ستشهد البلاد رياحا ملتهبة لثلاثة أيام متتالية فنرجوا منكم أن تتوخوا الحذر عند الخروج من منازلكم خوفا من إصابتكم بأي أضرار بليغة.
يا إلهي أين هاتفي يجب أن أتصل بها الآن!، نعم إنها توأم الروح!.
الصداقة نعمة لا نستطيع أن نوفي حقها بكلمات وإنَّ من امتلك صداقة دامتْ لأكثر من أن تُعد يحق له أن يقول هذا الصديق أو الصديقة هو توأمي، نعم إننا نتشابة كثيراً، نشعر دائما أن الله جعلنا مع بعض لأنه يعلم مدى تشابهنا.
نسمع مثل هذه الأحاديث كثيراً وهي أيضا تُطبق على الزميل والزميلة، الزوج والزوجة، الأخوات، الإخوان وغيرهم.
على الرغم من الإيمان المُطلق بهذا فهناك واقع عكسي ينفي هذه النظرية، سأبرهن بمثال واقعي، لو أنجبت أماً توأما من الفتيات والتزمت طوال فترة تربيتهم بأن يرتديا الثياب نفسها ويقصا قصات الشعر ذاتها ويسعيا لأن يكونا متماثلتان لأنهما يؤمنان بأنهما خلقا توأما.
ولكن عندما شبّا لهذه الدنيا إكتشفت إحدى الفتيات أنها تهوى قرءاة كتب التنمية البشرية
والأخرى تهوى قراءة الروايات الرومانسية أو أحداهن تعشق الطبخ بتفاصيلة الجذابة والأخرى تهوى التصوير بزواياه الدقيقة!، فما فلسفة هذا الإختلاف؟! أجل إنهم قد نشأن من الرحم ذاته
واعتادا دوما أن يكونوا متماثلتين ولكن ماذا حدث فجأة لتنقلب الآية في مثل هذا الاختلاف والذي يميز بينهن بأنهن لسن متماثلات مئة بالمئة؟!
نمتاز جميعا بأفكار وأفعال وإعتقادات تميزنا عن من حولنا وإن كان فعلاً قد خُلقنا متشابهين لما تطورنا ولما تقدمنا خطوة واحدة إلى الأمام، فلقد منحنا الله خيالا واسعا أشبه بالبحر نسبح فيه متى ما شئنا.
نحن أصدقاء بغض النظر عن اختلافنا في أشكالنا، جمالنا، هواياتنا ومواهبنا، هناك من هو أهم منهم جميعاً هو اختلافنا في طريقة تفكيرنا وخيالنا.
أجل الجميع يختلف في طريقة تفكيره وإن صبوا جميعا في غاية واحدة ولكن نرى دائما طريقة التفكير تكون مختلفة، لنقرب الكلام بمثال واقعي، عندما أرسل أحد أساتذتي صورة إلى تلامذته
وقال لنا "أكتبوا وصفاً لهذه الصورة وماذا عنت لكم عند مشاهدتها"، قرأت التعليقات بنفسي، وكانت الأجوبة بأن كل شخص نظر إلى هذه الصورة بطريقة متميزة جداً وجذابة وكل منهم يختلف عن زميله وزميلته فمنهم من ترجمها بحسب تخصصه ومنهم من ترجمها بحسب جمالها ومنهم من إكترث بوصفها فحسب ولم يتعمق فيها أكثر.
هكذا نحن جميعنا نختلف في طريقة تفكيرنا وفي طريقة خيالنا، ترى هل أنعم الله علينا بهاتين النعمتين عبثاً؟! {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا}، فكل شيء وكل تفصيل صغير خُلقنا منه لهُ غاية، فما مدى استفادتنا إلى الآن من خيالنا؟! هل واكبنا الدول المتقدمة به؟! هل سعينا لأن نطوره ونبثه في عقول أطفالنا منذ نعومة أظفارهم؟!
الأم؛ أنتِ نبعٌ للحنان، ولكن الحنان لا يقتصر على أن تُطعمي أطفالكِ وتخشي أذيتهم دوما، إن كنتِ تحبينهم فعلا يجب أن تغرسي في قلوبهم وعقولهم حب السؤال عن ما يجهلوا ومن ثم يتعمقوا في التفكير بالإجابة التي حصلوا عليها، على شرط أن لا يذهب هذا السؤال والفضول من دون الإكثرات به أو أن تقع أفكارهم في الوحل وكأنها لم تُنر في عقولهم منذ الأساس ولم تُطرح أبدا.
الأب؛ إن كنت تحرص على أن توفر الطعام والمال وسبل الراحة لأبنائك وتسعى دوما لأن تحميهم من كل أذى يعتري مستقبلهم فلا تنسى أن تحمي عقولهم وأفكارهم، يجب أن تغذيها أيضا، فكما تغذي أجسادهم وتنظر لها بفخر وهي تنمو أمام ناظريك فلا تنسى أن تغذي عقولهم أيضا.
أول حب للأطفال هم الأباء والأمهات ويجب عليهم بالمقابل أن يحترموا هذا الحب ويوفوه حقه، نحن الآن يا أعزاء نعيش مع علماء أو مفكرين، نعيش مع منتجين في المستقبل، نعيش مع أصحاب شركات أو أصحاب أسواق أو مصانع أو حتى نعيش مع عامل نظافة أو صاحب محل للخضار.
فلو كان أبناءنا في المستقبل أحد هؤلاء يجب أن يتميزوا بأفكار مبدعة تميزهم وتعزز من عملهم ليصنعوا الجمال في حرفهم. لأنهم لو لم يعملوا بما يميزهم ستحل الروبورتات محلهم في المستقبل!.
"ابناءنا لا يسمعوننا بل يلقدوننا" وهذا ما علينا الإلتفات له قبل تعليمهم، أي أن نرى أنفسنا أولا ونسأل، أين نحن من هذا العالم؟!.
يقول عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، البلدان المتقدمة بدأوا بالتقدم بأن قاموا بتطوير البنى التحتية للمجتمع وهم الأطفال، قاموا بتغيير طريقة تفكيرهم فأنتجوا ما انتجوا نتيجة ذلك. فبداية اختراع الهاتف المحمول كانت مجرد فكرة وبداية الصعود إلى القمر كذلك وكل تفصيل وكل علم في هذا الوجود تطور وبدأ من فكرة أُنيرت في عقل شخص ما.
المعلم قد يجرح طفل جرحا يبقى لسنوات فما أخطر وظيفتهُ!، وقد ينجح في تطوير جيل بأكمله.
المعلم؛ يتعلم الأجيال على يديه فهو أحد أعضاء هذه العائلة فليسمح لهم بأن يسألوا ويبدوا أفكارهم ولا يحرمهم من حصتي الرسم والرياضة اللتين تعززان خيالهم ونشاطهم.
في صغري كنت أتساءل دوما من أين تأتي أفلام الكارتون؟! هل هي قصص حقيقية أم مجرد شاشة تعرض ما يجب على الأطفال مشاهدته؟!
عندما شببت في هذه الدنيا اكتشفت أن تلك الأفلام الكارتونية عبارة عن خيال! وإن اليابان كانت أفضل صديق لأغلبنا في الطفولة.
لأنها أنتجت كارتونات تحمل قيم نبيلة جدا شاهدتموها أنتم وشاهدها أطفالهم وأطفالنا ونتج عن ذلك سعة في الخيال حتى أنهم تخيلوا الفضاء والقمر وغيرها وشبهوه لأطفالنا وساعدوهم.
فإن صانع المحتوى الكارتوني هو أحد المصادر لتخيل المستقبل المقبل كي ننتجه لأطفالنا بمحتوى جذاب من أجل أن يتمتعوا بخيال أكبر.
لقد أنتجوا في أفكار الكارتون كل القيم النبيلة والتطور الذي يرغبون أن يشاهدوا مجتمعهم بها في المستقبل، وقد نجحوا بذلك في غرسها في البنى التحتية، وحصدوا نتيجة جهدهم، وكانت ثمرة جهدهم أمام العالم، وسنمد يد المساعدة لأطفالنا أيضا ونأخذ بأيديهم وننتشلهم من واقعنا يوما ما..
إبتعدتُ كثيرا عما أردت قولة منذ البدء؛ مجالسنا التي تربينا فيها، مجالسنا التي نقيمها في منازلنا هي من نعم الله (عز وجل) وأهل البيت (صلوات الله عليهم) علينا، يقول مولانا الصادق (ع) للفضيل بن يسار: (أتجلسون وتتحدثون؟ قال: نعم. فقال (ع): أما أني أحب تلك المجالس, فأحيوا أمرنا, فان من جلس مجلساً يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب) لماذا خص الإمام بقولة "و تتحدثون" بالخصوص؟! عجباً هل هذا يعني المناقشة والسؤال!.
نعم!؛ فهم صلوات الله عليهم يجمعوننا في بيوتهم لنجلس ونتحدث ونناقش ونجادل ومن ثم نبدأ بالتفكير والتفكير العميق ونمزج هذه الأفكار الجديدة بخيالنا وما نحمل من قيم لننتجح لوحة جديدة ذات الوان لم تطرح من قبل.
عن أبي الصلت الهروي (رضوان الله عليه) قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: {رحم الله عبدا أحيا أمرنا، فقلت له: كيف يحيي أمركم؟ قال: يتعلم علومنا ويعلمها الناس، فإنّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا}.
هل تعلمون إن كل علم في هذا الوجود منبعه من ساداتنا آل بيت الرحمة؟! الكثير من العلماء كانوا تلامذة على يد أئمتنا وساداتنا.
ويقول عز وجل {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} أي أن نلتجأ لمن هم القرآن الناطق ليجيبوا عن تساؤلاتنا!.
ظللت متقدة الذهن لليالي لأفكر من أين يستلهم الإنسان وكيف تتم الإجابة عن تساؤلاته؟!، ولو أردتُ ان أبدأ بالخيال بماذا يجب أن أستعين ومن أسأل؟!
وكان الجواب عندما نبدأ بالخيال يعني أن نبدأ بالتفكير بمخلوقات الله، يعني أن نستلهم من أحاديث ساداتنا ومن صحفهم وأقوالهم، فمن أهم مصادر الإلهام هو أن تكون إنسانا مجادلا تهوى السؤال والبحث في آيات القرآن العظيم، أو في نهج البلاغة لمولى الموحدين أمير المؤمنين أرواحنا فداه، أو من حيوانات ومخلوقات الله عز وجل، {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم}، فمن كل شيء في الأرض خلق الله لنا إلهاما يعزز تفكيرنا وخيالنا.
أرغب بأن أتشرف بنظرة من آل بيت الرحمة!.
وهل منا من لا يرغب بأن يتشرف بنظرة رحمة من الله تصلح حاله؟!، هل هناك من لا يهوى أن يتشرف بنظرة من أهل البيت أرواحنا فداهم؟!
الحل، {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}، أجل إنَّ خلقنا لم يكن عبثا بل لكي نعمل، فمن يرغب بالحصول على نظرة الآل يجب عليه أن يعمل ولا يأتي العمل إلا من التفكير ولا نأتي بأفكار جديدة إلا بالمباحثة والمناقشة ومن ثم نمزج ذلك بخيالنا الواسع وتفكيرنا المتميز.
وأختم قولي بمقولة للمفكر علي الهويريني التي قال فيها: (إلى مَنّ يُهمه الشكل؛ إلى الذي أنفق جُل ماله في بناء الشكل ونسي العقل!، أقول لهم ويل لأمة رأس مالها ما يخرج من الحقل لا ما يصنعهُ العقل).
اضافةتعليق
التعليقات