ؤأنا التي يعتبرها مجتمعها جريمة وريحانة في دينها استوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنا وقال "رفقا يالقوارير" ومجتمعي مصر على تعنيفي، قال عني أمير المؤمنين عليه السلام: "المرأة ريحانة وليس بقهرمانة". ومازال أبي يظل وجهه مسودا عندما يبشروه بولادتي.
أنا التي حكم علي مجتمعي بالموت قبل أن أحيا وبالسجن قبل أن أنال حريتي.. منذ لحظة ولادتي ترتسم ملامح الحيرة والخجل على وجه والدي أنا إن ولدت لي أخت أو أختان ينعتون والدي أبو البنات ويعتبرها إهانة... أنا إن ضحكت جريمة وإن أخطأت عار وإن تكلمت عيب..
وعندما كبرت قليلا وذهبت للمدرسة وجئت إلى والدتي قلت لها ابن الجار تحرش بي كانت النتيجة حبسي في البيت وتركت مدرستي وأخذت ضربة لن أنساها مادمت حية، وإلى الآن لم أعرف السبب ولم أكتشف هل أنا كنت المخطئة أم ابن الجيران؟.
جلست بين جدران البيت وأرى نظرات الاهل لي وتعاملهم معي يختلف عن أخي فهو له الحق بكل شيء حتى له الحق أن يخطأ فقط لكونه رجلا.
وفي أيامي التعيسة جاء أحد أقاربنا وكان يتردد علينا ويتحرش بي خفت أن أبوح لأمي ففي المرة السابقة حرمتني دراستي هذه المرة تحرمني حياتي وبقيت ساكتة وهو في كل مرة يأتينا تكون حركاته غير طبيعية ولكون المجتمع ظالم إن تكلمت، ففي كل الأحوال المرأة مخطئة..
كرهت الرجال وكرهت الحياة التي ليس لي بها مكان، فكرت بالإنتحار واستبعدته لأنه أيضا سيجلب العار لأهلي ولن أتخلص من شرهم حتى وأنا في قبري سيؤلفون علي قصص لست أهلا لها..
جاء وقت زواجي وكالعادة هم من قرروا لي وعندما رفضت كانت الكارثة والقصص والأقاويل المتعددة وعندما أرادوا مني سببا لرفضي لم يسعفني لساني على الإجابة ماذا أقول لهم أني أكره أبي لأنه يراني عار وأكره أخي لأنه يراني خادمته أو لايراني مطلقا، وأكره ابن الجيران لأنه السبب في ترك دراستي وأكره وأكره كل الرجال الذين قابلوني في حياتي..
سكت كعادتي ورضخت لزواجي وقلت عسى أن يجعل الله في هذا الرجل خيراً لم أره في الباقين.. وتزوجت وأنا خرساء بكماء عمياء.... وكان أملي مشنوقا كعادته وأحلامي مذبوحة كما دفنت الأحلام السابقة.. فالزوج قد تربي كما تربى أخي على أن يكون (سي سيد) وكلامه ينفذ ورأيي غير مسموع.. اهانتي فرض وتعنيفي رجولة ذهبت لأشتكي، وكالعادة أهلي خذولوني ولم يسمعوا لدموعي...
وعندما ضاقت بي السبل وطلبت منهم الطلاق.. كان الرد صادما، المطلقة جريمة والمجتمع لا يتقبلها، رجعت إلى بيتي وأخرست فمي وتجرعت مر العيش معه، وصار عندي أطفالا، ومصير بناتي نفس المصير لأن المجتمع نفس المجتمع..
وفي ليلة ظلماء كان الليل يخيم علينا رجع زوجي سكرانا كعادته وضرب أطفالي وضربني وبدون وعي.. كنت ولأول مرة بكامل عقلي وإرادتي وقتلته نعم قتلت جميع الرجال به، قتلت ظلم مجتمعي، قتلت تحقير المجتمع لي، قتلت شعوري بأني مذنبة فقط لكوني امرأة..
ووقفت ودمه بيدي ودموعي وصرخات صدري تمزقني، أنا الآن مجرمة والسبب مجتمعي وكعادتهم وجهوا لي أصابع الإتهام بالرغم أني قتلته بسكينهم.. ولو كان العكس لكانوا وضعوا له ألف عنوان وسبب..
لا أطلب ياسيدي القاضي منكم شيئا قبل أن تلومونني انظروا ماذا فعلتم بي وتوقفوا لبرهة واحدة واسألوا انفسكم قبل الشروع بسؤالي لماذا أنا ارتكبت هذه الجريمة؟ هل السبب أنا أم المجتمع؟ لماذا أوصلت نفسي إلى مرحلة الضياع، نعم إنه ليس مبررا لارتكاب جريمة تغضب ربي وتسبب في انتهاك المجتمع.
ولكنني امرأة جبانة لم أستطع الوقوف أمام المجتمع والدفاع عن حقوقي كمسلمة ولكوني امرأة جاهلة اغتيل تعليمي مني وعاملني المجتمع معاملة الجاهلية فلم يدخل الإيمان قلبي ولم أكن في كامل عقلي أثناء ارتكابي هذا الفعل المحرم، أطلب منك سيدي القاضي طلبا أخيرا قبل إصدار الحكم علي أصدر حكم على مجتمعي، أن يعاملوا المرأة ويكرموها كما أمرهم الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد.. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِير}.سورة الحجرات 13.
اضافةتعليق
التعليقات