تقلقني فكرة ان الشتاء سينتهي ولم تقرصني برودة الجو، ولم اشعر برجفة برد حقيقية في هذا العام، وحتى المطر لم ينزل هذا العام كعادته المعتادة مجرد قطرات سريعة وينتهي الأمر، بعد أن كان المطر في مدينتي يستمر لساعات طويلة وتفيض الشوارع من شدتها ثانيا وبالطبع بسبب سوء التصريف أولا. ولكن بدى الامر مختلفا جدا، فمنذ بداية الشتاء الى اليوم اترك النوافذ والابواب مفتحة، ولم تلسعني نسمة هواء باردة، كما اني بقيت في حسرة ان أرى بعضا من الثلج متراكما على نوافذ السيارات فجرا. بقيت أفكر كثيرا في الأمر، ومن البديهي أن افعل ذلك لأني من عشاق فصل الشتاء وانتمي الى البرودة واكواب الشاي والقهوة الدافئة في أجواء شتوية مثلجة. واستوعبت شيئا فشيئا بأن العالم يتجه نحو كارثة بيئية كبيرة، ففكرة ان لا يكون الشتاء باردا كما هو معتاد ويكون الصيف ملتهبا بشكل غير طبيعي فهذا يعني أننا نشاهد تغييرا مفجعا في حالة المناخ لم يشهده التاريخ من قبل. والأمر ليس غريبا "فقد ترك التلوث البيئي اثار اجتماعيه وصحية واقتصادية وكان سببها الأول هو السلوك البشري، وان العراق يقع في الطرف الغربي لقارة اسيا قرب الخليج العربي وان موقعه الجغرافي سيكون موطنا مرشحا لانتشار الامراض مما له تأثير كبير على الصحة العامة بسبب العواصف الغبارية وارتفاع درجات الحرارة وقلة الغطاء النباتي. واليوم اصبحت ظاهرة التلوث البيئي العراقي من المشكلات الكبيرة التي تواجه صحة المجتمع سواء من مخلفات المياه الملوثة وبدرجات عالية بسبب عوامل خارجية متمثلة برمي دول المنبع مخلفات في مجرى نهري دجلة والفرات سواء مخلفات المدن كانت ام الزراعية ام الصحية ام الصناعية, فضلا عن قيام العراق بالعمل نفسه من خلال تلوث الهواء الذي ساهمت فيها الولايات المتحدة الأمريكية في1991واحتلال العراق سنة3002 الذي نجم عنه رمي الاف أطنان من المتفجرات واستخدام أسلحة محرمة دوليا والتي أدت الى تدمير المصانع والبنى التحتية وما رافقت من انبعاث الغازات التي أأدت الى تلوث الهواء فضلا عن تلوث التربة التي خلفت العديد من الاثار السلبية على الصحة والأمن الصحي , وايضا غياب السياسات البيئية واضحة المعالم. وعليه نرى ان المشكلة اساسية لها علاقة بموارد البيئة وعمليات استنزاف، ومن هنا فان السياسة المطلوبة لتفادي التدهور البيئي في العراق يمكن ان يستند الى كلفة التدهور البيئي ومن ثم كلفة اصلاح الضرر البيئي او تجنب المشكلة قد يساعد في ايجاد عمليات وسياسات تكون أكثر فاعلية لمجابهة التلوث، وقد عرف قانون حماية وتحسين البيئة العراقي رقم 2 لسنة 1991 التلوث بانه "وجود الملوثات المؤثرة في البيئة بكمية وبتركيز او صفة غير طبيعية تودي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة الى اضرار بالكائنات الحية والبيئة التي تتواجد فيها". "وفقاً لآخر الأبحاث من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، أمامنا أقل من 11 سنة لإجراء التحوّل الضروري لتجنب أسوأ تأثيرات تغير المناخ. ويلزم تخفيض مستوى ثاني أكسيد الكربون في الجو بمقدار 45 في المئة بحلول عام 2030 لمنع تجاوز الاحترار العالمي 1.5 درجة مئوية — وبمعنى آخر، العتبة التي يمكننا تجنب أسوأ تأثيرات تغير المناخ إذا لم نتجاوزها". كيف يمكن معالجة التلوث البيئي؟ "من سبل معالجة التلوث زيادة التشجير والأحزمة الخضراء في محيط العاصمة، بحسب الخبير البيئي المهندس ثائر يوسف الذي يرى الحاجة الماسة لإنشاء أحزمة خضراء في محيط بغداد، لمعالجة تأثيرات البيئة الناتجة عن قلة الأمطار وانخفاض المساحات الزراعية، منبها إلى أن زراعة الأشجار بالشوارع ستسهم بخفض درجات الحرارة بمعدل درجتين مئويتين سيما في الصيف، مع ضرورة العمل على زيادة المساحات الخضراء كمتنفس للعوائل بأغلب مناطق العاصمة. ومن جملة المعالجات الضرورية للحد من التلوث، يرى يوسف أهمية استحداث مناطق لمكب النفايات في أطراف بغداد والعمل على تدويرها، ومتابعة ومنع عمليات إطلاق مياه الصرف الصحي في الأنهار، كونها من أشد مسببات تلوث المياه، والتي تؤدي إلى انتشار الأمراض السرطانية كما أنها تقتل الحياة البيئية بالمياه والتربة، مشددا على أهمية تفعيل دور منظمات المجتمع المدني لمتابعة كل المخالفات البيئية التي تؤدي إلى تلوث البيئة بشكل عام." فالمسؤولية اليوم تقع على عاتق الجميع فالكوكب هو كوكبنا جميعا واي ضرر يمس الأرض او الغلاف الجوي سيكون الجميع متضررا في ذلك، لذا يجب على الجميع ان يتشارك ويفاقم الجهود في الحفاظ على نظافة البيئة والسعي الدائم في الحفاظ على الجو من التلوث ومن ابسط الامور التي يمكن ان يفعلها الشخص العادي هو: - عدم رمي النفايات في الأنهار والبحيرات. -الحد من حرق النفايات التي تكون سببا رئيسيا في التلوث الجوي. -الاقتصاد في استخدام المواد غير القابلة للتدوير. -توفير المياه وعدم الاسراف في استخدامه (لا تسرف في الماء لو كنت على نهر جاري). -التشجير وتشجيع الناس عليها وادخالها كعادة سنوية في حياة الاسرة. -تشجيع الأطفال على حب البيئة والحفاظ عليها وغرس مفاهيم البيئة فيهم من الصغر من خلال رمي النفايات في المكان الصحيح، وعدم قلع الزهور، واستخدام المياه بشكل صحيح. ومثلما هنالك واجبات على الافراد المواطنين هنالك أيضا واجبات على المسؤولين في الدولة لوضع استراتيجيات وقائية للمصانع والمعامل التي تستخدم الوقود كمادة حارقة وتسبب تلوثا جويا كبيرا وتنتج الغازات السامة التي تسبب خطرا على حياة الكوكب وساكنيها. بالإضافة الى زيادة الأراضي الخضراء لزيادة انتاج غاز الاوكسيجين وتقليل نسبة غاز ثنائي اوكسيد الكاربون والحزام الأخضر حول المدن الذي سيكون له دورا كبيرا في الحد من وصول الغبار والاتربة والعواصف الرملية الى داخل المدن. بالنهاية عملية الحفاظ على البيئة هي مسؤولية الجميع، ويجب ان يتكاتف الكل كبارا وصغارا لحماية البيئة من التلوث حتى تقل الامراض ونستمتع بمناخ طبيعي ونحظى في بلادنا بأربع فصول رائعة وجميلة.
اضافةتعليق
التعليقات