وبهذه اليوم العالمي للمرأة الموافق الثامن من مارس (آذار). ذلك اليوم المشهود من عام 1908، طالبت آلاف من النساء في نيويورك بالحقوق الإنسانية المشروعة للمرأة، محتجّات على الظروف اللا إنسانية في العمل ومطالبات بتخفيض عدد ساعات العمل، ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع. وهكذا بدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيوم للمرأه وفي عام 1977، أصدرت المنظمة الدولية لحقوق الإنسان قراراً يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم في السنة للاحتفال بالمرأة، فكان الاختيار الغالب هو الثامن من مارس.
بين الازمات التي تمر بها الدول العربية والثورات التي تعرضت لها من الدمار والقتال، كانت المرأة في هذه البلدان الاكثر تعرضا للعنف بكل انواعه من الجسدي واللفظي والجنسي، فكانت الاحصائية إنَّ من بين كل ثلاث نسوة في العالم تتعرض واحدة على الأقل في حياتها للضرب أو التحاقها في صنوف المحاربين، ولم تسلم من الاعتداء والإيذاء من قبل الجماعات المسلحة!، وقد سلط الإعلام العالمي الضوء على هذه النقطة و أخذوا يطلقون العبارات والمؤتمرات مطالبين بحقوقها وتحريرها من العنف القتالي الذي تتعرض له.
وقد عرفت الجمعية العامة للأمم المتحدة "العنف ضد النساء" بأنه "أي اعتداء ضد المرأة مبني على أساس الجنس، والذي يتسبب بإحداث إيذاء أو ألم جسدي، جنسي أو نفسي للمرأة، ويشمل أيضاً التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفي للحريات، سواء حدث في إطار الحياة العامة أو الخاصة." و هناك قرار أممي ينص على اتخاذ يوم 25 نوفمبر من كل عام كيوم عالمي للقضاء على العنف ضد النساء."، وقد خلصت الدراسة التي أجرتها منظمة الصحة العالمية في عشرة بلدان، معظمها من البلدان النامية، بشأن صحة المرأة والعنف المنزلي؛ إلى أنّ من أصل النساء من الفئة العمرية (15-49 سنة)، أبلغت ( 15 % ) منهن في اليابان و70% منهن في إثيوبيا وبيرو عن تعرّضهن لعنف جسدي أو عنف جنسي مارسه ضدهن عشراؤهن، أبلغت ( 0.3% ) إلى ( 11.5% ) من النساء عن تعرّضهن لعنف جنسي مارسه ضدهن أشخاص غير عشرائهن.
مظاهر العنف ضد المرأة، ليست بظاهرة جديدة وإنما يعود تاريخها إلى ما قبل الاسلام، منذ اول طفلة قتلوها، (واذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت)، ومنذ ذلك اليوم وحتى يومنا هذا مازالت الاناث هي التي تدفع ثمن هذه القسوة والتمييز، ولان العنف لا يولِّد إلا العنف ارسل الله انبيائه ورسله لمحاربة هذه الافكار والكف عن ظلم المرأة، الا ان البشرية لم تتعظ وسارت بمسيرة قابيل وهابيل، وبقيت المرأة تعاني من سطواتهم، فدين الاسلام كان يرفض جميع أشكال العنف والإرهاب ويدعو إلى روح السلام واللين واللاعنف، والشواهد القرآنية على ذلك كثيرة منها (وقولوا للناس حسناً).. (أدعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن).
أولاً: العنف الجسدي، وهو إلحاق الضرر في جسد المرأة أو في حقها، بما في ذلك التعذيب، والضرب، والحرق، الاعتداء أو التحرش الجنسي، و التخويف والتهديد، رفع السلاح، الزواج بالإكراه، والتصفية العشائرية، كلها تعتبر من مظاهر العُنف.
ثانياً: العنف المعنوي، كل ما يسيء الى المرأة من كلام جارح، او اهانة الى اسمها او عملها او حتى شخصيتها كالتحقير، والاستهزاء، والإساءة الى معتقداتها، ونكران حقها، ومعاملتها كجارية، وبيعها، كما فعل داعش في العراق.
ثالثا: العنف الأسري، وهو من أكثر أنواع العنف انتشارا، فتتعرض المرأة لممارسات العنف من قبل الطرف الأقوى والسلطة في الاسرة كالأب والاخ والزوج، وتشير الإحصائيات في بلدان كثيرة من العالم أن 20- 50% من النساء ممن شملهن البحث قد تعرضن للضرب من قبل الزوج، تعرضن للضرب على الأقل مرة واحدة في العام 2000، و23% منهن تعرضن للدفع والركل والإيقاع، 33% للصفع 16% للضرب بعصا أو حزام 9% هوجمن بأداة حادة من قبل أزواجهن وبيَّنت 9% أنهن تعرضن للعنف النفسي و 52% (جميعهن) تعرضن للإهانة والسباب واللغة البذيئة وتسميتهن بأسماء مهينة من قبل أزواجهن.
رابعا: العنف الاجتماعي، ويقصد بتلك النظرات الدونيّة التي تستهين بقدراتها، وتجعل منها آلة للإنجاب، و(ست بيت)، عرفا للعادات والتقاليد التي اصبحت من معرقلات المجتمع، مما يجعلها لا تعرف حقها وحق غيرها، فتتعرض لأشكال من القهر والاضطهاد من المجتمع، وتارة يكون العنف الاجتماعي ان تعنف المرأة في عملها من المدير، وعدم تساوي حقها مع الرجل في الاجر.
خامسا: العنف السياسي، نادرا ما نرى امرأة تدافع عن رأيها السياسي بقوة من دون ان يكتم انفاسها احد، سلبت المرأة حقها في التعبير عن السياسية، فيُهمّش دور المرأة السياسي، ويعلق عليها بأنها ناقصة عقل!.
اسباب العنف ضد المرأة
كثرة الحروب في العراق: تاركةً نساء كثيرات من دون أزواجهنّ ومن دون أيّ وسائل كفيلة بتحقيق الدعم لعائلاتهنّ، ونتيجةً للعنف، أصبحت نساء أخريات المعيلات الوحيدات لعائلاتهنّ. وبمستوى تعليمي متدنٍّ وخبرة ضئيلة في العمل حيث تعاني العديد منهن من الامية.
الظروف الاقتصادية: تدني مستوى الاوضاع الاقتصادية يعد العامل الاول للعنف بسبب التضخم والفقر والبطالة، اضافة الى أزمة السكن، 45% من حالات العنف ضد المرأة ناتجة عن الظروف الاقتصادية.
العادات والتقاليد: في كل بلد نرى هناك عادة عندهم، كبعض البلدان: ختان البنات، وقص الشعر، وتمنع من الخروج حتى تتزوج، تختلف من بلد الى اخر على حسب القبائل التي توارث عادتها من السالف الماضي، ونتيجة لهذه العادات اصبحت المرأة تتقبل العنف الممارس ضدها، لعدم إلمامها بحقوقها كإنسانة لها حق ان تمارس حياتها من دون ضغوط.
الأسباب التربوية: الجهل والتربية الخاطئة على مبدأ الرجال اولا والنساء اخرا.
آثار العنف الصحية و الاجتماعية على المرأة
أظهرت الدراسة أيضا أن معظم المشاركين (47% – 75%) يعزون اللوم في ضرب الرجل لزوجته على تصرفات المرأة نفسها، كما كان 60% من المشاركين مقرين بألم الزوجة من الضرب و لكن بفائدة الضرب في تقويمها، وتؤمن المنظمة الدولية بضرورة تسليط الضوء على جميع العوامل التي تميز ضد المرأة، ومساندة المرأة في جميع جوانب الحياة، إضافة إلى التركيز على إيجابيات التعامل مع المشاكل الاجتماعية كبديل لاستخدام العنف..
لقد أوضح آخر تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية أن العنف يكبد الدول خسائر مادية ضخمة، وتشير الإحصائيات إلى أن الإصابات التي تنجم عن العنف تكلف الدول ما لا يقل عن 4% من الناتج المحلي الإجمالي وذلك بالإضافة إلى المعاناة الجسدية والنفسية المريرة، وقد جاء في التقرير الذي صدر بمناسبة اختتام مؤتمر لمكافحة العنف استمر 4 أيام في فيينا أن نحو 1.6 مليون شخص يموتون سنوياً بسبب إصابات ناجمة عن العنف، كما يصاب ملايين آخرون بإصابات نفسية وجسدية مختلفة.
وكذلك يؤدي العنف على المرأة الى تدمير المرأة فكريا وثقافيا، فقدان الثقة بالنفس والقدرات الذاتية للمرأة، التدهور العام في الدور والوظيفة الاجتماعية، عدم الشعور بالأمان، عدم القدرة على تربية الأطفال وتنشئتهم بشكل تربوي سليم، التدهور الصحي الذي قد يصل إلى حد الاعاقة الدائمة، بغض المرأة للرجال مما يولد تأزما في بناء الحياة الواجب نهوضها على تعاونهما المشترك.
مكافحة العنف
1- ضمان حقوق المرأة وحرياتها، من الفكر والثقافة والدين.
2- لمعرفة حقوقهن وتمكينهن من هذه الحقوق ولكي يتحقق هذا الأمر فلا بد من تثقيف المجتمع، والسعي لتحقيق السلام.
3ـ تخصيص مشاريع ثقافية تنموية في تطوير قدراتها.
4- التوعية والتثقيف بحقوق الإنسان عامة وبحقوق المرأة خاصة وعلى نطاق واسع.
5ـ القضاء على الأمية ومطالبة الاناث في التعليم.
6، وسائل الاعلام وتوعية المجتمع تحت عنوان اللاعنف.
7ـ توفير مؤسسات تأهيل ومراكز إيواء للنساء المتعرضات لانتهاك لحقوقهن بأي شكل من أشكال العنف، فضلا عن تقديم الخدمات الطبية والنفسية والقانونية وغيرها مجانا.
الامام السجاد و رسالته الحقوقية
يبين الامام علي بن الحسين (ع) في رسالته الحقوقية عن مكانة المرأة واظهار حقها، يقول عليه السلام: "وحق الزوجة أن تعلم أن اللَّه عزّ وجلّ جعلها لك سكناً وأنساً، وتعلم أن ذلك نعمة من اللَّه تعالى عليك، فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها لأنها أسيرك وتطعمها وتكسوها فإذا جهلت عفوت عنها".
اضافةتعليق
التعليقات