أتيتُكَ أعلمُ أنــــي عَصيِّ
أتيتُكَ قلبًا تشظى ندوب
أتيتُكَ كسرًا وأنت الطبيب
أتيتُكَ خَجِلًا وكُلي عُـيوبِ
أتيتُ إليكَ بأرضِ الحُسين
وهو ماءً لِغَسلِ الذنــوب
إعترافًا أتيتُكَ فأغدق عليّ
يامن أراكَ بعيـــــنِ القلـوب.
إن الإرتباط الوثيق بينَ دُعاءِ عَرفــة وعاشوراء وثيق جدًا ولا يُمكن فَهم يوم عاشوراء بدون التدبُر في دُعاءِ عَرفــة فهو أساسّ الرحلـة إلى أرضِ الطفوف والعروج إلى الحبيب فهو يوم أساس ثبات الدين؛ لذا فإنَ يوم عَرفــة فُرصة للتوبة النصوحة والإنابة إلى الله، والإستغفار والتوسُل إليه بصالحِ الأعمال.
فكما ثبتَ الدين بيومِ عاشوراء وكان بداية لفجرِ الإصلاح والمَعرفة فيوم عَرفــة هو بداية التغيير لدك العقيدة وثباتِها ومعرفة النفسِ وخباياها. فهلموا أيُها العُشاق وارتدوا لباسَ الهِمة واعقدوا النية ولا تهملوا النِعمة تاركينَ النفس حاملين الفأس لتحطيمِا طالبين العَون من الحبيب قاصدين الطبيب لمداواة الأرواح البالية في لُجج الحياة الخالية وانهلوا من معينِ كربلاء الحُسين بقلبٍ كسير ودمعةُ عينٍ لاتنضب.
إن هذا اليوم عظيم فالله بعظمته يباهي ملائكته بالتائبين المفتقرين إليه؛ ومعنى الإفتقار والتذلل يحتاجهُ المسلم في عالم اليوم بطغيان المادية وخفوت الربانية وظهور معاني العلو والإستغناء في حياته.
وهنالك فرق بينَ الخوف والرجاء الناتج عن الحُب فالموازنة بين الخوف والرجاء
أمر ضروري، وعلى غير الحاج عليه أن يتخيل ويستشعر نفسه واقفًا على عرفة بقلبه وروحه وإن حُرِمَ الوقوف بجسدهِ، وأنه ربما حُرِمَ الوقوف الحقيقي ليس لبُعده وعدم أهليته، بل ليعوضهُ بزيارة الحسين وإن لم يتمكن فالحضور القلبي يَكفي إن حالت الظروف العصيبة، فيبكي حرقةً وخوفًا من أن يجتمع عليه الحرمان من إجابة الدعاء مع الحرمان من الوقوف لذا فليجد ويجتهد ويتذلل ويرجو من المولى نظرة.
وأن يكون من الدُعاة الراسخين في العلم قال تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [آل عمران: 8]، وقد كان من دعاء النبي (صلى الله عليه وآلهِ وسلم): "يا مقلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلبِي على دينِك" فهذهِ الأدعية وهذا الطلب لهُ أهمية بالغة خصوصًا في هذا اليوم العظيم.
إن الذين يبلغون عظمة هذا اليوم يصلونَ إلى المعرفة الحقيقية ومَن يصل إلى المعرفة يُدرك التوبـة ومَن تابَ توبةً نصوحةً وَصل .
اضافةتعليق
التعليقات