذا الحب العظيم لسيد الشهداء ويعيش في هذه الأجواء الروحانية، هل يمكن أن يفقد دينه وهويته؟
الجواب يطول ويجر خلفه كثير من التساؤلات، ففي حالة كون الشيعي دينه مستودع في قلبه وليس مستقراً ويفقد التزامه الديني أمام معصية لها لذة بضغط مباشر وغير مباشر فاحتمالية أن يفقد الإنسان هويته الدينية كبيرة جداً ولكن يبقى أمل الرجوع والتوبة مفتوحاً فأبواب الله واسعة في كل الظروف وشتى الأحوال.
لقد رأينا كثيراً من الذين نموا في مثل الأجواء الحسينية والشعائر العاشورائية ثم ذهبوا في ذلك الخضم المتلاطم في الغرب، بقوا محافظين على هويتهم لكن واجهتهم صعوبات كثيرة خصوصاً في تربية أولادهم في معترك الثقافات الغربية البعيدة عن ديننا الحنيف.
اضافةتعليق
التعليقات