لو أردنا أن نودع الاهتمام باحتياجاتنا وهمومنا الشخصية قليلا ونلتفت ونعاين ونتلمس متفكرين ومحللين لما يدور في ذات الفرد العراقي وذلك الاتفاق شبه الجمعي في الرؤى والمعتقدات بخصوص حاضر العراق ومستقبله لوجدنا عبارات (أبدا لن ينصلح) و(العراق بعد مايصير بي خير) (لن يكون دولة أنموذجية يوما) (باكو الحرامية وما راح يستعدل) (العراق انتهى) هذه هي الأفكار المتفق عليها والمترسخة في عقول الجميع التي تطلقها حناجر البسطاء والفقراء والمترفين والمثقفين!.
وهذه المفاهيم قد أدت إلى تغير سلوكيات عامة كثيرة خربت البلاد وفاقت أثارها السلبية الحروب العسكرية، فالموظف الذي يعمل في دائرته وهو متأكد إن البلد لن يكون بحال أفضل يوما سيهمل واجباته على اعتبار أن لا فائدة من العمل والمواظبة والمثابرة مادامت النتيجة هي نفسها ومعروفة!، وليس هذا فقط ما يدفعه إلى الإهمال في العمل وقتل روح التطور والإبداع بداخله، بل حتى للسرقة دون وازع ضمير ف(البلد خربانة خربانة)!؟.
فمن زرع هذه الأفكار التي حطمت الروح المعنوية أو ساهمت بترسيخها في عقول وعواطف الأغلبية وتناقلها الناس بحسن نية، وأشاعها الأب لابناءه والأستاذ لطلابه فأحدثت خللا بشخصية الإنسان وذاته وإرادته ومبادئه وقيمه اتجاه بلده وأصبحت من المسلمات.
لقد عرف الدكتور حامد ربيع الحرب النفسية على أنها: (نوع من القتال النفسي لا يتجه إلاّ إلى العدو ولا يسعى إلاّ إلى القضاء على إيمان المستقبل بذاته وبثقته في نفسه، وبعبارة أخرى، هي تسعى لا إلى (الإقناع والاقتناع) وإنما تهدف إلى تحطيم والقضاء على الإرادة الفردية للخصم أو العدو.
ومن هذا التعريف علينا أن ندرك أننا جميعا أيادي خفية ساهمت وساعدت بشكل كبير دول وجهات معادية من اجل تحقيق غاياتها وأهدافها لتدمير العراق وفرض الهيمنة عليه فنحن قمنا بغرس بذور الضعف وسلب الإرادة والاستسلام في نفوس أجيال الحاضر وربما تطال الأجيال القادمة إذا أهملت دون معالجة.
والغريب أن الجميع يردد ان هناك من لا يريد للعراق خيرا ويسعى لتحطيمه لكن على مايبدو أن الكثير غير مدرك إن الحرب النفسية تفوق جسامتها وقوتها الحرب العسكرية وقد اتخذتها الدول منذ قدم البشرية لتحطيم إرادة العدو وتغيير سلوكياته العامة، وان سلاحنا الأول هو مواجهة العدو فكريا وعدم الاقتناع بما يريده ويعده ويبثه لنا.
والمدان الأول هو الحكومة ورجالات الإعلام الذين لم يتهيئوا ويعدوا حربا نفسية وقائية لمواجهة الوافد من أفكار ومفاهيم المعادي لتحصين ذات الفرد العراقي من خلال برامج تثقيفية سياسية توعوية مكثفة.
وأخيرا أود أن أقول إننا طبقنا قول الله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) فمتى ماتغيرت نفوسنا وملكنا الإرادة والتصميم وحب الوطن والتفاؤل بمستقبله من المؤكد سيتغير وينهض من كبوته كما فعلت اليابان يوما بعد إحداث القنبلة الذرية، فقفوا كلنا مسئولون.
اضافةتعليق
التعليقات