عندما يعزف الماء سمفونية عذبة على مسامع أهل الحي، فتطرب الجارة على نغمة بائع الماء وهو ينادي (ماء ارو).. (ماء ارو)، حيث اعتاد الجميع على صوت نغمته في المنطقةفيخرج أهل الحي يملؤون خزاناتهم من الماء، بعد فقدان الماء الصالح للشرب في بلد تفيض فيه عيون دجلة والفرات، فترتوي المنطقة من بائع الماء عوضا عن مياه الدولة.
وأصبحت هذه المهنة سهلة يعيش منها بعض العوائل، ولا يقتصر الأمر على العراق فقط فهناك دول أخرى تشتري الماء العذب كما هو الحال في سوريا والأردن، فهناك بعض المناطق ملوحة الماء فيها عالية جدا وغير صالحة للشرب لذلك تجد أيضا لديهم هذه السمفونية وإن كانت مختلفة المسمى فعندهم تسمى (ماء فيجة) ولكن يبقى الحال كما هو صهاريج الماء متنقلة.
والسؤال هنا هل يعتبر ماء ارو صالح للشرب ومعالج؟ وهل هناك رقابة صحية وبيئية على هذه الخزانات؟
يتعاطف الناس مع البائعة فيملأ خزانه من دون أن يعرف هل خزان الماء نظيف ومعالج أم أنه مكان للتلوث، هذا ما قاله السيد علاء الصافي في حديثه عن خطورة الماء المعبأ يدويا حيث إن هناك بعض الصهاريج تكون عبارة عن مستنقع للطحالب والجراثيم كما رأيته في إحدى المناطق الشعبية فكان لون الماء قريب إلى الأخضر، وبعد فتح الصهريج وجدت هذه الأمور، وتم محاسبة البائع، نعم البائعة المتجولين لا يملكون رخصة البيع أو التعبئة لأنها مخالفة للشروط الصحية والبيئية، والمواطن هو من يتحمل مسؤولية شراء هذه المياه.
ولأن ماء ارو يتعرض للتلوث باستمرار وإن مادة الكلور لا يعني أن الماء أصبح خاليا من الجراثيم بل إن عملية الخزن التي قد تستغرق أسبوعا يمكن أن يتلوث خلالها الماء من جديد، لذلك فيجب أن تباع هذه المياه في فترة لا تتعدى الثلاثة أيام، وغير أن هناك مسألة قد يجهلها البعض إن بعض الصهاريج تستخدم المياه الثقيلة، ومياه الأنهار الراكدة، والتي تحتوي على نسبة عالية جدا من الملوحة والطفيليات، وإن كان هناك فئة تجدهم يحرصون على نظافة أجسادهم ونظافة الصهريج من خلال تعقيمه وغسل خزان الماء قبل تعبئته لكنهم عملة نادرة جدا في المجتمع.
وفي سياق هذا الموضوع تابعت السيدة منى الجبوري حديثها (لبشرى حياة): إن مشكلة الماء ليست وليدة اليوم، من سنوات عديدة والشعب العراقي يعاني من أزمة المياه الصالحة للشرب، وإن تعددت طرق التصفية لأنها بقيت محدودة في عملها، لذا ناشدت وزارة الصحة العراقية أن يكون هناك خزانات ثابتة في المناطق الشعبية وتحت إشراف الصحة المركزية ويتم تعيين شخص خبير في مادة التعقيم والتنظيف بمادة الكلور وتعريضه إلى أشعة الشمس ودوران الماء فيه حتى لا يكون مستنقع، وثم يتم تصفية الماء وإعطاء إجازة صحية ويشتري أهل الحي الماء من الدولة، بمبلغ لا يتجاوز (500) دينار في المقابل تحصل على ماء نظيف ومعقم وصالح للشرب وتحت إشراف الصحة.
وفي مجال الفلاتر تبادلنا الحديث مع صاحب محل تجاري لبيع فلاتر المياه (أسعد) أجاب: إن فلاتر المياه ممكن أن تنقذك وممكن أن تصيبك بمرض ويظن البعض أن أجهزة الفلاتر محمية وتنقذك من التلوث وتنقية الشوائب والأملاح وأغلب هذه الفلاتر الموجودة هي غير مرخصة ومطابقة للمواصفات، والشاهد على ذلك الشركات والأسعار، وهناك تنافس في بيع الفلاتر وعروض خاصة نقدمها بعيدا عن جودة الفلتر إن أصلي أو تقليد وصلاحيته ، موضحاً أنه توجد حرب بين شركات إنتاج الفلاتر وشركات بيع المياه المعبأة، فكل منهم يطعن في صحة الآخر ويتهمه في سوء تعبئته.
إن هذه المعاناة لا تنتهي ما لم تنتهي أزمة المياه أولا وإن عولجت لفترة ستعود إلى المربع الأول وهي عدم صلاحية المياه.
اضافةتعليق
التعليقات