أسراب من الخريجين من مختلف الاختصاصات العلمية، بعدما قطعوا شوطا كبيرا في حياتهم الدراسية من الابتدائية إلى الجامعة أملا بالحصول على عمل يناسب شهاداتهم واختصاصاتهم، وجدوا أحلامهم تلاشت وأصبحت في غياهب النسيان مما جعلهم يرضخون إلى واقعهم المرير ليقبلوا بوظائف بعيدة كل البعد عن اختصاصاتهم وتحصيلهم العلمي، وذلك للهروب من شبح البطالة والانضمام إلى فرق العاطلين عن العمل حيث إن بعض الخريجين يعملون اعمال حرة للتكسب لتأمين لقمة العيش لهم ولعوائلهم مما سبب لهم إحباطا وضررا اجتماعيا ونفسيا .
أمل مرتقب
قد بدى على محياه الحزن وهو يسرد معاناته: حصلت على شهادتي الجامعية بعد رحلة عمل مضنية قبل أو بعد الدوام حتى اوفر مصاريفي الشخصية وبعد كل هذا وجدت نفسي بدون عمل..، هذا ماقاله (أبو مسلم) الذي ناهز عمرة السابعة والثلاثين، يعمل كاسب لبيع العاب الأطفال، أطلق لنفسه العنان وقال: مازلت أترقب ولديّ الأمل بالحصول على وظيفة تناسب اختصاصي، قدمت الكثير من الطلبات على التعيين في مختلف الدوائر الحكومية في القطاع الخاص من اجل أن اعمل في الاختصاص الذي ارغب فيه وهو المجال الإداري ولكن لم أجد أي فرصة عمل في هذا الاختصاص الذي أحبه وذلك بسبب عدم توفر درجات وظيفية في الوقت الحاضر مما أدى بي الحال إلى الأعمال الحرة وممارسة المهن الصعبة البعيدة عن اختصاصي، وناشد أبو مسلم الجهات الحكومية بتوفير فرص عمل ودرجات وظيفية تتناسب مع الاختصاص وذلك للنهوض بالبلد واحتضان الخبرات والكفاءات.
فيما قال (محمد الاسدي) خريج المعهد التقني، كربلاء:
منذ فترة طويلة وأنا اعمل في محل للصيرفة وبيع كارتات التعبئة في منطقة شارع العباس، لقد كنت أتمنى العمل في اختصاصي أي المجال الصناعي حيث قدمت الكثير من الطلبات على التعيين في القطاع الصناعي الحكومي والخاص من اجل أن أمارس العمل ضمن الاختصاص ولكن لم احصل على فرصة عمل تتوافق مع تحصيلي الدراسي وذلك لأسباب توقف اغلب المعامل الحكومية وهي تعاني من الترهل الوظيفي بسبب قلة الإنتاج فيها، أتمنى من وزارة الصناعة في الحكومة المركزية بدعم القطاع الصناعي الذي يعتبر الرافد الهام لاقتصاد البلد واحتضان الخبرات من حملة الشهادات في المجال الصناعي لتطوير البلد وتوفير فرص عمل لهم ضمن الاختصاص الذي درسوا فيه.
ومن جهته أضاف الشاب (وليد حاكم) 28 سنة، خريج قسم علوم حاسبات: تخرجت وقدمت الكثير من الطلبات على التعيين في دوائر الدولة من اجل الحصول على فرصة عمل لكني أخفقت و أجبرت على القبول بوظيفة بأجر يومي بعيدة كل البعد عن دراستي وتخصصي لأعمل في قسم الحدائق والمتنزهات في عمل إداري، وبرغم إني غير منسجم بعملي إلا إني رضخت للأمر من اجل الحصول على فرصة عمل والخروج من دائرة الإحباط والخمول ومن اجل تحسين ظروفي المادية و الاجتماعية وأيضا رفع الروح المعنوية حيث إن اغلب الخريجين أصابهم الملل من الجلوس والانتظار لدرجات تتناسب مع شهاداتهم وأنا لا أريد أن انظم لهم.
(الشاب محمد علي) خريج علم النفس يعمل في الأعمال الحرة الغير مستقرة حيث قال:
أحيانا اعمل أجيرا في مطعم أو بائع متجول أو سائق تكسي أجير أيضا، و(أبدى محمد رغبته بالتعيين في مجال القطاع الحكومي بصورة عامة في كافه المجلات من اجل أن يخدم البلد والمواطنين)، وأنا أشاهد الكثير من خريجي الجامعات والمعاهد يعملون في غير اختصاصاتهم في مختلف المهن وبعض المهن صعبة وعملها شاق ولا تتناسب مع تحصيله الدراسي مثل حارس في مدرسة أو عنصر امني أو سائق تكسي وغيرها من الأعمال الأخرى وبعض الخريجين يصاب بالحرج منها لانها لا تتناسب مع تطلعاته وتوجهاته في شق حياته العملية وفي الوقت الحاضر صدمتنا الإجراءات الحكومية التقشفية التي لا تتضمن درجات وظيفية فيها.
ومن جهته أضاف أستاذ الفكر و التنمية، للدراسات الأولية و العليا قسم الاقتصاد في جامعة كربلاء (طالب حسين فارس الكريطي) :
تمثل حالة البطالة أو التعطل عن العمل أهم قيود النشاط الحياتي العام للخريجين الجدد من الشباب، ووظيفة النظام الاقتصادي والاجتماعي هي معالجة قيد البطالة من خلال توفير فرص العمل الملائمة أو إعانات البطالة لحين توفرها، وفي حال ضعف مؤسسات النظام الاقتصادي و الاجتماعي عن أداء وظيفتها تلك تكون البطالة ظاهرة تراكمية لا يتوفر مسار معلوم لتفادي اثارها، و هنا يكون الشاب الراغب بالعمل أمام تحدي خطير ينذر بضياع تدريجي من رصيده من العمر الإنتاجي دون أمل يرتجى من النظام و مؤسساته، وهذا ما يدفع الشاب إلى الانخراط في أنشطة و فعاليات مدرة للدخل بغض النظر عن الملائمة بين طبيعة النشاط والقدرات المكتسبة في سنوات التعليم، وهي نتيجة تمثل هدر للموارد التي أنفقت على التعليم التخصصي كما إنها تمثل عامل مزاحمة على الأنشطة ذات متطلبات الدنيا من القدرات بين الفئات ذات التعليم الأعلى مع الفئات ذات التعليم الأقل، و بما إن الفئات المتعلمة اقدر على إزاحة الأقل تعليما فأن النتيجة الطبيعية هي لجوء الفئات ذات التعليم الأقل إلى القبول بأجر اقل و بالتالي تدني مستوى الأجر دون مستوى تكاليف المعيشة و هو ما يمثل ظاهرة الفقر النسبي .
وأضاف الكريطي: إن تقدير أهمية المعارف المكتسبة أثناء التعليم بالنسبة للطلبة أثناء الدراسة ستتأثر بالتقييم السائد لها في سوق العمل و هو تقييم متدني جدا، لذلك تهبط دوافع التعلم لدى الطلبة و خصوصا في مرحلة الدراسة الجامعية، هذا فضلا عن حالة عدم الاستقرار في رغبات و تفضيلات الطلبة الجدد للاختصاصات في الجامعات و هو ما يمثل مشكلة تخطيطية كبيرة في التعليم العالي، و نلاحظ ان قنوات التشغيل الحكومي استسلمت لهذا الواقع وراحت تولد الوظائف خارج معايير الاختصاص، تخفيفا لضغوطات بطالة الاختصاصات المتنوعة، و عموما نحن بأمس الحاجة إلى مجلس تخطيط و توظيف أعلى يضع حلول لهذه المشكلة عبر تحقيق متطلبات الملائمة بين سوق العمل و المخرجات، كما إن هناك دور للمؤسسات الاجتماعية بتثقيف الشباب حول كيفية التكيف مع سوق العمل و التحول إلى حالة بناء القدرات الفردية وفق الفرص المتوقعة و التفاعل الايجابي مع معطيات الواقع المتجدد و استثمار الخريجين للأنواع الجديدة من المهن و الأعمال التي يفرزها عصر تكنولوجيا المعلومات و الخدمات عالية التكنولوجيا، و ترك القطاعات التقليدية للفئات ذات التعليم الأدنى.
من جانبه قال رئيس رابطة خريجي الجامعات والمعاهد في العراق _فرع كربلاء_ وعضو الهيئة الإدارية لجمعية أفق التنمية لخريجي التبادل الثقافي (مقداد جبار الدفاعي):
ابتدءا خريجي الجامعات والمعاهد في العراق أعدادهم كبيرة جدا مقارنة بالوظائف المتوفرة وخاصة السنوات الأخيرة بالإضافة إلى الرشوة والمحسوبية التي جعلت في بعض الأحيان لا أهمية للشهادة التي يمتلكها الخريج..
حيث طالبنا منذ سنين بأن تكون هناك خطة موحدة للتعيينات حسب نقاط يتعين بها الخريج بعدالة وحسب الاستحقاق، لكن للأسف المحسوبية والرشوة والحزبية كانت الأكثر أهمية بالنسبة للبلد
وطالبنا أيضا بتقليل العمر التقاعدي للموظفين من 63 سنة إلى 61 سنة كحل لتقليل البطالة ولكن المصالح الشخصية لأصحاب القرار حالت دون ذلك لأن هذا القانون سيضر بهم،
وللأسف الاستثمار في العراق أكذوبة لأننا نتكلم بالاستثمار والعراق عامة وخاصة كربلاء طاردة للاستثمار وفي كل المجالات وإلا الاستثمار هو الحل الأمثل لتقليل البطالة في العراق،
حيث لو فعّل الاستثمار بشكل حقيقي وتسهيل مهمة وتسجيل المستثمرين وتقديم المساعدة لكان وضع العراق أفضل بكثير من هذا الحال.
واصل الدفاعي قائلا: نحن نجد ان التقديم بالتعيين يجب ان يكون لمرة واحدة والكتروني ولكل الخريجين، وهناك برامج بإمكانها عزل الاختصاصات كل على حدة وحسب النقاط الموضوعة بالمفاضلة ليعرف كل خريج في كل اختصاص تسلسله بالتعيين، وبذلك قد حققنا العدالة في التعيين وإحساس الخريج لأهميته معنويا بطريقة محترمة وتليق به، وإلا التقديم للتعيينات غامض وتحوم حوله الشبهات دائما.
وختم حديثه: نحن كرابطة مستعدون للتعاون مع أي جهة تريد أن تعمل هذا العمل المنطقي والأخلاقي من أجل الخريجين ووضع حد للفساد الذي يأتي متزامنا دائما مع التعيينات.
اضافةتعليق
التعليقات