أقامت جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية جلسة نقدية إلكترونية حول المجموعة القصصية (نساء حول الشمس) بحضور الكاتبة والأستاذة تسنيم الحبيب من دولة الكويت، وبدأت الجلسة حول أهمية الكتابة وتسليط الضوء على قصص نساء أهل البيت (عليهم السلام) وتعتبر هذه الخطوة إنجازا عظيما يحمد عليه.
قالت الحبيب عن قصة في حضرة الغائب: هناك ميزة مختلفة في هذا النص عن باقي النصوص فقد كتب النص بلغة المخاطب هنالك شخصية غائبة لكنها حاضرة في أسس القصة بين خبايا الأحداث وهي المختار الثقفي، طيلة النص يخاطبها ولكن بسرد المخاطب الغائب، مع وجود الزمان والمكان ولم يعرف القارئ بعد عن هذه الشخصية بغموض الأحداث وحبكة النص، ويعتبر من النصوص الصعبة.
"تقفين أمام المرآة بكل شموخ، تنظرين إلى صورتك المعكوسة وتبتسمين ابتسامة لها ألف معنى في قلبك، تلك الابتسامة التي احترت في تفسيرها دهرا من العمر، كنتِ تطلقين عنانها في لحظات الانتصار... لأقول لكِ بعدها" .
حيث نجحت الكاتبة في اختبار السرد المخاطب من ناحية العنوان المرتبط مع الحدث والشخصية الغائبة كلاهما متوفر في خلايا النص السردي لكنها قد تجد هناك بعض الصعوبة في الاحتفاظ على الأحداث من دون التركيز على الشخصية وهذا ما حصل في هذه القصة.
يا ترى ماذا كنتِ ترين في المرآة يا عمرة؟، ترتبين وشاحك الأبيض، ذاهبة إلى موتكِ بقلب مطمئن.. ربما اخترتِ الأبيض، لأنه صافٍ جدا، وواضح كموقفكِ مع الحق، كنتِ تكرهين الرمادي، كنتِ تقولين لي مازحة: أنه لونٌ مزعزع ومنافق، وأنتِ واضحة وثابتة في خطواتكِ... أو ربما اخترتِ الأبيض لكونكِ تعرفين بأن لا عودة لكِ هذه المرة، وإنها نهاية هذا الطريق، ليكون لكِ هذا الأبيض كفنا يحتضن جسدكِ الملائكي.
والكاتب الناجح من يستطيع أن يمسك العصا من المنتصف بين الشخصية والحدث، والنص ماذا قدم للقارئ أحداث، وشخوص.
النص يتطرق إلى ثورة المختار وزوجته السيدة عمرة، وهناك شخصيات كان لها حضور هامشي مثل السيدة زينب عليها السلام والإمام علي (عليه السلام) ويتمركز هذا النص حول (السيدة عمرة) من خلال الحقبة الزمنية، "وكنتِ شامخة وأنتِ تسيرين بخطواتٍ ثابتة نحو مصيركِ المعلوم إلى مجلس ابن الزبير، وعلى يمينك أم ثابت، كلتاكما امرأة ولكن شتّان بين أم حرة وأم ثابت، شتّان بين من تمشي ويتساقط منها العزة والشموخ وبين من تمشي مكسورة الظهر يتساقط الخوف منها كعرق غزير.
لم تُنزلي رأسكِ لشامت قط، عزيزةٌ حتى بعد قتلي كما وصيتكِ تماما، لم تبكِ ولم تشقّي عليّ جيبا لأنك واعية بأن مصيبة زينب (عليها السلام) لم تكن أهون من مصيبتك.
كنت خير ناصرة لدينك يا عمرة، إذ تجلت صفات النصرة في ثناياكِ بأقوالهن، كنتِ وفية في وجودي وأوفى في غيابي، لم يؤثر غيابي على إيمانك ذرة واحدة، بل زادك قوة وإصرارا كنت تستندين عليّ في لحظات المحن، فأعزِّز إيمانك بقوتكِ الكامنة التي في داخلكِ ليسطع نور الحق من بين ثناياكِ، وبالرغم من إنني لست موجودا اليوم إلاّ انكِ كنتِ وفيّة أيضا لدينك، نَصَرتي الدين بالرغم من تكاتف الأعداء على إسلام محمد وآل بيته (عليهم السلام)، بيّنتِ للعالم بأن الناصر الحقيقي لدين محمد وآل بيته هو من يكون ناصرا ومطيعاً ووفيا لهم سواءً في وجودهم المادي أو في غيابهم، ولم تُؤْثِرْي عَمىً عَلى هدىً ولم تميلي من الحق إلى الباطل وأثبتّي بموقفك هذا يا عمرة بأن النصرة الحقة تحتاج دائمًا إلى وفاء عظيم بحضور صاحب الحق وحتى في غيابه.
وهي تكمن في الفرق في ما بين حين يكون المخاطِب (جزء من شخصيات النص أو يكون الراوي) الكاتبة اختارت المختار الثقفي هو الراوي، لكن عندما تتحدث في النص لا تجعل الراوي يعلم كل شيء من حيث تفاصيل الحدث فهناك تحدي في بناء النص من ناحية المخاطب والراوي ومحور وجود حدث حقيقي، ولذا لا يمكن أن نقول ما كُتب في النص خطأ لكن فقط حتى لا نقع في الشبهة لأن الراوي ظهر لنا (بأشياء الإنسان الحي شعور بالفقد وللخروج من مثل هذا المأزق ماذا نفعل؟ النص جميل جدا ممكن لو كان ميتا لم يكن ليشكو الفقد لأنه متلقٍ بها ولا يؤثر ما ذكرت في جماله أبدا، نحن فقط نسعى لقدر أكبر من الإكتمال.
وفي نهاية الجلسة قالت القاصة زهراء وحيدي: شكرا لجنابكم الكريم على هذه القراءة الدقيقة للنص والتركيز على نقاط الضعف فيها لتقويتها وتقويمها أكثر، فعلا كانت ملاحظات مهمة إن شاء الله تأخذ على محمل الجد ويتم مراعاة النقاط التي ذكرتموها في الأعمال القادمة مع فائق الشكر والتقدير لجهودكم المبذولة أستاذتنا العزيزة..
اضافةتعليق
التعليقات