عند مطلع الفجر يرتلون آيات الزيارة الحسينية متوشحين بالسواد الذي يعتصر قلوبهم استذكاراً لما حدث في هذا اليوم من فاجعة, متوجهين صوب مصرع ابي عبد الله الحسين (ع) وآل بيته الأطهار..
انه يوم الثالث عشر من شهر محرم الحرام حيث يعيدون عشائر بني اسد صورة الماضي البطولي بموكبهم الذي يجسدون فيه دفن الاجسام الطاهرة جاعلين من احداث كربلاء صوراً ملأى بالإيحاءات والدلالات التي تشير بحجم الظلم الذي حل بآل بيت النبوة من اجل نصرة الاسلام ونقلها للعالم اجمع...
(بشرى حياة) تنقلت بين صفوف المعزين والمشاركين بهذه الشعيرة الحسينية لتسجل احداث مسيرة قبائل بني اسد ودفنهم للأجساد الطاهرة في يوم الثالث عشر من شهر محرم الحرام...
مراسيم لن تضمحل
شاركنا علي الاسدي صاحب موكب (خدام العقيلة) حيث أكد على التزامه بأحياء هذه الشعيرة الحسينية قائلاً: "ان شعائر الحسين الامام (عليه السلام) وطقوسها لن تضمحل مهما مضت السنوات, وستتعاقبها الاجيال".
واضاف: " لقد اعتدنا انا واخوتي في المشاركة بمراسيم دفن الامام الحسين واهل بيته واصحابه (عليهم السلام) في كل عام, لنجدد ولائنا لشهداء الطف, فهذه المسيرة تنقل للعالم اجمع المظلومية التي وقعت على ال بيت النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) فإن هذه الفاجعة المتمثلة بقطع الرؤوس وترك الاجساد على الرمضاء بدون غسل وتكفين انما هي رسالة خلود, تنقل لنا صور الجهاد من اجل انتصار الحق على الباطل".
وحدثنا احمد سامي احد المشاركين بهذا العزاء عن المراسيم المقامة به قائلا: "إن الاستعداد لهذا العزاء يبدأ منذ بداية شهر محرم حتى يوم الثالث عشر حيث تبدأ انطلاقة العزاء بعد صلاة الظهر لتسير باتجاه شارع قبلة الامام الحسين (عليه السلام) حتى الدخول في الصحن الحسيني الشريف ومن ثم التوجه الى مرقد ابي الفضل العباس (عليه السلام)".
واضاف: " كما تتضمن هذه المسيرة العديد من المواكب حيث تروي الحادثة التي جرت مثل هذا اليوم كحمل النعوش الرمزية للأجساد الطاهرة بالإضافة للتشابيه الأخرى كتجسيد شخصية الأمام زين العابدين (عليه السلام) يرافقه ابناء قبيلة بني اسد يحملون الادوات الخاصة بمراسيم الدفن".
وتابع حديثه: "لقد وثق المؤرخون تاريخ هذه المراسيم من واقعة الطف سنة 61هـ حيث تشرفت قبيلة بني اسد بمساعدة الامام زين العابدين (عليه السلام) بدفن الاجساد الطاهرة بعد معركة الطف, ومنذ ذلك الحين يمارس ابناء هذه القبيلة طقوسهم الخاصة حيث يخرجون في مثل هذا اليوم من كل عام على هيئة مواكب عزاء ضخمة يشاركهم الكثير من المعزين من الهيئات والمواكب الحسينية الأخرى لإحياء مراسيم الدفن".
وفي السياق ذاته اعربت ام جعفر الاسدي احدى المشاركات في عزاء قبائل بني اسد عن مدى تعلقها بهذه الطقوس حيث قالت: "لا تفوتني أي سنة من دون ان احضر لأشارك مع نسوة بني اسد في مسيرة موكبنا وانا احمل ايناء قد ذوبت بداخله تراب الحسين (عليه السلام) لنعفر بها وجوهنا وثيابنا، كما هناك الكثير من النسوة تفعل نفس الشيء, تبركا بتربة الحسين وتعبيرا عن حزننا لما جرى عليه".
وأضافت: "لا يسعني فعل المزيد للسيدة زينب (عليها السلام) وأنا أواسيها بمصاب أخيها واعزي سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام)، أسأل الله ان يتقبل منا هذا القليل ويكونوا لنا شفعاء يوم لا ينفعنا مال ولا بنون, وعظم الله لكم الأجر".
الحسين رسالة خلود
الشعائر الحسينية والمجالس التي تعقد بذكرى استشهاد سيد المظلومين والأحرار (عليه السلام) هي مجالس تقاوم الظلم والخيانة وهي رسالة خلود تتوغل في دماء المواليين, فإن هذه المواكب التجسيدية تجعل ممن يكونون بعيدين عن كربلاء يتراءى لهم المشاهد والمحطات المروعة التي جرت على سبط الرسول واهل بيته, لتبين الرسالة التي خرج من اجلها هذا الثائر العظيم الذي سيبقى ذكراه الى يوم الدين, كما قالتها عقيلة بني هاشم الحوراء زينب عليها السلام (فو الله لا تمحوا ذكرنا ولا تميت وحينا..).
اضافةتعليق
التعليقات