نفيت في مكان بعيد لايزوره احد ولا يستطيع احد الوصول اليه.. أنا فقط من استطيع العودة ولا أظن بأني سأفعل ذات يوم!.. والآن اكتب اليك حروفي الحرة بكامل سعادتي.. فالهدوء يعم ارجاء المكان ولا اسمع سوى صوت اوراق الاشجار وهي تتراقص مع نسمات الهواء الباردة وانغام زقزقات العصافير التي اجلس بالقرب منها حيث ارجوحتي..
أستمتع برفقة كتاب وكوب قهوة يمدني بالدفىء لأمسك قلمي وأتحدث معك عبر حروف وكلمات على ورق، أعلم بأنها لن تصل اليك ولكنك حتما تشعر بذلك..
أتعلم يامهجتي أنا ومنذ وقت ليس بقليل والى الآن لا اتذكر شيء! لا اتذكر أي احد ولا اعرف ما الذي حصل طوال تلك السنين التي مضت.. اعتصر ذاكرتي، اضرب زوايا عقلي، اجثو على ركبتي، اغمض عيناي وأضع يداي على رأسي علّي ارى شيئاً.. اتذكر احداً.. أو اشعر بشيء.. ولكن دون جدوى.. وكالعادة اُصر على المحاولة مجدداً، ولكني لا ارى سوى طريق طويل حانك الظلام يمر امامي مسرعاً تارة وبطيء تارة اخرى كشريط فيلم يعرض فارغاً!.
وفي كُل مرة ارى بدايته حتى النهاية سواد في سواد، إلا في منتصفه هناك لوهلة خاطفة ارى بقعة ضوء تقف فيها انت! نعم هو انت لا غيرك مشرعاً يداك في منتصف الطريق مبتسماً كعادتك تقف بعزم وثبات، كأنك تُريد ربط البداية بالنهاية وتود إشعال النور في ذاك الظلام الدامس!.
اعتدت على ان لا ارى سواك ولا اود غير ذلك..
صدقني انا سعيدة بحالتي هذه وهادئة جداً، اشعر بالسلام والطمأنينة المنشودة ولستُ نادمة ابداً على ما فعلت فقد اتخذت لأول مرة القرار الصحيح الوحيد في حياتي كُلها عندما تركتهم جميعاً دون ان يشعروا ولم أخبر احداً برحيلي، فما نفع وجودي بينهم وأنا أصبحت لا اعرفهم وهم قد سئموا تذكيري ولم يعودوا يكترثون لأمري وباتوا غير جادين بإهتمامهم تجاهي كون ما حصل لِي قضاء وقدر!..
فلم أجد نفسي إلا حين غربتي، لملمت بعض الكُتب والاوراق وخرجت مع ظهور أول خيوط الفجر، نحو المجهول أبحث عن مكان اعيش فيه مع قدري الجديد الذي انصفني لأتحرر وأرتاح من عذابات ضجيجهم ونفاقهم المُعتاد وخلافاتهم التي لا تنتهي، وابتعد عن الحياة البائسة التي رأيتها عندهم، ومتأكدة بأني لطالما تمنيتُ ذلك! ولولا إنصاف القدر هذا الذي محى ذاكرتي وحذف الجميع منها لما تجرأت على الذهاب يوماً! وما استطعت الوثوق بقراري ابداً..!
وانا اليوم أحمد الله كثيراً على ما أنا عليه من حال واطلب منه ان يغمرني بلطفه ويبقيني في هذا المكان ويديم عليَّ السلام ويبعد اقدام البشر عن الوصول الى مكاني..
اطلب منه ايضاً ان يحفظ من كُنت احبهم ويحبوني بصدق من كل سوء ويَمُنّ عليهم بالسعادة والإيمان.. وأرجو منه واتوسل اليه ان يأمر بأخذي إليه في اسرع وقت مُمكن فقد ألهبت قلبي نيران الاشتياق ولا أود ان ارى احد سواك..
صدقاً انا سعيدة جداً برفقة الطير والشجر.. سعيدة برفقة قلمي وأوراقي.. سعيدة برفقة كتابي الذي اعمل على إنهائه.. وأخيرا أنا سعيدة برفقة نفسي.
اضافةتعليق
التعليقات