إن التهاب الأسناخ المليف خفي المنشأ أو ما يشار له بالتليف الرئوي مجهول السبب في أمريكا الشمالية يعتبر مثالاً للعديد من المظاهر النموذجية للمرض الرئوي الخلالي، وبالتعريف لا يترافق هذا الشكل من التهاب الأسناخ المليف باضطراب جهازي صريح أو اضطراب في النسيج الضام، ولقد ثبت أن كلاً من فيروس ابشتاین بار والتعرض للأغبرة المعدنية والخشبية كانت مرافقة للمرض، وإن معدل حدوث CFA هو 6-10 من كل 100000 في كل عام وشيوعه بين المدخنين تقريباً ضعف شيوعه بين غير المدخنين، وإصابة الرجال أكثر شيوعاً من النساء.
من غير المحتمل أن يكون CFA حالة مرضية مفردة وحالياً تم تمييز أشكال أخرى من المرض الخلالي مجهول السبب بشكل سريري وتشريحي مرضي، ومثل هذا التمييز هام كون العديد من الحالات تستجيب بشكل أفضل بكثير للمعالجة بالستيروئيدات القشرية كما أن لها إنذاراً أفضل.
وتبدي الرئتان بالدراسة المجهرية تليفاً تحت جنبي ومظهر قرص العسل وذلك غالباً في الفصوص السفلية والمناطق الجنبية القاعدية والجانبية، كما أن هناك اضطراباً في البناء المعماري وآفات مميزة من التكاثر الليفي تمثل الأماكن الشافية من الأذية السنخية، كما يوجد ارتشاح متبدل بخلايا وحيدة النوى في الجدران السنخية وتليف وتكاثر عضلي أملس.
A. المظاهر السريرية
غالباً ما يكون الـ CFA مرض الكهول، بعمر وسطي عند المراجعة 69 سنة، وتعتبر الزلة الجهدية المترقية عادةً العرض البارز وغالباً ما تكون مترافقة بسعال جاف مستمر، ويلاحظ في 60% من المرضى وجود تبقرط أصابع ويمكن أن يكون هناك تحدداً في تمدد الصدر ويمكن سماع خراخر فرقعية عديدة ثنائية الجانب في نهاية الشهيق على الإصغاء خصوصاً فوق المناطق السفلية خلفياً .
B. الاستقصاءات
ليست الاختبارات الدموية بذات قيمة في إثبات تشخيص الـ CFA ، لكن من ناحية ثانية يمكن اكتشاف العامل الرثواني والعامل المضاد للنوى في 30-50% من المرضى، أما الـ ESR ونازعة هيدروجين اللاكتات (LDH) فتكون مرتفعة في معظم الحالات.
يظهر تصوير الصدر الشعاعي كثافات رئوية منتشرة تكون عادة أكثر وضوحاً في المناطق السفلية وبشكل محيطي، كما يكون هناك ارتفاع في نصفي الحجاب وتبدو الرئتان صغيرتان، وقد تبدي صورة الصدر الشعاعية في المرض المتقدم مظهر قرص العسل حيث تتداخل في الظل الرئوي المنتشر مناطق شفافة كيسية صغيرة، كما تكون رئة قرص العسل أيضاً مظهراً مميزاً لأمراض نادرة مثل داء كثرة منسجات خلايا لا نغرهانس والتصلب الحدبي، ويمكن أن يكشف الـ CT الدقة الصورة المميزة ويكون مفيداً بشكل خاص في المرض الباكر حيث قد تكون تبدلات صورة الصدري طفيفة أو غائبة.
تبدي اختبارات الوظيفة الرئوية اضطراباً حاصراً في التهوية مع نقص متناسب في VC و FEVI ويكون عامل نقل أول أوكسيد الكربون منخفضاً ويوجد نقص إجمالي في الحجم الرئوي، ويوجد في المرض الباكر نقص أكسجة دموية شريانية على الجهد، وفيما بعد يحدث نقص الأكسجة الدموية الشريانية ونقص كربون الدم أثناء الراحة.
يمكن وضع التشخيص الأكيد للـ CFA بناءً على القصة والموجودات السريرية والمظهر المميز لصورة الـ CT عالي الدقة، وفي حال كان هناك شك فيستطب إجراء خزعة رئوية مفتوحة، وبشكل عام لا تكون الغسالة القصبية السنخية والخزعة عبر القصبية مفيدةً ولا تسمح للمشرح المرضي بالتفريق بين CFA والأشكال الأخرى من التليف الرئوي.
C التدبير
يكون معدل الموت عالياً في CFA، وتعتبر البقيا لما بعد 5 سنوات أمراً نادراً ، ولا توجد دراسات حول الستيروئيدات القشرية أو الأدوية المثبطة للمناعة البديلة في الـ CFA لكن نسبة المرضى الذين يستجيبون من ناحية الأعراض أي من ناحية معالجة الأعراض) (50) ومن ناحية الوظيفة الرئوية (25)، وحالياً يُنصح بمثل هذه المعالجة في المرضى العرضيين بشدة أو الذين لديهم مرض مترق بسرعة أو لديهم مظهر الزجاج المطحون ground-glass على الـ CT أو لديهم هبوط ثابت > 15% في FVC الخاص بهم أو في نقل الغاز على مدى 3-6 شهور، أما المعالجة البدئية الموصى بها فهي معالجة مشتركة بالبريدنيزولون (0.5 مغ/كغ) و azathioprine - مغ/كغ).
يتم تقييم الاستجابة لهذه المعالجة بقياس متكرر للحجوم الرئوية وعامل النقل وصورة الصدر، أما المعالجة المثبطة للمناعة فينبغي سحبها على مدى بضعة أسابيع إذا كان لا يوجد استجابة، أما إذا ثبت وجود مؤشر موضوعي على التحسن فيمكن إنقاص جرعة البريدنيزولون بشكل تدريجي.
D. الإنذار
معدل البقاء الوسطية للمرضى المصابين بهذا المرض هو بحدود 3-5 سنة، وتحدث معظم الوفيات في المرضى فوق عمر الـ 55، مع ملاحظة وجود سيطرة للمرض لدى الذكور، ويختلف معدل ترقي المرض بشكل كبير من الموت في غضون أشهر قليلة إلى البقاء على قيد الحياة بأعراض صغرى لعدد من السنوات، وقد تخمد العملية المرضية أحياناً لكن يكون المرض في غالبية المرضى مترقياً حتى في هؤلاء الذين حدثت لديهم استجابة للمعالجة، وينبغي أخذ زراعة الرئة بعين الاعتبار في المرضى الشباب المصابين بالمرض المتقدم.
اضافةتعليق
التعليقات