الحب أنواع يتكون كل نوعٍ منه من مشاعر وانفعالات مختلفة ويُعبر عنه بأسلوب مختلف، إذاً كل حب يرتسم جوهره بشكل من الأشكال ولكن أي حب نقصد؟؟
هناك نوعان، الحب الحلال والحب الحرام، ما هو الفرق بينهما؟
الحب الحرام يكون كالبناء المشيد بطريقة خاطئة، فلا يكون أساسه محكماً، فتبني وتبني وتستمر بالبناء إلى أن ينهار كل شيء فجأةً.! لماذا؟ لأنه حب لا يدوم، قائم على أساس خاطئ، وإن زعم صاحبه بأنه كان قوياً فلا يكون مباركاً منذ بدايته أساساً..
لكن الحب الحلال: كحبنا لله سبحانه، وحب الوالدين لأبنائهم، وحب الأخ لأخته، وحب الأصدقاء لبعضهم، وحب الزوجين لبعضهما وهلم جرا، فكل منهم يعبر بأسلوب مختلف للطرف المقابل عن مشاعره، فنحن نحب الله ونعبر عن هذا الحب بالطاعة وتجنب ما نهانا عنه سبحانه وبخالص العبودية له والذكر الكثير.. ويعبّر الوالدان عن حبهما لأبنائهما بالحنان عليهم وتلبية طلباتهم وحمايتهم من الأذى..
ويكون حب الزوجين لبعضهما باحترامهما واهتمامهما وصدقهما وإخلاصهما ومدى شوقهما للآخر، فالحب شعور وإحساس قوي يشع منك لطرفك المقابل، فتشعر من خلاله بسعادةٍ واشتياق له، ولولا الحب لَفُقِدَ طعم الحياة ولما خُلقنا أصلاً، لما كانت السماء والأرض والحجر والمدر، ولما بقيَ أي شيء بالوجود فَقد قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ لجبرائيل: يا مَلائِكَتِي وَيا سُكَّانَ سَماواتِي، إنِّي ما خَلَقتُ سَماءً مَبنِيَّةً وَلا أرضاً مَدحِيَّةً وَلا قَمَراً مُنِيراً وَلا شَمساً مُضِيئَةً وَلا فَلَكاً يَدُورُ وَلا بَحراً يَجرِي وَلا فُلكاً يَسرِي إلاّ فِي مَحَبَّةِ هؤُلاءِ الخَمسَةِ الَّذِينَ هُم تَحتَ الكِساءِ.. (حديث الكساء).
فمثلاً نحن خُلِقْنا لمحبة الله سبحانه، لأصحاب الكساء وهم النبي محمد (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومولاتي فاطمة الزهراء والإمام الحسن والإمام الحسين (سلام الله عليهم)، إذ "اختار الله تعالى لأوليائه جزيل ما عنده من النعيم المقيم الذي لا زوال له، ولا اضمحلال بعد أن شرط عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية وزخرفها وزبرجها، فشرطوا له ذلك، وعلم منهم الوفاء به فقبلهم وقربهم وقدم لهم الذكر العلي والثناء الجلي وأهبط عليهم ملائكته وكرمهم بوحيه، ورفدهم بعلمه وجعلهم الذريعة والوسيلة الى رضوانه".
فأساس وجودنا وخلقتنا حب الله سبحانه وتعالى لعباده الصالحين، وهم أوليائه وحججه على الأرض والذين هم وسيلتنا الى الله، إذاً نستنتج بأن أسس الخليقة مبنية على الحب فهل عرفت مدى أهميته؟؟، ولكن هنا سوف يُطرَح السؤال التالي: أي حب أفضل؟ أي حب أطهر؟ أي حب أقوى؟ وأي حب أكثر ديمومةً؟
بالتأكيد سيكون الجواب حب الله تعالى هو أسمى وأجمل وأعظم حب، قد يمل بعض قليلي الإيمان من هذه العبارة لكنها حقيقة وهذا الشعور يأتي من ضعف الإيمان لديهم وبسبب ابتعادهم عن الله تعالى، فَلَو ذاقوا طعم القرب منه لما اختلج في قلبهم هذا الشعور بتاتاً.! ولو كانت قلوبهم مملوءةً بحبه لكانوا أغنى الناس وأسعدهم، ولا بأس بأن نذكر قصة من قصص القرآن، وهي قصة النبي يوسف (عليه السلام) وزليخا؛ امرأة العزيز كمثال لكلامنا..
زليخا التي كانت مجنونة بحب يوسف، لما كان يتمتع به من جمال باهر وحسن في الخُلق والخِلقة، فَفُتنت به وأحبته حباً شديداً، وأخذت تتقرب منه وتبدي له حبها، إلّا أنه كان دائماً يُعرض عنها امتثالاً لأوامر الله وخوفاً من عصيانه، إلى أن اشتد هيام هذه المرأة بيوسف وهاج بها الغرام و راودته عن نفسه فأبى ورفضها، واختار سخط المخلوق على سخط الخالق، ولكن بعد مضي سنين طويلة آمنت زليخا بالله ومُلِئَ قلبها بالإيمان فتغيرت تغيراً جذرياً، ولَم تعد كما كانت مغرمة بيوسف بل حل في قلبها مكانه حب الله جلَّ وعلا، لا محبوب سواه.. فاستغنت عن يوسف وتقربت من العلي الأعلى وانشغلت بالعبادة.. فبعد أن آمنت بالله تعالى وتقربت منه؛ أحبها النبي يوسف وتزوجها وصار هو من يتودد إليها، فإذا حل في قلبك حب الله أحبك الله وجعل أفئدة الناس تهوي إليك، فالمحب هو الرطب لسانه بذكره آناء الليل وأطراف النهار، والذي يتقرب إلى الله تعالى بالطاعات خالصةً لوجهه الكريم، فأولئك سيماهم في وجوههم، يُشرقون نوراً وإيماناً، أرأيت كيف يصبح الإنسان غنياً بحبه؟؟ وفعلاً السعيد حق السعيد من مُلِئَ قلبه بحب الله جلَّ وعلا.. فمع الله يغدو الفؤاد مزهراً سعيداً ومرتاحاً، إذاً " الله" هو أعظم حب في الوجود، وليس قبله أو بعده حب.
اضافةتعليق
التعليقات