البكاء لم يعد مجدياً لإظهار البراءة والهروب من جريمتها البشعة.. ومهما اختلقت بعض الأعذار لتبرر فعلتها؛ لاتستطيع الهروب، من أرواحهُما.. وهي تطوف حول جسدها فلا يوجد أقوى من رباط الأَم ورضيعها.
جريمة نكراء تضاف لخانة الجرائم المستحدثة التي حلت على مجتمعنا.. أم تلقي بطفليها التوأمين في خزان المياه..
ليفارق الصغيران الحياة غرقا حتى الموت على يد أمُّهما والسبب؛ شعورها بعدم الإرتياح وحصول شجار مع أهل الزوج!.
قد يكون الدفاع عنها أمر مجحف بحق زهق روح طفلين بريئين لا ذنب لهما سوى أنهما لقيا حتفهما لسوء تصرف همجي وشيطاني في ساعة غضب، ولكن يقول أحد الحكماء: "إذا حضر أحد المتخاصمين ورأسهُ تقطر دماً لا تستعجل في الحكم فقد يكون الشخص الآخر قطعت أحد أطرافه".
فالحوادث والمشاكل العائلية تنوعت واستحدثت وَتعدد نمط الشجار والضرب وصولاً للقتل والتعذيب والطامة الكبرى من أشخاص مقربين للضحية حتى الآباء الذين هم ملجأ للروح ومرفأ الطمأنينة.
كل الخلافات العائلية يكاد يكون المسؤول عنها الأبوين فبتوافقهما تصل العائلة إلى بر الأمان وبخلافهما تنجرف العائلة إلى الهاوية.
فبعد أن ألقت الحياة العصرية بتغيرات على كل جوانب الحياة وعلى جميع أفراد الأسرة الواحدة من الطفل الصغير وحتى الرجل الكبير فحصلت تغيرات كثيرة في الإدراك وتغيرات في التصرفات والسلوك فمثلاً؛ طفل اليوم مختلف عن طفل الأمس وكذا المراهق والرجل الكبير، وعندما نصل إلى المرأة ننظر بصيغة تعاملنا معها بزمن غيرها أي نُعاملها بعصر الجدات وأعمالهن الشاقة وطريقة تعاملها مع الرجل والخضوع إليه حتى لو كان على خطأ..
فالمرأة روح ومشاعر ولا تصل إلى تلك الأعمال المؤذية لها ولعائلتها إلا فيما إذا تحملت أكثر من طاقتها وهذا يفسر لنا زيادة عمليات الإنتحار بين النساء في الأونة الأخيرة.
فلما عليها أن تتحمل الرجل حتى وإن كان لا يخاف الله فيها، يضربها.. ويجحف حقها.. ناهيك عن تعامل بعض أهل الزوج مع "الكنة" ووسائل التنمر المتبعة ضدها للحد الذي تصل فيه الزوجة أن تؤذي نفسها أو أطفالها أو أقل ما يُصيبها هو تعرضها لإنهيار عصبي وبعض الأمراض النفسية.
ومتى ماتعرضت المرأة لتلك الضغوطات ستؤثر على العائلة وتتسبب بإنهيار الأسرة.. ومن العادات الخاطئة وأسباب تكرار الأحداث الإجرامية والعدائية.. والتنمر؛ هو لوم الجاني فقط وعدم إشراك الأطراف الأخرى التي أدت به إلى القيام لذلك الفعل.. وحتى نحقق العدالة يجب الإنصات لكل الأطراف.
المرأة كائن ضعيف وعند دخولها عش الزوجية تنصدم بقوانين وطباع عائلة جديدة مكلفة برعايتها وتحملها لمهام شاقة ومسؤولية كبيرة وجدت نفسها مكلفة بها.. إضافة إلى مزاجية الرجل المتسلطة لدى كثير من الرجال.. فأن تعرضت للتعنيف والأهمال من الزوج وشكت لعائلتها التي هي ملاذها الأخير.. تخضع لمنطق الطلاق عورة لردعها ثم يطلب منها التعقُل والصبر على تحمل ماتتعرض له ولو كان لديها أطفال فالمصيبة اعظم هنا؛يجب عليها التحمل من أجل الأطفال.
يجب أن نعترف أن قدرة المرأة اليوم في المطالبة بحقوقها أصبح أكثر حضورا ووعياً عما هو في السابق وأصبحت المرأة اكثر قوة وأشجع من أن تمارس ضدها تلك الممارسات التعسفية وتقف موقف المتفرج، فوقت الخنوع قد أكل عليه الدهر وشرب، اليوم المرأة حتى الغير متعلمة منهن عرفت أن لديها حقوقا وعلى الجميع احترامها وتقديرها.
فالبعض من المعنفات يستطعن أن يصلن إلى بر الأمان وإيجاد الحلول لمشكلتهن بمساعدة ذويهن، والبعض الآخر تسقط في نفق اليأس وتصل إلى الحد الذي تؤذي نفسها أو أولادها كما فعلت تلك الأم التي أوقعت نفسها في منحدر الخطيئة. فذاك التصرف الإجرامي حالة شاذة ولا توجد مشكلة ليس لها حل.
هناك عدة عوامل قد تكون سبباً لفشل الحياة الزوجية
* الإبتعاد عن الله والعمل بما يرضيه. فالزواج مسؤولية عظيمة تقع على عاتق الشريكين في بناء أسرة فعالة ومؤثرة في المجتمع وسلوك الأبناء فيها مرآة عاكسة لتصرفات الأبوين.
* الشك والغيرة:
عدم الثقة والشك وسوء الظن يسبب انعدام الثقة بين الزوجين فالغيرة إذا تحولت إلى سوء الظن وشك تسبب انهيار الحياة الزوجية وإذا تسرب الشك بين الزوجين فـإن حياتهما تتحول إلى جحيم.
* عدم الصبر والتحمل وتمرير الهفوات الصغيرة وعدم تحجيم الخلاف واستماع أحدهما للآخر.
* إغراءات مواقع التواصل الإجتماعي والعادات المغلوطة التي يروج لها في البرامج السمعية والمرئية الذي أثر بشكل كبير على حياة كلا الزوجين.
* الحالة المادية المتعسرة للزوج مع كثرة طلبات الزوجة وعدم مراعاتها لظرف وإمكانية زوجها..
* غياب الوعي الثقافي والديني وعدم ادراك مسؤولية الطرفين.
* سوء التعامل والقسوة وعدم تنازل الطرفين تؤدي إلى تدهور العلاقة الزوجية وبالتالي تؤدي إلى تدميرها.
* عدم التواصل المستمر في الحوار في ما يحبه كل طرف، فإنعدام الحوار يؤدي إلى البعد لدرجة أن يصل لمرحلة الجفاف العاطفي ولابد من حسن الاستماع للآخر.
* العنف بين الزوجين سواء لفظي أو جسدي أو معنوي.
* فقدان الحب والاهتمام بين الزوجين، فقلة الاهتمام والإهمال من أحد الطرفين أو كلاهما يؤدي إلى الفتور بين الزوجين وبالتدريج يكبر الفتور ويصل الأمر إلى هدم الحياة الزوجية.
* الروتين القاتل وعدم التجديد في الحياة من الأشياء التي تفسد العلاقة الزوجية فلابد أن يكون هناك نوع من التجديد والخروج من ملل الروتين اليومي.
* التدخل من اطراف خارجية بين الزوجين فالتدخل أحياناً يعمل على زيادة الخلافات، بين الزوجين فمن الأفضل أن يحل الزوجين مشاكلهما بنفسهما دون تدخل أحد إلا في الحالات التي تحتاج لتدخل.
* عدم فهم وتقدير المرأة ومراعاتها لأهل الزوج فلا يجب أن تضع نفسها في موضع مقارنة مع والديه إما أنا وإما همّ لأنها معادلة خاسرة في الدنيا قبل الآخرة.
* احتواء الأهل لمشاكل أبنائهم وحلها بعقلانية وتفكر عندما يستدعي الأمر التدخل لحل النزاع بين الزوجين لا بتضخيم الأمور وتعقيدها كما يفعل بعض الآباء فبالنتيجة يمتنع الكثير منهم وخاصة المرأة حرصاً على أطفالها وعدم رغبتها بالطلاق فهي بنظرها مجرد مشكلة تحتاج إلى حل.
* الحب والمودة هو الأساس الذي تقوم عليه الحياة الزوجية حيث قال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ".
والنصيحة هنا للزوجات على وجه الخصوص.. على المرأة أن لا تتهاون عندما تتعرض للتعنيف اللفظي أو الجسدي وخذي النصيحة من هم أكبر منك سناً لأن الكبت يؤدي إلى عواقب وخيمة فلا الدين ولا التربية تقبل بتعنيفك، وعليك بأخذ موقف ومحاولة وقف زوجك عن ممارسة ذلك بشتى الطرق وليكن اللين والنصيحة أولى خطواتك.
ويجب أن نتذكر أن الحياة الزوجية رحلة طويلة وتمر الأسرة بلحظات شقاء وتعاسة فعلى الزوجين أن يكونا جنباً إلى جنب ويتحمل بعضهما البعض وأن يتنازلا عن بعض الأمور البسيطة وأن يتجاوزا بعض الأخطاء، فليس هنالك انسان كامل ولكن يجب أن تكون هناك فكرة تحمل أحدنا للآخر. حتى لا يأخذ الزواج منحى آخر وتختفي المودة والحب ويحل مكانهما الخلافات والجفاء والبعد.
اضافةتعليق
التعليقات