لا يخفى أن الدعاء هو المطلوب بالأصالة من وراء العبادات لما فيه من اعتراف بأهم حقيقة أرادها الخالق من عبده وهي فقره واحتياجه إليه تعالى لذا ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله): (الدعاء مخ العبادة) بل إنه تعالى جعل دعاء عبده له سبب اهتمامه به حين قال: (قُلْ مَا يَعْبَؤُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُم فَقَد كَذَّبْتُم فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامَاً) ..
ناقش نادي أصدقاء الكتاب لشهر رمضان المبارك كتاب (لماذا لا تُستجاب أدعية بعض الناس؟) لمؤلفه سماحة آية الله السيد مرتضى الشيرازي دامت توفيقاته حيث جاء الكتاب مُتناسباً مع أجواء الشهر الفضيل ومُجيباً لـ السؤال الأزلي الذي يدور في أذهان الكثير ..
إن موضوع البحث ومحوره ومداره الإجابة على هذا السؤال الذي كثيراً مايتردد في الأذهان أو على الألسنة وهو أننا كثيراً ماندعو الله تعالى ولكن لا يستجاب لنا مع إنه جل اسمه وعد بالاستجابة عند الدعاء إذ يقول: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ وإذ يقول: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ ومع التصريح بالاستجابة مطلقاً لأشخاص كثيرين، كالداعي عند القبة الشريفة وكالمظلوم على ظالمه والوالد لولده والمعتمر والصائم، وذلك في روايات كثيرة؛ ولكن مع ذلك كله لا نرى استجابة دعائهم!
وقد تضمن البحث أجوبة عدة لهذه الشبهة وهي: أن الدعاء مقتضٍ للإجابة لا السبب التام وأن هناك شروطاً لاستجابة الدعاء قد استعرض منها البحث خمسة وعشرين شرطاً، وأن تحقق الاستجابة قد يكون بنحو آخر أو في زمن آخر حسب المصلحة، وقد احتمل المؤلف صناعياً أن الاستجابة كانت عامة غير مقيدة في زمن صدور الروايات ولفترات محددة في علم الله تعالى لمصلحة وفيما عدا ذلك بقيت في دائرة المقتضي ومقيدة بالشروط والموانع، طالباً الأفاضل التأمل في الجواب الآخير ..
كما أنه تطرق سماحته استطراداً إلى الإجابة على سبعة أسئلة ومواضيع مرتبطة وهي:
•الفرق بين آداب الاستجابة وشروطها؟
•الشروط قد تكون شروطاً لأصل الاستجابة وقد تكون شروطاً لأقربيتها؟
•اليأس من استجابة الدعاء بسبب اشتراط كل هذه الشروط ؟
•تحقق الاستجابة في موارد لم تتوفر فيها الشروط؟
•لزوم تخصيص الأكثر من اشتراط كل تلك الشروط في تحقق الاجابة؟
•لسان بعض أدلة الاستجابة آبية عن التخصيص فكيف بـ تخصص؟
•لماذا ندعو ببعض الأدعية ونعلم وجداناً عدم استجابتها نحو: اللهم أغن كل فقير، أشبع كل جائع،...
كما تضمن البحث الجواب على السؤال عن (كيفية تأثير الأدعية في تغيير المقدرات التكوينية) واختتم سماحته البحث بالجواب عن الشبهة التي يزداد طرحها عند الابتلاء بالرزايا والبلايا والمصائب العامة، كالأوبئة التي تفتك بالألوف وكالحروب التي تحصد الأرواح كذلك، فلمَ لم تنفع دعوات المؤمنين في دفعها أو رفعها!
والغاية من ذلك كله الوصول إلى فهم أشمل وأصح للمنظومة المتكاملة من الآيات والروايات التي تناولت موضوعة (الدعاء) ومدى استجابته وحدوده، خروجاً من طرفي الإفراط والتفريط في توهم الاستجابة المطلقة أو العام المطلق أو النادر بما يشكل الإجابة على الكثير من الشبهات المطروحة في المقام ..
وقد اتخذ سماحته المنهج التحليلي العقلي والأصولي ومنهج النقد النقلي في تحليل مختلف الأدلة النقلية الواردة في موضوع البحث معتمداً في ذلك على أهم المصادر النقلية كنهج البلاغة والكافي وعدة الداعي وغيرها بعد القرآن الكريم إضافة إلى اعتماده في بعض تحليلاته على (الفقه: الآداب والسنن) وغير ذلك من المصادر ..
وجدير بالذكر أن نادي أصدقاء الكتاب أسسته جمعية المودة والازدهار والذي يهدف إلى تشجيع القراءة والمطالعة عبر غرس حب الكتاب وفائدته في المجتمع.
اضافةتعليق
التعليقات