مع أن الفشل جربه الناس جميعا حتى ولو لمرة واحدة على أقل تقدير وبات عبرة ودرس للكثير بل إن الناجحين يفتخرون بفشلهم المتكرر وكلما كان عدد مرات فشلهم أكثر وتجاوزوه وتقدموا في حياتهم بنجاح رفعت لهم القبعات واعتبروا من الأشخاص الصامدين المكافحين الأكثر تميزا، إلا أن هناك من لديهم أسبابا منطقية لهذا الفشل ترافقهم في سيرهم الطويل في متاهات وتعرجات الأيام والسنين، ونقول متاهات وتعرجات لأن أصحاب هذه العقول يعتقدون دائما أن هناك شخص أو حدث أو ظرف كان السبب في وقوعهم في الفشل وحال بينهم وبين النجاح.
التبريرات هي شماعة الأخطاء التي يعلق عليها البعض أخطاءه لينيء بنفسه من وخز الضمير وليحافظ على مكانته بين المحيطين بشكلها المعتدل خوفا من الملامة أو العتب أو تشويه صورته، وهي أحد أسباب استمرار الفاشلين بنفس الدائرة ومنعهم من الانطلاق والتغيير.
وهم غير معتبرين بفكرة أن من لا يخطأ لا يتعلم، وكذلك الإعتراف بالخطأ سواء أمام النفس أو الآخرين هو من أصعب الإعترافات ولكن المحبين للتطور والتقدم يعترفون بشجاعة رغم كل الصعاب، إلّا أنهم لا يهضمون الفشل ولا يريدون تحمله ليستفيدوا منه تجربة وحكمة فيبعدونه عن أنفسهم بحجج وتبريرات واهية وهي من تجعلهم يعيدون الكّرة مرة تلو الأخرى حتى يتحولوا لأشخاص عاجزين وخائفين وكسالى، ويخدّرون عقولهم بأنهم كانوا الاذكياء الفاهمين والظروف والمحيطين عملوا على تهديم أحلامهم وفشلهم.
إحدى قصص الأساطير وهي الثعلب والعنب، تتجلى فكرتها عن التنافر المعرفي، وهو نوع آخر من التفكير حيث يستهين بالغاية التي سعى لها، مع أن فشله يعود إلى عجزه، تقول القصة: (كان الثعلب يتضور جوعا عندما شاهد عناقيد العنب تتدلى من أيكة عالية، كانت الشجرة مثقلة بعناقيد العنب لكنها عالية، قفز الثعلب لكي يصل إليها عدة مرات دون جدوى، فلما يئس من الوصول إليها مضى في طريقه وهو يقول: "على كل حال إن العنب لم ينضج بعد، إنه حصرم ").
وهو أحد الأسباب التي تدفع الشخص لعدم الاعتراف بخطئه أو التهاون، عن طريق استصغار أو انتقاص ما هو غير قادر على الحصول عليه، بدل ما إن يسعى ويبذل الجهد للوصول إلى هدفه.
أكثر العقول تميزا وعملا وابداعا تلك التي تعيش على أمل أن كل شيء سيكون بخير فهم تعلموا من الحياة أن كل مرحلة تمر بها تمضي ويحمد الله عليها، حتى ولو كانت فاشلة وحزينة فهم تعلموا أن هناك درس وعبرة خلفها من الله، لا يلعبون دور الضحية أو القاء اللوم على من حولهم، فالأبواب التي اغلقت في وجوههم، ليس من صالحهم الولوج إليها، والأشخاص الذين ذهبوا من حياتهم أو تخلوا عنهم هم مجرد صفحات يقلبونها لأن كتابهم كبير وفيه من الصفحات ما هو المفرح والسعيد، والفرص التي سعوا بكل ما يستطيعوا ولم يحصلوا عليها سيعوضها الله أفضل منها ولا يستهينون بها ويسعون لتحقيق أهدافهم، ويعملون ويجربون ويحلمون ولا ينهزمون وقلوبهم يملؤها الأمل أن القادم أفضل.
اضافةتعليق
التعليقات