• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

عيون المها (2)

مروة حسن الجبوري / الثلاثاء 06 ايلول 2016 / منوعات / 4363
شارك الموضوع :

خرج ((الكبير)) وصوته يرتفع في فناء البستان مخاطبا الفلاحين: اعملوا.. انتم هنا خدم وانا سيدكم... اثارها صوته، وقفت تنظر اليه من النافذة وعينها

خرج ((الكبير))  وصوته يرتفع  في  فناء البستان مخاطبا الفلاحين: اعملوا.. انتم هنا خدم وانا سيدكم... اثارها صوته، وقفت تنظر اليه من النافذة وعينها مملوءة بالحقد، رفعت يدها وطلبت من الله استجابة دعائها، رسمت خطة  تنقذ فيها عائلتها، مع انحدار نظرتها السريعة نحوه، جلب انتباهها تلك الحقيبة السوداء في يده أمعنت النظر فيها، اسعرت روحها، جالت في افكارها، (( الانتقام...((  الكبير)).. الحقيبة السوداء)) ارتخت  يدها على النافذة، تقدمت خلفه بخطوات خافتة، متوجسة وهي تفكر في سر الحقيبة، خرج ((الكبير)) ومعه الحاشية ركب عربته (عربة الربل)، اسرعت وثوبها يعرقل خطواتها سقطت عند اول بركة في المزرعة، اسرع ((الكبير)) كما اسرعت النيران في قلب مها لم تلحق بهم، رجعت بخيبة ويأس ودمعة، بذيل شالها تمسحها خوفا من حزن أمها، وجه ناحل لسيدة اربعينيهة، الشحوب يرتسم فوق ملامحها تجلس تلتقط حبات الطماطم، هزّت رأسها مها وتقول صبرا يا أمي!! مدت يدها لتسحب  يد والدتها المتحجرة ، مسكت الام  بيد مها   واحتضنتها...  من مسافة بعيد لا ترى وقف الاب يرى ابنته وزوجته  يعانقا بعضهما بعضا بين الزرع، ابتسم وتابع حرث الارض.

 اساور الحرية

توالت الايام على مها،  مزقها الصمت، واعتصرها الالم، فلزمت الفراش ولم تقوَ على الحركة،  يكتوي بنار الحقد قلبها، وبعد ان اعتصرت اخر دمعة في عينها، أطلت الفراشات تنشد الألحان حولها صدحت بكلماتٍ تزهو بخيلائها، عاد ((الكبير)) من جولته، تسمع صراخه من بعد امتار، اوصدت الباب مها واختفت  خلف الخزانة، تنظر اليه، عادت بها ذاكرتها الى والدتها وهي تلمع حذاءه بشالها الاسود، مر شريط حياتهم، داهمت ذاكرتها صور الجوع والظلم، توشّحت بها ذاكرتها المتعبة.. حينما كان يسجن اباها عندما افسد الجراد الزرع، لصقت بالخزانة، دخل ((الكبير)) حجرته، اغلق الباب، وجعل الستار الاسود معلق على بابه وهو عبارة عن ((عدم الاقتراب من الحجرة)) ومن يخالف يقتل او يسجن، توقفت الحركة في المزرعة.

مع غروب الشمس، والصفرة الباهتة تعلو وجوه الفلاحين، والحزن يملأ أعينهم، وقفت مها صامتة تهتز وترتجف، استيقظ ((الكبير)) من قيلولته، رفع الستار، أحضر الخدم الفاكهة بأنواعها، تربع على اريكة من خشب مزخرف، بيده مسبحة، يأمر وينهى، انشغل الخدم مع ((الكبير)) وطالباته  التي لا تعد ولا تحصى، تسللت مها الى حجرته، بخطوة الى الامام واخرى الى الخلف، شرعت تقلّب المكان، لعلها تجد  مفتاح حريتها، وهي تنظر إلى سريره الكبير، وخزانته الخشبية، أغمضت عينيها بألم ثم فتحتهما لترى مرآة عالية، اقتربت منها تبدو جميلة مها رغم خوفها تعثرت بشيئ ما صلب، لا ليست حجارة!  بيدها المرتعشة امسكت به، نظرت اليه والدموع السجينة في اعماقها بدت تتحرر، ليست سارقة، تتنفس بصعوبة،  انفتح الصندوق الاسود، تناثرت الاوراق على الارض، تسرع في احتضانها، تبحث عن وثيقة،  عن سند، كثيرة هي الاوراق،  لا تعرف أي ورقة لها، لا تجيد القراءة، حاولت ان تقرأ الحروف لكنها تائهة في بحر الامية، ضاع جهدها وضاق صدرها...

اخذت بعض من هذه الاوراق وجعلتها في سرها، ثمة اصوات قادمة، رتبت حولها واختبأت خلف الباب، يقترب الصوت من الحجرة، دقات قلبها تسمعها، لحظة اختفى الصوت.. انهم الخدم يوقدون المصابيح فقد حل الظلام، أوصدت الباب بأحكام وعادت إلى المطبخ،  بأصابع مرتعشة، تبحث عن مكان تخبئ فيه الاوراق، بين شفتيها كلمات لاهثة، أحلام مقيدة..

دفنت رأسها بين كتفيها ثم أجهشت  بالبكاء، دموع ساخنة أحرقت وجهها، بلهجة ريفية بسيطة، تدعو الله ان يغفر لها، خائفة، ولما حل الليل وسمعت صوت ((الكبير)) ازدادت خوفاً، تجمع الفلاحين بين خائفٍ وباكي، أمر ((الكبير)) بأغلاق البوابة وعدم الخروج منها، صرخ صرخته المعتادة على الخدم، هنالك من دخل حجرتي وسرق الاموال والمصوغات الذهبية، انثروا المكان، ابحثوا عن السارق وان لم تعثروا عليه ستكون رقابكم تحت سيفي، يلوح بعصاه يهدد ويتوعد، ضج المكان فلا احد يعلم ماذا حصل؟؟

 ((الكبير)) وحش وفظا غليظ القلب،  لا يملك أعصابه، أمر بسجن حاشية المزرعة، وتشكيل فرقة من رجاله يبحثون عن المفقودات في كل مكان، ولهم مدة ثلاثة ايام فقط، من اليوم، سقطت مها  على وجهها مذعورة، ماذا تفعل؟ طلع الفجر الحزين على القرية، وهي غارقة في كهف حزنها وحسرتها، فلا صوت ولا حركة،  فقط صوت رجال ((الكبير))، عيون مها غارقة في بحر من الدموع، انطلق صوت  مسعد  شيخ الجامع، وهو يردد الله اكبر.. الله اكبر، صوته لينا شجيا يدخل القلب قبل الاذان،  القرية  مظلمة،  مشت مها  إلى الصلاة  خائرة القوى، وقد اسود فى نظرها الكون، لا تعرف إلى أين هي ذاهبة، نحو الهاوية، نحو الهلاك مطأطأة الرأس، خافضة الطرف،لا يزال ضميرها يئنبها،  انها لم تسرق اموالا ولا ذهبا، جلست على حافة النهر تتوضأ، يسقط الماء من يديها، لا تستطيع ان تغسل وجهها بيدها، بارحت دارهم قبل مطلع الشمس، توجهت لفاطر السموات الارض وأقامت صلاة الفجر، وخلفها والدتها تصلي وهي جالسة، ترفع يديها في جوف الليل، ويحمل الفجر صدى دعواتهم ليطرق بها باب السماء.

اسفر الصبح ولم تنم تلك الليلة عيون مها  على راسها جرّة من الماء، اوقفوها رجال ((الكبير))  وامروا ان تفتش فهي الوحيدة التي هربت ليلة امس من المزرعة، أربعة من الشبان الأشداء من اهل القرية وقفوا بوجههم، ومنعوهم من الامر، اكملت طريقها مها  بين سنابل الحنطة، كانت ساعة رهيبة، وصلت الى باب المزرعة، رجال معلقين..

المرأة
الحياة
العمل
عيون المها
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    استطلاع رأي: مصباح علاء الدين والأمنيات الثلاث

    أصحاب الامام الحسين.. أنموذج لصداقة لا يفنى ذكرها

    عــودة

    "طبيبة الفرح" تكشف جانبًا خفيًا للاكتئاب يصعب تشخيصه وتقدّم وصفة للتعافي

    من الوحي إلى الدرس: كيف صنع الرسول صلى الله عليه واله وسلم أمة بالعلم؟

    من حديث الثقلين: نحو ركنٍ وثيق

    آخر القراءات

    خمائل من عسجد

    النشر : الأحد 26 شباط 2017
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    كيف تعالجين دوالي الساقين عن طريق الوصفات الطبيعية؟

    النشر : الأربعاء 02 شباط 2022
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    كيف تتخلى عن هاتفك الذكي؟

    النشر : الأربعاء 26 كانون الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ 11 ثانية

    مؤسسة الإمام الحسن المجتبى.. صدى الإنسانية والثقافة

    النشر : الأربعاء 18 تموز 2018
    اخر قراءة : منذ 11 ثانية

    سمفونية الماء الحديث: ماء آرو

    النشر : الأربعاء 16 كانون الثاني 2019
    اخر قراءة : منذ 12 ثانية

    فلسفة الموت في نهج البلاغة.. بين التذكير والتنذير

    النشر : الأربعاء 05 آيار 2021
    اخر قراءة : منذ 12 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    نحن لا نتذكر أيامًا، بل نتذكر لحظات

    • 410 مشاهدات

    من النبوة إلى الإمامة: أحفاد النبي محمد ومسار استمرار الرسالة

    • 385 مشاهدات

    الحجاب وتحديات الانفتاح الرقمي

    • 373 مشاهدات

    عندما يُقيمُ القلب موسمهُ

    • 354 مشاهدات

    فن الاستماع مهارة ضرورية

    • 350 مشاهدات

    تناول الأفوكادو يحسن جودة النوم

    • 345 مشاهدات

    مناهل الأربعين.. فتنافسوا في زيارته

    • 1422 مشاهدات

    زوار الحسين: فضل عظيم وشرف أبدي

    • 1361 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 1235 مشاهدات

    سوء الظن.. قيدٌ خفيّ يقيّد العلاقات ويشوّه النوايا

    • 1084 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 1079 مشاهدات

    بين طموحات الأهل وقدرات الأبناء.. هل الطب هو الخيار الوحيد؟

    • 1048 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    استطلاع رأي: مصباح علاء الدين والأمنيات الثلاث
    • منذ 4 ساعة
    أصحاب الامام الحسين.. أنموذج لصداقة لا يفنى ذكرها
    • منذ 4 ساعة
    عــودة
    • منذ 4 ساعة
    "طبيبة الفرح" تكشف جانبًا خفيًا للاكتئاب يصعب تشخيصه وتقدّم وصفة للتعافي
    • منذ 4 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة