في عتمة هواجس الأفكار، أنار يراعي وهو ينبض بعذب البوح وجميل الكلام، ويرسم خارطة الطريق؛ لتحلق روحي وتطلق له العنان في عالم تزهر فيه الحروف وتبحر المعاني وتنسج الأحلام. ولكن؛ اليوم أشعر أنه هزيل، وعار؛ يرتجف وهو يحاول أن يسرد أسطورة حقيقية لأعظم رجل في عالم الوجود بعد النبي، صلوات الله وسلامه عليهما.
ترى؛ هل أستطيع إماطة اللثام، ورفع ستار مسرحية كتبها بعض مهرجي السلاطين ليخفوا شمس الحقيقة الواضحة لحادثة "يوم الغدير"؟.
ﺍﻟﻐﺪﻳﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻨﺨﻔﺾ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽ ﻳﺠﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﻣﺎﺀ ﺍﻟﻤﻄﺮ ﺃﻭﺍﻟﺴﻴﻞ، ﻭﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻴﻆ .
ﺃﻣّﺎ ﺧُﻢّ: ﻓﻘﺪ ﻧﻘﻞ ﻳﺎﻗﻮﺕ ﺍﻟﺤﻤﻮﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﺰﻣﺨﺸﺮﻱ ﻗﻮﻟﻪ: ﺧُﻢّ ﺍﺳﻢ ﺭﺟﻞ ﺻﺒّﺎﻍ، ﺍُﺿﻴﻒ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻐﺪﻳﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﻦ ﻣﻜﺔ ﻭﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎﻟﺠُﺤﻔﺔ. ﻭﻗﻴﻞ: ﺇﻥَّ ﺧُﻤّﺎً ﺍﺳﻢ ﻏﻴﻀﺔ ﻫﻨﺎﻙ، ﻭﺑﻬﺎ ﻏﺪﻳﺮ ﻧُﺴﺐ ﺇﻟﻴﻬﺎ.
ففي هذا اليوم، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻷﻋﻈﻢ، صلى الله عليه وآله، ﻭﻫﻮ ﻳﻤﺴﻚ ﺑﻴﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ، عليه السلام :
"ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ؛ ﻣﻦ ﻛﻨﺖ ﻣﻮﻻﻩ ﻓﻌﻠﻲ ﻣﻮﻻﻩ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻭﺍﻝ ﻣﻦ ﻭﺍﻻﻩ، ﻭﻋﺎﺩ ﻣﻦ ﻋﺎﺩﺍﻩ، ﻭﺃﻧﺼﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﺮﻩ، ﻭﺍﺧﺬﻝ ﻣﻦ ﺧﺬﻟﻪ، ﻭﺃﺣﺐ ﻣﻦ ﺃﺣﺒﻪ، ﻭﺃﺑﻐﺾ ﻣﻦ ﺃﺑﻐﻀﻪ".
نعم؛ يدعي البعض أن معنى المولى هو الصاحب، وأن هذا ما قصده النبي، صلى الله عليه وآله؛ فهل من المعقول أن يجمع الرسول، صلى الله عليه وآله، أكثر من مائة ألف حاج وفي يوم قيظ لكي يخبرهم أن عليا هو أخوه؟!.
فهل يجهلون أن كلمة "المولى" من الأضداد؛ أي أن لها معنى، ومعنى آخر ضده.
"المولى" تأتي بمعنى السيد المطاع، و تأتي بمعنى الخادم العبد، أيضا. ويعرف المعنى من سياق الجملة .
وفي خطبة الغدير المشهورة، جاءت كلمة "المولى" بمعنى السيد المطاع، والأولى بالأمر.
فقول النبي، صلى الله عليه وآله وسلم :"فمن كنت مولاه"؛ أي: فمن كنت أنا أولى به من نفسه .
"فهذا علي مولاه"؛ أي: فهذا علي، عليه السلام، أولى به من نفسه؛ من بعدي.
فإن من البديهي والمنطقي أن يضع الرسول، صلى الله عليه و آله، من يخلفه ويدير شؤون الأمة من بعده؛ فالرسول لا يتحدث بما تهوى نفسه كما في قوله تعالى: {ﻭَﻣَﺎ ﻳَﻨﻄِﻖُ ﻋَﻦِ ﺍﻟْﻬَﻮَﻯ ( 3 ) ﺇِﻥْ ﻫُﻮَ ﺇِﻟَّﺎ ﻭَﺣْﻲٌ ﻳُﻮﺣَﻰ ( 4 )} ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺠم.
فيوم الغدير يوم عظيم ﻟﻌﻈﻤﺔ ﺍﻟﺤﺪﺙ، ﺣﻴﺚ ﺻﺪﺭ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻣﺮ ﻋﺎﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻠﻲ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ، ﻟﻨﺒﻴﻪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻷﻋﻈﻢ، صلى الله عليه وآله، ﺑﺎﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﺘﺒﻠﻴﻎ ﺃﻫﻢ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ، ﻭﺩﻭﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﺗﺒﻠﻎ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ، ﻭﺫﻟﻚ بتنصيب ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ، عليه السلام، ﻭﻟﻴﺎ ﻭﺃﻣﻴﺮﺍ، ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﻣﻦ حجة الوداع في العام العاشر للهجرة، ﺑﺤﻀﻮﺭ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺠﺎﺝ، ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ مائة ﺃﻟﻒ ﺣﺎﺝ، ﻭﺃﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﻭﻓﻲ ﻃﻠﻴﻌﺘﻬﻢ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺑﻤﺒﺎﻳﻌﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ وإمرة المسلمين.
إﻧﻪ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻬﻲ عاجل ﻻ ﻳحتمل ﺍﻟﺘﺄﺧﻴﺮ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﻮﺭﺓ ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﻣﺮﺍﺳﻢ ﺍﻟﺘﻨﺼﻴﺐ ﻫﻨﺎﻙ.. إنه ﺃﻣﺮ خطير ومهم وﻓﻴﻪ ﺣﻜﻤﺔ، ﻭﻓﻴﻪ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﻟﻠﻌﺒﺎﺩ .
ﻣﺎ ﺍﻟﺴﺮ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ؟
ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻮﻳﻼﺕ، ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺪﻥ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ، ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻐﺪﻳﺮ ﺍﻻﻏﺮ، ﻭﺍﻟﺘﺰﻭﺩ ﻣﻦ ﻋﺒﻖ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ .
الإﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ( ﻉ ) ﺳﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ..، ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ( ﺹ ): .."ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻓﻚ - ﻳﺎ ﻋﻠﻲ - ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﻧا".
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
{ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟﺮَّﺳُﻮﻝُ ﺑَﻠِّﻎْ ﻣَﺎ ﺃُﻧْﺰِﻝَ ﺇِﻟَﻴْﻚَ ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻚَ ﻭَﺇِﻥْ ﻟَﻢْ ﺗَﻔْﻌَﻞْ ﻓَﻤَﺎ ﺑَﻠَّﻐْﺖَ ﺭِﺳَﺎﻟَﺘَﻪُ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻳَﻌْﺼِﻤُﻚَ ﻣِﻦَ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻟَﺎ ﻳَﻬْﺪِﻱ ﺍﻟْﻘَﻮْﻡَ ﺍﻟْﻜَﺎﻓِﺮِﻳﻦَ}. (ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ: 67).
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻷﻋﻈﻢ (ﺹ) ﻭﻫﻮ ﻳﻤﺴﻚ ﺑﻴﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ (ﻉ ):
" ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ؛ ﻣﻦ ﻛﻨﺖ ﻣﻮﻻﻩ ﻓﻌﻠﻲ ﻣﻮﻻﻩ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻭﺍﻝ ﻣﻦ ﻭﺍﻻﻩ ﻭﻋﺎﺩ ﻣﻦ ﻋﺎﺩﺍﻩ، ﻭﺃﻧﺼﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﺮﻩ ﻭﺍﺧﺬﻝ ﻣﻦ ﺧﺬﻟﻪ ﻭﺃﺣﺐ ﻣﻦ ﺃﺣﺒﻪ ﻭﺃﺑﻐﺾ ﻣﻦ ﺃﺑﻐﻀﻪ".
ﻟﻜﻨﻲ ﺃﺭﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ أن ألقي باﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ على المفكرين ﻭﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﺮآنية ﻭﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﺑﺤﻖ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ (ﻉ) ﻟﻨﺼﻞَ ﺍﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻋﻠﻤﻴﺔٍ وﻋﻤﻠﻴﺔٍ ﻧﺎﻓﻌﺔ؛ ﻻ ﺍﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔٍ ﺑﺎﺋﺴﺔ، ﺗﺬﻫﺐ ﺃﺩﺭﺍﺝَ ﺍﻟﺮﻳﺎِﺡ ﻟﺨﻔﺔِ ﻭَﺯﻧِﻬﺎ .
ﺍﻥ الصراخ والقذف بالباطل واللعن الذي كان متوارثا لسنوات ﻫﻮ- ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ - ﻫﻮﺍﺀ ﻓﻲ ﺷﺒﻚ.
ﺍﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴر ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ وﺍﻟﺘﺠﺮﺩِ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﻬﻞ اﻟﻮﺧﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﻥ يقطعَ ﺃﻭﺻﺎﻝ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ، ﻓﻲ ﻭﻗﺖ حرج ﺑﻤﺎ ﻛﺴﺒﺖْ ﺃﻳﺪﻱ ﺍﻟﻨﺎﺱ؛ تقوي ﻣﻦ ﺭﻛﺎﺋﺰ ﻣﺪﺭﺳﺔِ ﺍﻟَﻮﺣﺪﺓِ ﺍﻷﺳﻼﻣﻴﺔ، وتناسب رقي ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ .
لقد انتهت صلاحية شراء الذمم؛ فهي ﻛﺎﻟﻐﺬﺍءِ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪ، ﻳﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ مدة اكله. فلا ﺍﻟﺸﺒﻜﺔُ ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺗﻴﺔُ، ولا اصوات عواء الذئاب ﻣﻬﻤﺎ ﺃﻭتيت ﻣﻦ ﻗﻮﺓٍ ﺑﻘﺎﺩﺭﺓٍ ﻋﻠﻰ ﺣﺠﺐ ﺷُﻌﺎﻉِ ﻋﻠﻲٍ (ﻉ) ﺍﻟﺴﺎﻃﻊ ﺍﻟﺬﻱ يشق القلوب النقية وينشر فيها النور .
اضافةتعليق
التعليقات