حلل الباحثون في هذه الدراسة بيانات 2067 امرأة متوسط أعمارهن 43.2 سنة، وكان 53.5% منهن في فترة ما حول سن انقطاع الطمث. وقد قيّم الباحثون التاريخ المرضي للصداع النصفي عبر التقرير الذاتي وقيّموا جودة النوم ومدته باستخدام استبيان مؤشر بيتسبيرغ لجودة النوم-PSQI. وقد أبلغت 28.7% من النساء عمومًا عن تاريخ صداع نصفي، بينما حقق 71.2% معايير قلة النوم.
لقد جمع الباحثون أيضًا بيانات تتضمن مؤشر كتلة الجسم (BMI) والقلق والاكتئاب وشدة الهبات الساخنة. فوصل الباحثون إلى أن وجود تاريخ إصابة بالصداع النصفي يُنبِئ بقلة النوم لدى النساء غير منقطعات الطمث والنساء في الفترة حول سن انقطاع الطمث. ولم يجد الباحثون أي علاقة بين الصداع النصفي ومدة النوم في كلا مجموعتي النساء.
إن دراسة العلاقة بين قلة النوم والصداع النصفي في أثناء الفترة الانتقالية لسن انقطاع الطمث ستساعد الباحثين على تطوير علاجات واستراتيجيات وقائية لتحسين النوم وتقليل الصداع النصفي بين النساء في فترة ما حول انقطاع الطمث.
وفي هذه الدراسة الحديثة وجد الباحثون علاقة بين الصداع النصفي وقلة النوم لدى النساء غير منقطعات الطمث ومن هنّ في الفترة حول انقطاعه، لكنهم وجدوا أن قلة النوم لدى المجموعة الأخيرة سببها غالبًا أعراض انقطاع الطمث.
وفي دراسة حديثة قارن باحثون تأثير الصداع النصفي (الشقيقة) في جودة النوم لدى النساء اللاتي لم يدخلن سن انقطاع الطمث ومن هنَّ في الفترة الزمنية حوله، فوجدوا أن تاريخ الإصابة بالصداع النصفي يتنبأ بجودة النوم لدى النساء في المجموعة الأولى لكن ليس في الثانية، وأن متخصصي الرعاية الصحية يجب أن يأخذوا حالة انقطاع الطمث بالحسبان عند معالجة قلة النوم لدى النساء.
يزداد احتمال سوء جودة النوم لدى النساء مقارنةً بالرجال، وتْظهر الدراسات أيضًا أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالشقيقة بمعدل مرتين إلى ثلاث مرات من الرجال. وتظهر أبحاث أخرى أن سوء جودة النوم قد يزيد خطر الإصابة بالصداع النصفي، وقد يتفاقم في أثناء الفترة ما حول انقطاع الطمث لكنه يعود للتحسن بعدها.
وقالت الدكتورة نسيمة ديانا شادبير التي لم تشارك في الدراسة لكنها مديرة عيادة الصداع في سيدار سيناء في لوس أنجلوس: «لم يكن غريبًا أن تتأثر جودة النوم (تسوء) لدى النساء ممن لم يدخلن سن انقطاع الطمث ولديهن تاريخ إصابة بالصداع النصفي. لكن، ما كان غريبًا أن هذه النتيجة نفسها لم تظهر في نساء ما حول سن انقطاع الطمث».
قال الدكتور كوميرين كوفيندر الذي لم يشترك في الدراسة أيضًا لكنه رئيس الأطباء وأحد مؤسسي شركة Neurolytic Healthcare و Mable و DPhil للطب السريري في جامعة أكسفورد: «تُظهر هذه الدراسة أن النساء في فترة ما حول سن انقطاع الطمث قد يتأثرن بعوامل إضافية، كمؤشر كتلة الجسم والقلق والاكتئاب ووجود الهبات الساخنة التي قد تكون مسؤولة عن النوم السيئ؛ لهذا بالوسع التركيز على هذه العوامل ومعالجتها تحديدًا لتحسين جودة النوم لدى النساء في فترة ما حول انقطاع الطمث».
العلاقة بين جودة النوم والصداع النصفي
سأل موقع (ميديكال نيوز توداي MNT) الدكتورة ستيفاني فوبيون إحدى مؤلفي الدراسة ومديرة مركز مايو كلينيك لصحة المرأة والمديرة الطبية لجمعية سن انقطاع الطمث في أمريكا الشمالية عمَّ قد يفسر علاقة جودة النوم والإصابة بالصداع النصفي لدى النساء قبل سن انقطاع الطمث ومن هنَّ في الفترة حوله.
فأجابت: «قد يكون الرابط المحتمل بين جودة النوم والصداع النصفي هو أنه قد توجد بعض المسارات المشتركة في الدماغ التي تؤثر في كليهما».
وبحسب الدكتور مدحت ميخائيل الذي لم يشارك في الدراسة لكنه مختص بإدارة الألم والمدير الطبي للبرنامج غير الجراحي في مركز صحة النخاع الشوكي في مركز ميموريال كير أورانج كوست الطبي في فاونتن فالي في كاليفورنيا، ينظم هرمون الإستروجين الجهاز التناسلي الأنثوي وينظم أيضًا المواد الكيميائية التي تؤثر على الإحساس بالألم، وأشار إلى أن انخفاض مستويات هرمون الإستروجين (خصوصًا عند نساء منتصف العمر في فترة الدورة الشهرية) قد يؤدي إلى حدوث الصداع النصفي. وأضاف أنه نظرًا لكون النساء أكثر عرضةً لاضطرابات المزاج مثل القلق والاكتئاب من الرجال، فقد يعانين أيضًا مشكلات نوم أكثر لأن الكثير من النواقل الكيميائية العصبية المعطلة في هذه الحالات تشارك أيضًا في تنظيم النوم.
وبحسب سمر غيث إحدى مؤلفي الدراسة والمرشحة الطبيبة في مدرسة أليكس الطبية في مايو كلينيك، تؤدي الهرمونات الجنسية دورًا كبيرًا في الصداع النصفي وقلة النوم لدى النساء، وقد تفسر أيضًا سبب زيادة عرضتهن له (في كلتا الحالتين) مقارنةً بالرجال.
وأضافت: «قد تؤثر اضطرابات أخرى على علاقة الصداع النصفي والنوم بشدة خلال فترة ما حول انقطاع الطمث، ما يجعل الارتباط المستقل بين الصداع النصفي والنوم أضعف خلال هذه المرحلة. ومن هذه الاضطرابات الهبات الساخنة والتعرق الليلي، إضافةً لاضطرابات المزاج، مثل الاكتئاب والقلق».
وخلص الباحثون إلى أن استراتيجيات تدبير اضطرابات النوم قد تختلف تبعًا لوضع السيدة بما يتعلق بانقطاع الطمث.
محدودية الدراسة
عندما سُئل الدكتور فوبيون عن محدودية الدراسة، أشار إلى أنها دراسة مقطعية مستعرضة، ما يعني أنها تستطيع الكشف عن وجود علاقة فقط دون إثبات كونها سببية أم لا.
قالت شادبير: «كانت الفئة السكانية من الأمور التي تحد الدراسة، إذ شكّلت النساء ذوات البشرة البيضاء 92.2% من العدد الكلي ودخل 86% على الأقل الكلية. وإن وجود دراسة تبحث في نطاق أوسع من التركيبة السكانية للمرضى ستساعد في جعل النتائج أكثر قابلية للتطبيق».
أشارت كذلك إلى أن الدراسة مع ذلك لديها بعض نقاط القوة الرئيسية، مثل كبر حجم العينة وأن نتائجها ذات دلالة إحصائية. وقالت أيضًا: «إضافة إلى ذلك، من المعروف أن التبدلات الهرمونية وخصوصًا الإستروجين تحرّض الصداع النصفي، ومراعاة جميع التغيّرات التي يمر بها جسم المرأة ما قبل سن انقطاع الطمث وما حوله تساعدنا على خدمة مرضانا بطريقة أفضل».
اضافةتعليق
التعليقات