• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

عيون المها (2)

مروة حسن الجبوري / الثلاثاء 06 ايلول 2016 / منوعات / 4297
شارك الموضوع :

خرج ((الكبير)) وصوته يرتفع في فناء البستان مخاطبا الفلاحين: اعملوا.. انتم هنا خدم وانا سيدكم... اثارها صوته، وقفت تنظر اليه من النافذة وعينها

خرج ((الكبير))  وصوته يرتفع  في  فناء البستان مخاطبا الفلاحين: اعملوا.. انتم هنا خدم وانا سيدكم... اثارها صوته، وقفت تنظر اليه من النافذة وعينها مملوءة بالحقد، رفعت يدها وطلبت من الله استجابة دعائها، رسمت خطة  تنقذ فيها عائلتها، مع انحدار نظرتها السريعة نحوه، جلب انتباهها تلك الحقيبة السوداء في يده أمعنت النظر فيها، اسعرت روحها، جالت في افكارها، (( الانتقام...((  الكبير)).. الحقيبة السوداء)) ارتخت  يدها على النافذة، تقدمت خلفه بخطوات خافتة، متوجسة وهي تفكر في سر الحقيبة، خرج ((الكبير)) ومعه الحاشية ركب عربته (عربة الربل)، اسرعت وثوبها يعرقل خطواتها سقطت عند اول بركة في المزرعة، اسرع ((الكبير)) كما اسرعت النيران في قلب مها لم تلحق بهم، رجعت بخيبة ويأس ودمعة، بذيل شالها تمسحها خوفا من حزن أمها، وجه ناحل لسيدة اربعينيهة، الشحوب يرتسم فوق ملامحها تجلس تلتقط حبات الطماطم، هزّت رأسها مها وتقول صبرا يا أمي!! مدت يدها لتسحب  يد والدتها المتحجرة ، مسكت الام  بيد مها   واحتضنتها...  من مسافة بعيد لا ترى وقف الاب يرى ابنته وزوجته  يعانقا بعضهما بعضا بين الزرع، ابتسم وتابع حرث الارض.

 اساور الحرية

توالت الايام على مها،  مزقها الصمت، واعتصرها الالم، فلزمت الفراش ولم تقوَ على الحركة،  يكتوي بنار الحقد قلبها، وبعد ان اعتصرت اخر دمعة في عينها، أطلت الفراشات تنشد الألحان حولها صدحت بكلماتٍ تزهو بخيلائها، عاد ((الكبير)) من جولته، تسمع صراخه من بعد امتار، اوصدت الباب مها واختفت  خلف الخزانة، تنظر اليه، عادت بها ذاكرتها الى والدتها وهي تلمع حذاءه بشالها الاسود، مر شريط حياتهم، داهمت ذاكرتها صور الجوع والظلم، توشّحت بها ذاكرتها المتعبة.. حينما كان يسجن اباها عندما افسد الجراد الزرع، لصقت بالخزانة، دخل ((الكبير)) حجرته، اغلق الباب، وجعل الستار الاسود معلق على بابه وهو عبارة عن ((عدم الاقتراب من الحجرة)) ومن يخالف يقتل او يسجن، توقفت الحركة في المزرعة.

مع غروب الشمس، والصفرة الباهتة تعلو وجوه الفلاحين، والحزن يملأ أعينهم، وقفت مها صامتة تهتز وترتجف، استيقظ ((الكبير)) من قيلولته، رفع الستار، أحضر الخدم الفاكهة بأنواعها، تربع على اريكة من خشب مزخرف، بيده مسبحة، يأمر وينهى، انشغل الخدم مع ((الكبير)) وطالباته  التي لا تعد ولا تحصى، تسللت مها الى حجرته، بخطوة الى الامام واخرى الى الخلف، شرعت تقلّب المكان، لعلها تجد  مفتاح حريتها، وهي تنظر إلى سريره الكبير، وخزانته الخشبية، أغمضت عينيها بألم ثم فتحتهما لترى مرآة عالية، اقتربت منها تبدو جميلة مها رغم خوفها تعثرت بشيئ ما صلب، لا ليست حجارة!  بيدها المرتعشة امسكت به، نظرت اليه والدموع السجينة في اعماقها بدت تتحرر، ليست سارقة، تتنفس بصعوبة،  انفتح الصندوق الاسود، تناثرت الاوراق على الارض، تسرع في احتضانها، تبحث عن وثيقة،  عن سند، كثيرة هي الاوراق،  لا تعرف أي ورقة لها، لا تجيد القراءة، حاولت ان تقرأ الحروف لكنها تائهة في بحر الامية، ضاع جهدها وضاق صدرها...

اخذت بعض من هذه الاوراق وجعلتها في سرها، ثمة اصوات قادمة، رتبت حولها واختبأت خلف الباب، يقترب الصوت من الحجرة، دقات قلبها تسمعها، لحظة اختفى الصوت.. انهم الخدم يوقدون المصابيح فقد حل الظلام، أوصدت الباب بأحكام وعادت إلى المطبخ،  بأصابع مرتعشة، تبحث عن مكان تخبئ فيه الاوراق، بين شفتيها كلمات لاهثة، أحلام مقيدة..

دفنت رأسها بين كتفيها ثم أجهشت  بالبكاء، دموع ساخنة أحرقت وجهها، بلهجة ريفية بسيطة، تدعو الله ان يغفر لها، خائفة، ولما حل الليل وسمعت صوت ((الكبير)) ازدادت خوفاً، تجمع الفلاحين بين خائفٍ وباكي، أمر ((الكبير)) بأغلاق البوابة وعدم الخروج منها، صرخ صرخته المعتادة على الخدم، هنالك من دخل حجرتي وسرق الاموال والمصوغات الذهبية، انثروا المكان، ابحثوا عن السارق وان لم تعثروا عليه ستكون رقابكم تحت سيفي، يلوح بعصاه يهدد ويتوعد، ضج المكان فلا احد يعلم ماذا حصل؟؟

 ((الكبير)) وحش وفظا غليظ القلب،  لا يملك أعصابه، أمر بسجن حاشية المزرعة، وتشكيل فرقة من رجاله يبحثون عن المفقودات في كل مكان، ولهم مدة ثلاثة ايام فقط، من اليوم، سقطت مها  على وجهها مذعورة، ماذا تفعل؟ طلع الفجر الحزين على القرية، وهي غارقة في كهف حزنها وحسرتها، فلا صوت ولا حركة،  فقط صوت رجال ((الكبير))، عيون مها غارقة في بحر من الدموع، انطلق صوت  مسعد  شيخ الجامع، وهو يردد الله اكبر.. الله اكبر، صوته لينا شجيا يدخل القلب قبل الاذان،  القرية  مظلمة،  مشت مها  إلى الصلاة  خائرة القوى، وقد اسود فى نظرها الكون، لا تعرف إلى أين هي ذاهبة، نحو الهاوية، نحو الهلاك مطأطأة الرأس، خافضة الطرف،لا يزال ضميرها يئنبها،  انها لم تسرق اموالا ولا ذهبا، جلست على حافة النهر تتوضأ، يسقط الماء من يديها، لا تستطيع ان تغسل وجهها بيدها، بارحت دارهم قبل مطلع الشمس، توجهت لفاطر السموات الارض وأقامت صلاة الفجر، وخلفها والدتها تصلي وهي جالسة، ترفع يديها في جوف الليل، ويحمل الفجر صدى دعواتهم ليطرق بها باب السماء.

اسفر الصبح ولم تنم تلك الليلة عيون مها  على راسها جرّة من الماء، اوقفوها رجال ((الكبير))  وامروا ان تفتش فهي الوحيدة التي هربت ليلة امس من المزرعة، أربعة من الشبان الأشداء من اهل القرية وقفوا بوجههم، ومنعوهم من الامر، اكملت طريقها مها  بين سنابل الحنطة، كانت ساعة رهيبة، وصلت الى باب المزرعة، رجال معلقين..

المرأة
الحياة
العمل
عيون المها
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    أبا الفضل.. بقية الدمع في مآقينا

    القيم والمآثر الأخلاقية في حياة الإمام الحسين

    أنصار الحسين يوم عاشوراء: قصة التضحية والوفاء الأبدي

    ارتفاع هائل في استهلاك الطاقة بسبب الذكاء الاصطناعي

    بناء التنوع.. شعار اليوم العالمي لهندسة العمارة

    جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية تنظم فعاليات نادي ريحانة الصيفي للفتيات

    آخر القراءات

    الإدارة الصالحة ونكران الذات في منهج الإمام علي

    النشر : الثلاثاء 04 آيار 2021
    اخر قراءة : منذ 8 ثواني

    من نساء الطف: أم عمرو بن جنادة الأنصاري

    النشر : الثلاثاء 01 ايلول 2020
    اخر قراءة : منذ 15 ثانية

    ما يمكن أن تستنكره بضغطة زر

    النشر : الثلاثاء 02 تشرين الثاني 2021
    اخر قراءة : منذ 32 ثانية

    دورة المخارج والصفات لمهرجان أفق الانتظار

    النشر : الأحد 08 كانون الثاني 2023
    اخر قراءة : منذ 33 ثانية

    ماهي علاقة الامام الحسين بالملائكة؟

    النشر : الثلاثاء 09 نيسان 2019
    اخر قراءة : منذ 58 ثانية

    دعني أرَك

    النشر : الخميس 21 حزيران 2018
    اخر قراءة : منذ دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1238 مشاهدات

    بعد تراجع وفيات النوبات القلبية.. ما الذي يُهدد حياتنا الآن؟

    • 447 مشاهدات

    أنصار الحسين يوم عاشوراء: قصة التضحية والوفاء الأبدي

    • 443 مشاهدات

    محرّم في زمن التحول

    • 424 مشاهدات

    تحدّي عاشوراء: أربعون يوماً لتكون حسينيّاً في زمن الضياع

    • 422 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية تنظم فعاليات نادي ريحانة الصيفي للفتيات

    • 362 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1332 مشاهدات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1238 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1180 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1113 مشاهدات

    قراءة في كتاب: إدارة الموارد البشرية

    • 776 مشاهدات

    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟

    • 650 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    أبا الفضل.. بقية الدمع في مآقينا
    • الخميس 03 تموز 2025
    القيم والمآثر الأخلاقية في حياة الإمام الحسين
    • الخميس 03 تموز 2025
    أنصار الحسين يوم عاشوراء: قصة التضحية والوفاء الأبدي
    • الخميس 03 تموز 2025
    ارتفاع هائل في استهلاك الطاقة بسبب الذكاء الاصطناعي
    • الخميس 03 تموز 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة