انا انسان عراقي بسيط، استيقظ في الصباح على صوت زقزقة العصافير، افتح نافذة غرفتي ليطل المنظر على جو هادىء ووضع مستقر، ابتسم بعمق واحيي بغدادي الحبيبة، ثم اتجه نحو المطبخ لأعد شاياً عراقياً اصيلاً.. بالطبع لا أتفاجأ بانتهاء كبسولة الغاز، لان ولله الحمد الحكومة وفرت لنا انابيب غاز امتدت من شرق العراق الى غربه ومن جنوبه الى شماله، ثم استعطفت على حال الدول المجاورة فمدت ما تبقى منه اليهم..
جهزت كوب الشاي، ثم اتجهت نحو غرفة المعيشة وفتحت التلفاز بكل راحة، لان الكهرباء مستمرة ولم تنقطع برهة واحدة، ولان الحكومة تخاف على مشاعر المواطن العراقي، لذلك تحاول ان توفر الكهرباء سبعة وعشرون ساعة في اليوم كي لا يتعكر مزاج المواطن العراقي عندما يشاهد مسلسله الهندي المفضل.
بعد ما فتحت التلفاز، أغير القناة على اقل من مهلي.. لأشاهد الاخبار اللطيفة، كبناء مترو في بغداد، وإنشاء بحيرة صناعية في كربلاء، العمل على مشروع يساعد في مكافحة المجاعة في الصومال، و...الخ والعمل على مشاريع ضخمة لن تستطع تنفيذها اكبر دول العالم، ولكن بالطبع العراق حالة استثنائية.
انظر الى الاخبار بكل هدوء، وأقول لنفسي: لا شيء جديد اليوم، البناء والتطور ماعاد يثير اهتمام الشعب العراقي، نحن بحاجة الى حياة مليئة بالمغامرات و(الاكشن).
بعدها أطفىء التلفاز، واتجه الى غرفتي الجميلة، وأرتدي ثيابي لاتجه الى العمل..
ولا يحتاج ان أقول باني اصل الى عملي أسرع من البرق، بينما ارى الناس في الشارع يبتسمون، ويوزعون الفرح بشكل مجاني فليس هنالك أية ازدحامات مرورية في بغداد، فالشوارع شبه فارغة، وليس هنالك اي حواجز كونكريتية تعرقل سير العالم..
احيي مديري المتواضع الأمين، واتجه نحو مكتبي لأمارس عملي بكل هدوء، لان الجميع في العراق يحبون أعمالهم ويمارسونه بكامل الإخلاص والنزاهة، حتى اني اذكر في احدى السنوات الفائتة، جاءني احد المراجعين وقدم مع استمارته ظرف من المال، رمقته بنظرة نزيهة وقلت له: اخي العزيز، انا هنا خادم لكم وسأكمل معاملتك باقل من دقيقة، والحكومة ولله الحمد تقدم لي راتب جيد جداً، استغفر الله لست بحاجة الى الرشوة كي أتمم معاملتك.
حقيقة انا استغربت جداً.. فهذه حالة نادرة جداً جداً، لن تحصل في العراق أبداً، لان الشعب العراقي معروف برفاهيته المادية، والحكومة معروفة بإخلاصها وأمانتها للشعب والوطن، كما اننا نحتل المرتبة الاولى في عدم وجود اي حصيلة فقر في البلد!، لان العراق بلد الخيرات والنفط، فكيف يمكن ان يكون شعبه فقيرا!.
وبعدما اكمل عملي لن اعود الى البيت، بل امُرّ على اصدقائي ونذهب الى المنتجع الدولي الذي أنشأته الدولة، والذي يحتوي على ارقى الوسائل الترفيهية، نلعب قليلاً ثم نتناول العشاء، ونقضي وقتاً ممتعاً برفقة أصدقائنا وأحبائنا، ولكن في الحقيقة نشعر قليلاً بالملل.. لانه ليس هنالك اي نائب فاسد نشتمه، او حالة صعبة ننتقدها، الجميع في العراق نزيهين ويعملون بذمة وشرف!، حقيقة هذه الحياة المستقرة باتت تصيبنا بالملل الشديد.
وبعد الجلسة الحميمية اعود الى المنزل، ولاني احب ان انام على ضوء النجمات، اصعد الى سطح المنزل وأنام هناك، لا تعتقدوا باني سأشعر بالحر!، لا... ولله الحمد لدينا مروحيات في المدينة تزودنا بالهواء البارد كي لا نشعر بحرارة الصيف ونستمتع بالليل العراقي اللطيف بكل جمال ورفاهية.
اضافةتعليق
التعليقات