إن ثقافة المقاطعة في الإسلام ليست مرفوضة، فالإسلام دين ينفتح على الجميع ويوجه ارشاداته ونصائحه لكل البشر بدون استثناء، مؤمنا أو كافرا، ظالما أو مظلوما، حاكما أو محكوما، لكن قد تصل نوبة المقاطعة بتجاوز الإنسان حدوده في ظلم المجتمع وممارسة أقسى أنواع الظلم الاجتماعي كالاحتكار والغش والقيام بعمليات غسيل الأموال وفساد المجتمع بالمخدرات والمسكرات ولارادع له، وقد ختم الله على قلبه وسمعه وبصره.
حينها تجب مقاطعة هؤلاء الأشخاص بعد توجيه النصح لهم وتحذيرهم لأنهم ظلموا أنفسهم وظلموا مجتمعهم، فهم من أهل الباطل الذين لا يجب الركون إليهم يقول الله تعالى: "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ".
وعن الامام الصادق عليه السلام: "العامل بالظلم والمعين له والراضي به شركاء ثلاثتهم".
لأن الركون إليهم يسبب:
١_ تقويتهم وهي توجب توسع دائرة الظلم، حتى إن الإنسان لا يجوز له مع وجود حاكم الشرع ومبسوط اليد عند بعض الفقهاء الرجوع إلى القاضي الظالم.
عن الصادق عليه السلام: "من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت".
٢_ يؤثر في ثقافة المجتمع ويوجب رفع قبح الظلم ويشوق الناس إليه، لأن الناس عادة يبتعدون عن الشيء القبيح حفظا على كرامتهم، لكن إذا الشيء فقد قبحه أو صار محببا فإن الكثير سيرتكبونه، وهكذا المحرمات إذا كانت في المجتمع قبيحة فإن المجتمع يبتعد عنها، لكنها إذا تحولت إلى أمر عادي أو أمر محبب فإن ضعاف الإيمان يمارسونها مما يستلزم شياعها أو انتشارها.
ولذا حرمت الفاحشة وأي أمر يؤدي إليها، حتى إن الفقهاء ذكروا أن الإقرار بالذنب أو ذكر الإنسان لما ارتكبه من المعاصي يعتبر من المحرمات لاندراجه تحت عنوان إشاعة الفاحشة، وذلك لأنه يكسر الحاجز النفسي بين الناس وبين المعصية، وهكذا الركون إلى الظالم يوجب زوال قبح الظلم واشاعته.
يجب مقارعة الظلم كذلك يجب محاربة الظلمة قال تعالى في صفات المؤمنين:
"وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ".
أي يطلبون النصر من المؤمنين وذلك يستلزم النصر وإلا كان لغوا.
كما يحرم الركون إلى الظالمين كذلك يحرم الدفاع عنهم، وفي القرآن الكريم يقول سبحانه وتعالى: "قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ".
اضافةتعليق
التعليقات