عندما يتساوى اليقين والشبهة يلعلع الدينار ويرتفع ازيز الدرهم على كل اصوات الاستقامة والنزاهة، عندها تبح الاصوات في صحاري مقفرة فليس للديكتاتورية آذان صاغية..
فيصبح ميزان العدالة مقلوبا ليصنع من تلك الفئة ورشة ضد الاصلاح بل سوق مزاد مفتوح لمن يكرس الفساد ويزيد الظلم على العباد، فتصبح اصوات الاحزاب اشبه بمنهج العصابات والارهاب، فمن يظن ان المنظومة القضائية التي ينخرها الفساد والمحاصصة يمكنها محاسبة رؤوس الجريمة هي السذاجة بعينها او محاولة خداع النفس بالوهم والسراب، فتتكون طاحونة للطبقة المحرومة ومشتل لحقوق مهضومة .
بينما يدعي الجميع اننا نملك الحرية في بلد الديكتاتورية ..
متى تتوفر الحرية؟
تتوفر الحرية حينما يتوفر الاختيار، اذن هنا نشير الى مفهوم الحرية هو الاختيار ونحن لانملك الاختيار، فقط هي بعض اوراق نخط عليها اسماء ثم بين ليلة وضحاها نجد الشخص الحاكم هو بمحض ارادة الساسة وكانت اصواتنا مجرد وسيلة لاخفاء الحقيقة، يوهموننا اننا نملك الحرية في الاختيار ولكن الحقيقة هي محض سراب ونحن لديهم دمى يحركونها متى ارادوا.
لذلك نحن حتى لاينطبق علينا تحمل مسؤولية الاختيار فهم حقا ليسوا من اختياراتنا بل من اختيارات الساسة ومصلحة ذاتية تتعلق بمدى قوة المتقدم ومدى فساده ليكتمل مضمار الجور بالقضاء الذي يتركهم على هواهم فيرسمون لنا مسرحا للدماء والصراعات، فقبل ان يظلموا العباد قد استطالوا على رب العباد، تركوا الظالم بحجج واهية وجعلوا من يد السارق مرقدا للصمت لعلهم يطولوا بعض ما سرق فيطلقون احكام لاوجود لها يظلم بها الفقير ويترك الظالم المتجبر المتمكن كأن يكون (في مقتبل العمر).
لكن لا اعلم لما هذه الكلمة لاتسود جميع الاحكام ففي السجون شباب بعمر الورود لم يبلغوا الحلم والى الان لايعلمون سبب تواجدهم في زنزانات الموت، لما هذه الاحكام تنطبق لاولاد الساسة ولا تلوح الفقير، لما لايتساوى الظالم وحجم حقيبة إتاوته والمظلوم يتكافأ شح جيبه مع حجم الهراوة التي تهوى على ام رأسه ..
اذن هنا سلبنا مفهوم الحرية، وليس علينا وزر تحمل المسؤولية فمن اللحظة التي يبدأ بها الانسان بإستخدام حريته من خلال الاختيار يكون قد بدأ بتحمل مسؤولية هذا الخيار..
قال الإمام عليّ (عليه السلام) - لمّا سُئل عن العدل والجود: أيّهما أفضل؟:
العدل يضع الاُمور مواضعها، والجود يُخرجها من جهتها، والعدل سائس عامّ، والجود عارض خاصّ، فالعدل أشرفهما، وأفضلهما.
اذن هنا اشار امير المؤمنين عليه السلام ان العدل اساس كل شيء وعدم التمييز بين غني وفقير. فحينما يسود العدل البلاد ويتعامل الحاكم بمبدأ الثواب والعقاب ستكون هناك بلد قوية لاتطولها يد ظالم ولايتجرأ سارق على دينار من اموال الفقراء..
عن امير المؤمنين (عليه السلام):
إذا أدّت الرعيّة إلى الوالي حقّه، وأدّى الوالي إليها حقّها عزّ الحقّ بينهم، وقامت مناهج الدين، واعتدلت معالم العدل، وجرت على أذْلالها السنن، فصلح بذلك الزمان، وطمع في بقاء الدولة، ويئست مطامع الأعداء..
فإن الله ارسل رسله، وأنزل معهم ميزان العدل؛ ليقوم الناس بالقِسط، وما ذلك إلا لأهميته، قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} (الحديد من اﻵية:25).
فالعدالة هي مفهوم عدم الانحياز في محاكمة اي انسان لاي امر، وتكون بعيدة عن التحكم فالعدالة عكس الظلم والجور والتطرف، فهي قاعدة اجتماعية اساسية لاستمرار حياة البشر مع بعضهم البعض، وهي القاعدة التي تنطلق منها بحوث ايجاد المقاييس والمعايير الاخلاقية والقانونية، فهي القانون الالهي وحق يتمتع به الفقير والثري..
وعن امير المؤمنين (عليه السلام): إذا بُني الملك على قواعد العدل، ودُعم بدعائم العقل نصر اللَّه مواليه، وخذل معاديه.
لماذا نصنع القوانين؟
نصنع القوانين ونضع القضاة للعدل، لحفظ حقوق الانسان وتمييز ماهو جيد عن كل ماهو سيء، اذن مافائدة القوانين ان لم تكن لنا الشجاعة لتنفيذها، اذن كل واحد منا ملزم ان يتدخل من موقعه وان لايقف صامتا عند مشاهدة الظلم، فعندما لاندافع عن حقوقنا نفقد كرامتنا، لاتبقوا صامتين بعد الآن فالكرامة ليست قابلة للتفاوض .
اضافةتعليق
التعليقات