تغيرت وسائل ملئ وقت الفراغ بين الماضي والحاضر إذ انحسرت في الماضي بوسائل ترفيهية بسيطة أما اليوم باتت للتكنولوجيا المساحة الأكبر والأقوى في تصدر استثمار أوقات الفراغ فمنها ما ساهم في تطوير أفراد المجتمع دون المساس بالأعراف الاجتماعية.
(بشرى حياة) تطرقت إلى ما حمله لنا عصر الحداثة من أفكار عصرية أسهمت في استثمار أوقات الفراغ..
مشغولات يدوية
نسرين عبد الزهرة هادي حدثتنا قائلة: كنت من محبي الحياكة بخيوط الصوف وغالباً ما أستثمر وقت فراغي بالحياكة البسيطة لقفازات أو فستان بسيط ولكن بدخول التكنولوجيا إلينا ومواقع التواصل صار الأمر أكثر من هواية ووقت فراغ أملؤه بل أصبح شغفاً يحلو لي أن أتعلمه اكثر بعدما تصفحت مواقع خاصة لهذه الأعمال تحت مسمى هاند ميد أو الكروشيه إذ أصبحت أسعى إلى تطوير موهبتي وهذا ما حصل بالفعل، كما تلقيت عروضاً بالعمل ازاء أجور مالية بعدما كنت أنشر منتجاتي حيث أصبح الآن ليس لسد الفراغ واستثمار وقته بل عمل أنتفع منه ماديا.
فيما استهلت منى غانم الحديث حول تجربتها قائلة: أنا من عشاق الطهو حيث كنت أحاول دائما ابتكار أطباق من الحلوى والمعجنات وكنت مشغوفة بمتابعة مواقع التواصل الخاصة بالطهي ومشاركتهم البث المباشر والتعليق والآراء مما أسهم ذلك في حصولي على عدد كبير من المتابعين لتحضير وجبات الطعام، كان الأمر بالنسبة لي تسلية لسد وقت الفراغ واستثماره بصناعة الطعام للأولاد لكن الأمر أصبح فيما بعد أكثر من ذلك.
من جانبها قالت رقية السلامي/ مهندسة ديكور: ارتبط اختصاصي الأكاديمي بهوايتي المفضلة إذ غالباً ما أسعى إلى تغيير ديكور منزلي سواء نقل الأثاث أو ابتكار زاوية معينة أو ترتيب سنادين أشجار الظل وصولاً إلى ترتيب مائدة الطعام وفن الاتيكيت، وكنت دائما أنشر ما أقوم به من تغييرات لتستفيد منه السيدات في ترتيب أرجاء بيتها، حصدت بنشاطي الفيسبوكي هذا على تفاعل كبير مما أتاح لي فرصة عمل في تزيين كوشات الأعراس .
وأضافت: في الحقيقة لم أكن أتوقع أن الأمر سيتطور ويصل إلى ما عليه أنا الآن، إن استثمار اوقات الفراغ في عصر الحداثة بالشكل صحيح يثمر عن فرص نجاح باهرة لأصحابها ولكن يحصل العكس إن استثمرها بالألعاب التي يدمن عليها أو التصفح دون هدف معين يكون ذو فائدة فكرية أو عملية.
أهمية وقت الفراغ في حياتنا
ترى الباحثة الاجتماعية نور مكي الحسناوي، أن الوقت من أهم النعم في حياة الفرد، وفي الواقع تأتي قيمته من مروره السريع إلا أن وقت الفراغ له أهمية مختلفة منها العقلية والجسدية والاجتماعية.
فمن الناحية العقلية يوفر للإنسان فترات الاسترخاء من العمل ليستعيد عافيته ونشاطه، حيث أنه من دون ذلك سيشعر الجميع بالتوتر والإجهاد والتعب والإحباط، ومن الناحية الجسدية يحتاج الجميع إلى الفراغ لإراحة الجسد وتجميع الطاقة لمعاودة بدء النشاط من جديد، كما له فوائده من الناحية الاجتماعية، للتواصل والاهتمام بالعائلة والطفل والأصدقاء.
وتابعت: إن الانسان المدرك لأهمية وقت الفراغ سيعمل جاهدا على الاستفادة منه، وذلك من خلال تطبيق العديد من الأفكار الإبداعية فيه، ومن أهم هذه الأفكار أن يركز على موهبة ويحاول صقلها واكتساب الخبرة فيها حتى يصل فيها إلى درجة الإبداع.
كما يمكن أن يستغل أوقات فراغه بتنمية مهاراته اليدوية واكتساب حرفة جديدة تُساعده على كسب الرزق مثل: التطريز والتجميل والخياطة أو ممارسة الرياضة أو اعمال الزراعة او العمل بها من خلال تسويقها عبر منصات التواصل، كما يمكن الالتحاق بدورات تدريبية لأشياء مختلفة لتنمية الهوايات أو اكتساب خبرات جديدة. ومن الأفكار الرائعة لاستغلال أوقات الفراغ محاولة تعلُم لغة جديدة، وحضور العديد من المقاطع المصورة أو الدورات التي تعلم اللغات المختلفة للأشخاص، مما يساعد في اكتساب اللغة وإغناء السيرة الذاتية للشخص، أو يُمكن ممارسة هواية التصوير والذهاب إلى المناطق الطبيعية للاطلاع عليها ورؤية هذه المناظر والاستمتاع بها وتصويرها ونشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، وأخذ ردود فعل جديدة وتكون هناك فرصة للعمل بهذا المجال.
ويمكن أيضاً المشاركة بأمسيات ثقافية وندوات شعرية وحضور معارض للرسم، أو استثمار وقت الفراغ بالاشتراك بالمسابقات الثقافية أو العلمية أو الرياضية، كما يحقق وقت الفراغ الرضا الذاتي من خلال المساهمة في تطوير المجتمع عن طريق المشاركة بالأعمال التطوعية التي تقدم فائدة للمجتمع.
ختمت الحسناوي حديثها: لقد أثبتت الدراسات أن لوقت الفراغ فوائد كبيرة في تعزيز الثقة بالنفس وتحقيق النجاح والتميز، من خلال تطوير الشخصية وزيادة الحصيلة من المعارف والمهارات، فضلا عن أن زيادته تزيد من رفاهية الإنسان، وذلك من خلال امتلاكهم ساعات للاعتناء بأنفسهم والاستمتاع بالسياحة، وغير ذلك من أنشطة الرفاهية.
اضافةتعليق
التعليقات