بعض المشاكل التي يعاني منها الطفل لا ينحصر أثرها على الطفل نفسه أو العائلة التي ينتمي إليها؛ وإنما يخرج بعضها ليمتد أثرها إلى الأرحام أو الجيران أو المنطقة التي يعيش فيها ومن أكثر المشاكل التي يعاني منها الوالدان وبعضهم قد دفع آثار ذلك السلوك أما على شكل تعويض مادي لمن تعرض لذلك الأثر لاسيما إذا أحدث ضررًا بليغًا للطرف الآخر أو على شكل قطع بعض العلاقات بسبب تلك المشاكل.
إنها مشكلة العدوانية لدى بعض الأطفال عرفها البعض بأنها نشاط يقوم بها الفرد لإلحاق الأذى بالآخرين سواء بطريق الإستهزاء والسخرية والهجاء أو بإحداث الأذى والألم الجسدي ويتخذ سلوك العدوانية أشكالًا عديدة فتارة يكون على شكل أذى جسدي لطرف آخر ولا يشترط أن يكون الطفل الآخر طفلا بل يمكن أن يتوجه لشخص بالغ في العدوانية لدى الأطفال لا تقف في بعض الأحيان عند فئة معينة أو عمر معين بل يمكن أن تشمل عدوانية الطفل كل فئات المجتمع ولا يستبعد أن بعض الأطفال قد يستخدم السلاح.
وتارةً أخرى يُجسد هذا السلوك على شكل كلام يتضمن الفحش والسباب؛ خاصة إذا كان يعيش الطفل ضمن بيئة لا تتورع عن إستخدام الألفاظ المستقبحة، أما الشكل الثالث الذي يظهر به هذا السلوك هو الإستحقار والإنتقاص ولا ويمكن تحول هذا النوع في المستقبل إلى درجة من درجات العنصرية والتمييز.
منشأ العدوانية:
هناك أسباب عديدة للعدوانية من أهمها: أولًا: حبُ التملك؛ وحب التملك وإن كانت غريزة متجذرة في النفس إلا أنها تكون مذمومة إذا تعدت خطوطها المرسومة وهذا السبب قد يكون محل ابتلاء عند الطفل الذي يعاني من الفقر.
ثانيًا: الشعور بالإحباط والنقص ومحاولة جبر هذا الإحباط بالعدوانية خاصة وإن النقص يولد الغيرة.
ثالثا: الإضطراب والقلق الناشئان من تربية في أُسرة أو بيئة تسودها القسوة والعنف في التعامل سواء كان على مستوى الكلام أو كان ضمن دائرة الأذى الجسدية.
رابعًا: جذب الإنتباه إذ يحاول الطفل في بعض الأحيان أن يُشعر من حوله بوجود كيانه لأن تهميش الطفل يدفع إلى محاولة الظهور في المتن.
خامسا: مشاهدة الطفل للبرامج والأفلام التي من شأنها العدوانية ونشر العنف.
سادسًا: قد تنشأ العدوانية من أساليب وراثية إن لم تكن العوامل السابقة موجودة، وهنا على الوالدين الإنتباه وملاحظة وجود هذا السلوك أولا.
سابعًا: الأمراض البدنية لها علاقة كذلك بنشوء العدوانية فالطفل الذي يعاني من مرض يكون سريع الإستثارة والإستجابة لنداء الإعتداء وان كان لا يقصد الإعتداء من ذاته وإنما عامل المرض هو من يدفع إلى ذلك.
ثامنًا: الإنعزال بسبب الرفض الإجتماعي أو رفض الأسرة.
تاسعًا: القدوة السيئة فإذا كان الأب والأم يمارسان العدوانية فسوف يكون هذا سلوك له كونهُ من أساليب وأخلاق الوالدين.
إن الوالد والوالدة في بعض الأحيان يحصلان على ما يريدان بواسطة الإعتداء والطفل يتصور أن هذا الإعتداء هو ما يحقق المطالب، ولا تنحصر القدوة بالوالدين بل تشمل كل ما يحيط الطفل.
علاج العدوانية:
قبل أن نذكر الطرق التي من خلالها يمكن أن نتقي العدوانية أو نعالجها إذا كانت موجودة لابد من ذكر تنبيه وهو أن العدوانية ليست دائمًا علامة خطر أو نذير سوء فالعدوانية التي يمكن حدوثها في بعض الأحيان حالة طبيعية خاصة إذا كانت فترات زمنية متقطعة فالطفل قبل بلوغ السنة الرابعة، يمكن أن تصدر منه بعض العدوانية أو الإستيلاء على أملاك الآخرين أو تخريبها أما في المراحل التي تتعدى هذهِ المرحلة يمكن أن تشكل خطرًا في بناء شخصية الطفل المستقبلية فالطفل الذي توجد عندهُ العدوانية دون محاولة علاجها يمكن أن يتحول إلى سلوك يرافق الطفل في جميع مراحل حياته ومن هنا يجب الإهتمام بصورة جادة إلى وسائل العلاج وأهمها؛
أولا: المعرفة والخضوع لقانون الجهل بأساليب التربية العامل الأكبر في نشوء العدوانية فمن يقابل العدوانية لدى الطفل بالعدوانية لم يحقق شيئًا بل زاد من يوقع هذا المرض على الطفل وهنا يجب على الوالدين صنع طفل يتصف بالموازنة في التربية في العميل إلى التدليل الزائد أو العنف الذي لا تحكمهُ وتنظمه قوانين لها علاقة بالفكر المعصوم.
ثانيًا: تشجيع الطفل حينما يقوم بسلوك إيجابي من خلال الكلمة الطيبة والثناء عليه أو منحهُ هدية حتى لو كان ثمنها قليلاً لأن الجزاء يعمق ذلك العمل في نفس الطفل وبازدياد الصفات الإيجابية في النفس ستهاجر صفات المزايا السلمية.
ثالثًا: إشباع الطفل عاطفيًا والشعور بالأمان والطمانينة، قال الله تبارك وتعالى في معرض حكايته في إلحاح اخوة النبي يوسف على نبينا واله عليه الصلاة والسلام على أبيهم النبي يعقوب على نبينا واله عليه الصلاة والسلام يأذن لهم باصطحاب يوسف معهم عارضين إشباعهم على أشكال الحاجة لديه {إرسلهُ معنا غدًا يرتع ويلعب وإنا لهُ لحافظون{.
فقد أشارت الآية القرآنية إلى حاجات أساسية للطفل وهي الغذاء والراحة النفسية واللعب والأمن إذ لا تقتصر حاجة الطفل على الغذاء والملابس والسكن وإنما بحاجة ماسة إلى الراحة النفسية وابعاده عن مكامن التوتر والقلق النفسي والنزاع الأسري بين الوالدين.
رابعًا: خلقُ القناعة لدى الطفل أو أن العدوان سلوك غير جيد وأنهُ سيدمر حياته وحياة الآخرين وبيان الطرق السليمة التي يستطيع من خلالها التعبير عن هدفه.
اضافةتعليق
التعليقات