قد تكون السنوات السبع الأخيرة هي الأسخن على الإطلاق، وفقا لتقرير جديد للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (World Meteorlogical Organization)، في الوقت الذي تشير فيه بيانات الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي إلى أنه سيكون بين الخامس والسابع في ترتيب أكثر الأعوام دفئا على الإطلاق.
وبحسب البيان الصحفي الذي أصدرته المنظمة حول التقرير، فإن تركيزات غازات الاحتباس الحراري وصلت في عام 2020 إلى مستويات قياسية جديدة، وبلغ مستوى تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو 413.2 جزءا في المليون، مما يمثل ارتفاعا بحوالي مرة ونصف عن المستويات التي كان عليها في فترة ما قبل الصناعة، بينما تضاعف مستوى غاز الميثان في الجو مرتين ونصفا منذ تلك الفترة.
وكان متوسط درجة الحرارة العالمية لعام 2021 فوق متوسط الفترة ما بين عامي 1850و1900 بحوالي 1.09 درجة مئوية.
وتضع مجموعات البيانات التي استخدمتها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لإعداد التقرير، عام 2021 -الذي كان أقل دفئا من السنوات الماضية بسبب ظاهرة النينيا- في المرتبة السادسة أو السابعة من بين الأعوام الأكثر دفئا على مستوى العالم، لكن الترتيب قد يتغير في نهاية العام، وفقا للتقرير.
احترار المحيطات وارتفاع مستوى البحار
وبحسب البيان، فقد سجل التقرير استمرار احترار المحيطات إلى أعماق تصل إلى ألفي متر، مسجلة أرقاما قياسية في عامي 2019 و2020. وشهدت أغلب المحيطات موجة حارة بحرية "قوية" واحدة على الأقل في وقت ما من عام 2021.
وقد أدى امتصاص المحيطات لحوالي 23% من الانبعاثات السنوية من ثاني أكسيد الكربون إلى زيادة حموضتها، وبالتالي خفض قدرتها على تخزين هذا الغاز.
وكان الجليد البحري في القطب الشمالي أقل من متوسط 1981-2010 عند أعلى مستوى له في مارس/آذار. ورغم أن الحد الأدنى في سبتمبر/أيلول كان أكبر مما كان عليه في السنوات الأخيرة، فإنه ظل أقل بكثير من المتوسط المسجل في العقود الماضية.
وسجّل التقرير تسارع ذوبان الأنهار الجليدية في أميركا الشمالية خلال العقدين الماضيين، وتفاقمت الظاهرة هذا العام بسبب الصيف الحار والجاف بشكل استثنائي في المنطقة، مما أدى إلى هطول أمطار لأول مرة في التاريخ الحديث فوق القمم الجليدية في غرينلاند.
وأظهر التقرير أن وتيرة ارتفاع مستوى سطح البحر بسبب الفقدان المتسارع للكتلة الجليدية، بلغت 4.4 مليمترات سنويا خلال الفترة ما بين عامي 2013 و2021، مما يمثل ضعف متوسط الارتفاع الذي كان عليه بين عامي 1993 و2002.
ظواهر متطرفة
وقد شهدت مناطق مختلفة من العالم خلال شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز موجات حر استثنائية، حطمت العديد منها أرقاما قياسية في الحرارة تفوق 4 درجات مئوية. إذ وصلت درجة الحرارة في مقاطعة كولومبيا البريطانية الكندية لأول مرة إلى 49.6 درجة مئوية في يونيو/حزيران.
كما سجلت منطقة البحر الأبيض المتوسط في أغسطس/آب حرارة شديدة بلغت 48.8 درجة مئوية في جزيرة صقلية الإيطالية، وهو رقم قياسي أوروبي مؤقت، و50.3 درجة مئوية في القيروان (تونس)، وفقا للتقرير.
وقد رافقت موجات الحر هذه العديد من الحرائق الكبرى في كاليفورنيا والجزائر وجنوب تركيا واليونان بشكل خاص، أدت إلى القضاء على مئات آلاف الهكتارات من الغابات.
في المقابل، هطلت الأمطار بغزارة غير معتادة في مناطق مختلفة من العالم خلال هذا العام، أدت إلى فيضانات مدمرة. فتلقت -على سبيل المثال- مدينة تشنغ تشو الصينية في 20 يوليو/تموز، 720 مليمترا من الأمطار (أكثر من المتوسط السنوي) في ساعات قليلة، نتج عنها فيضانات مفاجئة تسببت في أكثر من 302 حالة وفاة، وخسائر اقتصادية كبيرة.
كما شهدت أوروبا الغربية -وخاصة ألمانيا وبلجيكا- واحدة من أشد الفيضانات خطورة على الإطلاق في منتصف يوليو/تموز، أدت إلى حدوث انهيارات أرضية ومقتل أكثر من 200 شخص.
بالتزامن مع ذلك، ساد الجفاف الشديد الكثير من المناطق شبه الاستوائية في أميركا الجنوبية للعام الثاني على التوالي، وكان معدل هطول الأمطار أقل بكثير من المتوسط في معظم هذه المناطق، مما أنجر عنه خسائر زراعية كبيرة وانخفاض مستويات الأنهار.
تداعيات اجتماعية واقتصادية وبيئية
وبحسب التقرير، فقد ازداد في السنوات العشر الماضية تواتر النزاعات، بالتوازي مع ارتفاع متوسط حدوث ظواهر الطقس المتطرفة. وأدت الآثار المركبة لهذه المخاطر، والتي تفاقمت بسبب جائحة كوفيد-19، إلى زيادة الجوع، وقوضت بالتالي عقودا من التقدم نحو تحسين الأمن الغذائي، وفقا لخبراء المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
كما تدهورت النظم البيئية بمعدل غير مسبوق، ومن المتوقع أن يتسارع هذا التدهور في العقود القادمة، مما يحد من قدرة البيئة على دعم رفاهية الإنسان ويضعف من مرونتها للتكيف مع التغيرات المناخية. حسب الجزيرة
ما هي تقنية احتجاز الكربون وهل يمكن أن تنقذ كوكبنا؟
إذا كان العالم يريد تجنب أسوأ آثار تغير المناخ، فيجب أن يقترب صافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من الصفر بحلول عام 2050 مما يعني أن إزالة كميات من الكربون من الغلاف الجوي بنفس مقدار الكميات التي نضخها في الجو. هذا هو رأي علماء الأمم المتحدة البارزين الذين حذروا من أننا في طريقنا إلى زيادة حرارة الكرة الأرضية بمقدار درجتين، وهذا سيجعل أجزاء كثيرة من الكوكب يصعب العيش فيها.
يقول العلماء إن الحلول الطبيعية، مثل زراعة الأشجار وتقنيات مثل احتجاز الكربون وتخزينه، ستكون أساسية لتجنب الآثار الأكثر كارثية لتغير المناخ. لكن بالنسبة لبعض دعاة حماية البيئة، هذا ليس الطريق الصحيح الذي يجب سلوكه.
ماهو احتجاز الكربون وتخزينه؟
من زراعة الأشجار إلى تغيير اساليب الزراعة التي تحبس الكربون في التربة هي من بين الحلول الطبيعية لإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي بطرق بسيطة ورخيصة للحد من ثاني أكسيد الكربون.
منذ سبعينيات القرن الماضي، ظهرت طرق تكنولوجية جديدة أسرع، تُعرف باسم تقنيات تخزين الكربون.
تقول سامانثا ماكولوتش، التي تقود وحدة التقاط الكربون وتخزيته في وكالة الطاقة الدولية: "هناك العديد من الخيارات، والأكثر شيوعاً هو التقاط ثاني أكسيد الكربون من مصادر الطاقة الصناعية التي تعمل بالوقود الأحفوري. ثم نقله عبر خطوط أنابيب أو سفن".
تتضمن العملية حقن الانبعاثات في مركب امتصاص يحتوي على مذيب. يتم جمع ثاني أكسيد الكربون، بينما يتم إطلاق الغازات الأخرى.
لفصل المذيب عن ثاني أكسيد الكربون، يستخدم العلماء الحرارة. ثم يتم إعادة تدوير المذيب ويتم تخزين ثاني أكسيد الكربون النقي في عمق الأرض في كهوف صخرية.
وتضيف: "الطريقة الأخرى لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون هي إزالته من الغلاف الجوي مباشرة من الهواء".
وفي كلتا الحالتين، يتم تخزينه في تكوينات جيولوجية عميقة لإبعاده عن دورة الكربون التي تساهم في تسخين الكوكب". حسب بي بي سي
اضافةتعليق
التعليقات