نعم إنني أشم رائحة الموت، تستطيع أن تقول إنني أصبت بالقلق وجننت!.
نعم إنني أخاف أن أودع زوجي في الصباح عندما يستعد للرحيل إلى العمل (طبعا إذا لم يكن لديكم مانع لأننا لا نستطيع أن نخبر معدة أطفالنا بأنه ماكو وطن ماكو أكل) ماذا لو لم يرجع؟
ماذا سنفعل؟ ماذا لو افتقد صغيري عندما يذهب إلى الخباز ليجلب لي الخبز كي نأكل كسرة خبز ونبتسم لأننا لازلنا أحياء؟
ماذا لو فقدت ابنتي عندما تذهب إلى المدرسة لتبني مستقبلها وتخطط لتحقيق أمنياتها البسيطة؟
ماذا لو افتقدهم وأكون كتلك الثكالى اللاتي لا يستطعن اغماض جفونهن في الليالي، أصبت بمرض التفكير لا أستطيع النوم بسهولة، الأمر اشبه بعاصفة غاضبة في رأسي كأنها تريد أن تنتقم من الجميع لأنهم أيقظوها من نومها العميق وأثاروا غضبها ولكن لا أعرف ماذا أفعل بها وكيف أهدئها!.
عندما أضع رأسي على الوسادة أسمع صوت صراخ الأطفال، نظراتهم تقتلني وتقطع نياط قلبي ألم تسمعوا تلك الأصوات؟
إنهم ينظرون إلي بنظرة حزينة نظرة الرجاء كأنهم يطلبون مني أن أجند قلمي لأكتب عن لحظاتهم الأخيرة عن حياتهم البسيطة عن آمالهم الطفولية بما إنني أكتب أحب أن أخبركم بأن أحدهم أخبرني إنه كان يحلم بارتداء حذاء جديد كما يملك صديقه في المدرسة كان يحكي معاناته في الشتاء عندما يدخل الماء في حذائه وكانت تغرق رجليه التي كانت تفر من هذا العالم الكبير لترتاح في حذاء مرضوض أحياناً، ليس أمامنا سوى التسليم، يجب أن نعانق أنفسنا ونغمض جفوننا ونبكي بهدوء كي لا نؤذي من حولنا ونزيد جرحاً فوق جروحهم، أحياناً يجب أن ندعو الإنسانية لترحمنا وتشعر بآلامنا التي تثقل كاهلنا.
بينما كان يشكو من أحلامه البسيطة جاء ذاك الآخر، لأكون صريحة معكم جماله جعلني أطيل النظر إليه ياترى لم يروا ذلك الوجه الملائكي؟
كيف استطاعوا أن يطلقوا الرصاص؟
كيف لهذا الجمال أن يختفي تحت التراب؟
لم يكن في جيبه سوى خمسة آلاف دينار ياترى إلى أين كان يذهب؟ ربما كان يعرف بهذا المبلغ الضئيل لا يستطيع أن يشتري أي شيء سوى الموت لهذا السبب شعرت والدته بالقلق وعرفت بأنه أصبح مستطيعاً ليلبي نداء الموت ويتحرك نحوه ويسلم نفسه تسليما، إنه لجأ إلى الموت دون أن يخبر أي أحد من عائلته لأننا نعرف جميعا لحظات الوداع من أصعب اللحظات على الانسان ذهب كي يفسح المجال لقادة بلده إنهم يشعرون بالضيق ويطمعون للحصول على المزيد من الأماكن ليبنوا مستقبلهم ومستقبل أطفالهم، ربما أطفالهم أعز من أطفالنا وهرمون الأبوة في عروقهم أكثر من آباء بلدي.
إنهم يهجمون علي، صوتهم لا يطاق أبداً ربما علي أن أطفيء زر التشغيل لأتوقف عن التفكير ولكن الدواء غال ولا يستطيع أمثالنا شرائه إنه متوفر لقادة وطني فقط!.
في كل لحظة يأتي أحدهم ويلوح لي كي أكتب عنه وعن قصصه الغريبة المحزنة ولحظة رحيله المفاجيء ولكنني بين لحظة وأخرى أفقد الشهامة على مواصلة الطريق أصبت بمرض التفكير والوطن لا يتركني لأكون بسلام.
إنني أنزف كوطني.. ولكن لا نجاة إلا بظهور صاحب الأمر ليملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، هتفناجميعاً نريد وطن، ولكن نسينا جميعاً بأن الفِتَن ستبقى! اذا ماهتفنا بصوت شجن، منك الأمان ومنك النجاة وأنت الوطن.. يابن الحسن.
قال مولانا الحجة عجل الله فرجه الشريف: (ولو أنّ أشياعنا، وفّقهم الله لطاعته، على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم؛ لما تأخّر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجّلت لهم بالسعادة بمشاهدتنا).
اضافةتعليق
التعليقات