عندما نتحدث عن الامام الحسين عليه السلام لا نتحدث عن إنسان عادي عاش ثم مات دون أن يكون له أي تأثير في الحياة إنما نتحدث عن شخصية قدسية حلقت في سماء المجد والعظمة حتى وصلت إلى أسمى المراتب وأرفع المقامات، فلن يسبقها سابق ولن يلحقها لاحق في جميع المناقب والفضائل والمآثر والمكرمات.
إنها الشخصية الكبيرة التي تمثل الامتداد الطبيعي لخط النبوة. والرسالة في الأرض وهي الشخصية المعصومة التي تهدي للتي هي أقوم وكما أنها حلقة الوصل بين الأرض والسماء وباب من أبواب الله التي منها يؤتى..
فالملفت للأنظار أنه كل ما اقترب عاشوراء وبدأ محبيه بالتأهب والاستعداد لإحياء الشعائر الحسينية تبدأ من جهة أخرى الحملات الإعلامية ضدهم ويبدأ اللوم والانتقادات والاعتراضات على تقديم الخدمات وعلى إقامة التعازي لا وبل حتى البكاء الذي هو خارج عن ارادتنا استكثروه على الحسين عليه السلام!.
من وجهة نظرهم الأمر لا يستحق لأن شخص استشهد في معركة ونسوا أن ماحدث للحسين وبروايات أهل البيت عليه السلام أعظم وأدهى مما ذكرته كتب التاريخ وأن ماحدث يوم عاشوراء أصعب وأفجع مما عرفنا وسمعنا فهي ليست مصيبة بل من أعظم الرزايا التي حدثت في تاريخ البشرية.
إن مصيبة الحسين عليه السلام وأبنائه الكرام قد بلغت عنان السماء وبكت لها السماوات والأرض بالدماء وناحت لها الوحوش والحيتان في لجج الماء واقامت الملائكة فوق سبع الطباق مأتماً وسكنت بسببها حركات الفلك الدوار.
كيف لا وقد أصبح لحم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله أشلاء على التراب مقطعة بسيوف أهل البغي. ولا ننكر ماذكره البصيري في كتابه (إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة) عن ام سلمة كان النبي نائماً في بيتي فجاء الحسين عليه السلام يدرج وعمره لا يتجاوز خمس سنوات فقعد على الباب فاسكته مخافة أن يدخل ويوقظ النبي صلى الله عليه وسلم وآله، قالت: ثم غفلت في شيء فدّب فدخل ثم قعد على بطنه فسمعت نحيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
إن رسول الله ينحب للحسين، ليست فقط دموع على عينيه. وهم يعترضون لماذا هذا البكاء والنحيب والصراخ، من أين جئتم بهذه البدع، هؤلاء بالحقيقة لم يقرأوا تراثهم ولم يعلموا إذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو من ابتدأ بذلك.
من المسلّمات أن السير على نهج الحسين عليه السلام والاقتداء بشخصه من الأولويات وأن نتذكر دوماً أن الحسين عليه السلام (عَبرة وعِبرة).
وللذين يحاولون اخماد ومضة هذه الشعائر عليهم أن يتذكروا ما اقسمت عليه جبل الصبر الحوراء زينب عليها السلام في مجلس اللعين ابن زياد (فو الله لن تمحوا ذكرنا). فهي محاولات بالتأكيد فاشلة وعلى مر العصور.
ولايخفى على الكثير أن هناك بعض الظواهر والسلوكيات المنافية للدين والشرع وحتى للذوق العام فالظواهر السلبية التي تحدث في هكذا مناسبات والتي يجب الوقوف عليها تحدث حتى في موسم الحج، فابتعدوا عن التعميم في انتقاداتكم وعن السطحية في آرائكم واعلموا أن زوار الحسين عليه السلام ليسوا ملائكة ولكن أغلبهم قصدوا الحسين لالتماس الدعاء وغفران الذنوب.
دعوهم يقيموا الشعائر ويحيوا الذكرى الأليمة ولا تنعتوهم بالتخلف والرجعية فالعاشق مجنون كيف هو الحال إذا كان المعشوق هو (الحسين).
اضافةتعليق
التعليقات