يوم حقوق الإنسان هو مناسبة يحتفل بها العالم سنويًّا في 10 ديسمبر من كل عام وتقرر اختيار هذا اليوم للاحتفال من قِبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، في العاشر من ديسمبر عام 1948، عندما تبنت الجمعية الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، وهو الإعلان العالمي الأول له وواحد من الانجازات الكبرى للأمم المتحدة.
ولكن قبل هذا الإنجاز الذي تحتفل به الأمم المتحدة فقد دوَّن الإسلام وأهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام كل معاني حقوق الإنسان وأجلَّها وأسماها في جميع مفاصل الحياة فكانت رسالة الحقوق التي كتبها الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) هذه الرسالة تعتبر أوّل رسالة قانونية جامعة دوّنت في التأريخ البشري، وهي من الذخائر النفيسة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالإنسان وحقوقه كلّها وتشتمل على شبكة علاقات الإنسان الثلاثة، مع ربِّه ونفسِه ومجتمعه وترسم حدود العلاقات والواجبات بين الإنسان وجميع ما يحيط به.
فقد وضعت المناهج الحية لسلوك الإنسان، وتطوير حياته، وبناء حضارته، على أسس تتوفر فيها جميع عوامل الاستقرار النفسي، ووقايته من الإصابة بأي لون من ألوان القلق والاضطراب، وغيرهما مما يوجب تعقيد الحياة .
لقد نظر الإمام عليه السلام بعمق وشمول للإنسان، ودرس جميع أبعاد حياته وعلاقاته مع خالقه، ونفسه، وأسرته، ومجتمعه، وحكومته، ومعلمه وغير ذلك، فوضع له هذه الحقوق وبالمقابل عرفهُ بالواجبات، وجعله مسؤولاً عن رعايتها وصيانتها ليتم بذلك إنشاء مجتمع إسلامي تسوده العدالة الاجتماعية والعلاقات الوثيقة بين أبنائه من الثقة والمحبة، وغيرهما من وسائل التطور والتقدم الاجتماعي.
كما ولم يسبق نظير لمثل هذه الحقوق التي شرعها الإمام العظيم، سواء في ذلك ما شرعه العلماء في عالم الفكر السياسي أم الاجتماعي وغيرهما من حقوق الإنسان وروابطه الاجتماعية وأصوله الأخلاقية وأسسه التربوية وعلى أي حال فإن الإمام (عليه السلام)، قد كتب هذه الرسالة الذهبية وأتحف بها بعض أصحابه "وقد رواها العالم الكبير ثقة الإسلام ثابت بن أبي صفية، المعروف بأبي حمزة الثمالي * تلميذ الإمام (عليه السلام)، وتناقلها الرواة عبر التاريخ حتى وصلت إلينا لذلك لابد أن نسلط الضوء عليها ونستلهم منها الأساليب الصحيحة لعيش حياة كريمة خالية من الهموم والمشاكل وبذلك يضمن الإنسان حقهُ وحق غيرهُ.
وعرج الإمام (عليه السلام) إلى حق النفس على الإنسان، وأن عليه حقوقاً وأهمها أن يستوفيها في مرضاة الله وطاعته، ولا يجعل للشيطان عليها سبيلاً، وبذلك ينقذها من المخاطر والمهالك، وينجيها من شر عظيم، وذكر الإمام أن لكل جارحة في بدن الإنسان حقاً عليه.
وعرض الإمام (عليه السلام) لحق اليدين على الإنسان، ومن حقهما أن لا يبسطهما في ما حرمّهُ الله تعالى من نهب أموال الناس، والاعتداء عليهم أو يعين بهما ظالماً على ظلمه، فإنه بذلك يستحق العقاب في دار الآخرة كما يستحق اللوم والعتاب من الناس في دار الدنيا، فالواجب عليه أن يوقرهما بالالتزام بما أمر الله تعالى.
حق المعلم (وأما حق سائسك بالعلم فالتعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه، والاقبال عليه، والمعونة له على نفسك، في ما لا غنى عنه، بأن تفرغ له عقلك، وتحضره فهمك..الخ). فإن المعلم هو صانع الفكر والحضارة وله الأيادي البيضاء على الإنسانية عامة، وعلى المتعلم خاصةً، وقد أشاد الإمام (عليه السلام) بمكانته، وأثبت له الحقوق التالية على المتعلم، وجعله مسؤولاً عن رعايتها، والقيام بها، وهي:
1 ـ تعظيمه، وتبجيله بكل ألوان التعظيم والتبجيل، وذلك لما له من عظيم الفضل على المتعلم.
2 ـ توقير مجلسه، واستعمال الحشمة فيه.
3 ـ حسن الاستماع لمحاضراته، والإقبال عليها.
4 ـ تفريغ العقل، وتحضير الفهم لوعي دروسه، وفهمها.
5 ـ ترك اللذات والشهوات فإنهما شرطان أساسيان إلى تحصيل العلوم فإن من يقبل على اللذات لا يحصل غالباً على أي شيء من العلوم.
6 .ومن الحقوق الأساسية للمعلم أن ينشر المتعلم المعارف والعلوم التي تلقاها من أستاذه لأنه بذلك قد كتب الاستمرار لرسالة أستاذه.
وغيرها من الحقوق التي تطرق إليها الإمام (عليه السلام) فكانت هي الأفضل والسباقة زمنياً في حفظ حقوق الإنسان من الألف إلى الياء بكامل تفاصيلها فلم يترك فرداً أو فئة أو عملاً إلّا ووضعهُ في رسالة الحقوق وحفظ حقهُ كاملاً، لذلك تُعد الأمم المتحدة متأخرة بقرون كثيرة في إقرار الحقوق التي وضع الإسلام أسسها الصحيحة والقويمة.
اضافةتعليق
التعليقات