المرأة مخلوق ضعيف على غرار ماتبدو عليه في بعض المواقف، وإن جاهدت لتظهر للآخرين أنها في موضع قوة.. ومتى وجدت لها سنداً نافست الرجل في كثير من المهام وتفوقت عليه. ونحن ليس في موضع منافسة مع المجتمع الذكوري ولكن أصبح التعامل مع المرأة حالة متأرجحة وغير مستقرة وتجدها متناقضة في بعض الأحيان، ومن باب الحُبّ ومهام الأم والزوجة؛ تَحمل فوق كاهلها أعباء كثيرة ينفر منها حتى الرجل.
فكثير من النساء تعاني اليوم من الأعباء الثقيلة التي توكل إليهُن، أو يتعرضن للعنف بطريقة غير مباشرة وهن في موضع يدعو للشفقة وخصوصاً المتزوجة، لما لها من مسؤوليات أخرى.. اضافة إلى العمل المنزلي فهي لابد أن تمارس وظيفتها بمهارة واتقان فالكل لا يلتمس لها العذر إن قصرت في أحد جوانب الحياة؛ فالزوج يبتغي أن يراها ربة بيت ناجحة، ورجل البيت الذي تنوب عنه في بعض الأعمال. أما مديرها في العمل يرغب بإتمام عملها على أكمل وجه، ولابد لها من ارضاء جميع أفراد العائلة على حساب نفسها وجسدها.
كنة تحت الطلب
قالت إحدى السيدات: أنا لا أعرف هل أنا احبُّ زوجي أو أكرههُ، لعدم احساسه بمعاناتي! فبسبب غيابه عن الدار؛ يجب أن أُنجز كل الأعمال بالنيابة عنه بالإضافة إلى مذاكرة الأولاد ومشاكساتهم، ولابد أن أنفذُ طلبات والدته من أعمال أخرى، حتى بعد اتمام عملي في المنزل لم تسمح لي بأخذ قسطا من الراحة بسبب زيارة الضيوف لبيت العائلة لأن ذلك يكسر (برستيج) العائلة، حتى طفح بي الكيل ووقفت في منتصف الدار وأخذت اصرخ بهستريا: أنا لست ريبورتاً.
في واقعنا العصري وبفضل التطور السريع للحياة يحتم على المرأة اليوم الإلمام بكل شيء وإتقانه، بالإضافة إلى عملها خارج المنزل، وتُفرض عليها أعباء ثقيلة مجبرة أن تتقبلها؛ لأنها لاتجد من ينوب عنها أو يمد يد العون لها سواء من الزوج أو أفراد أسرتها إلا ماندر.
ونتناسى أن لكل منا مهامه ومسؤولياته ضمن شراكة العائلة، فيما لوكانت العائلة متماسكة ومتفهمة، وقد تسبب تلك الضغوطات على المرأة تأثيرات نفسية وجسمية، والبعض منها يؤدي إلى أخطر من ذلك فقد يؤدي الأهمال في انصاف المرأة إلى أذيّة النفس، وإذا كانت المرأة في موضع قوة وإختيار؛ قد تجد في الطلاق المنقذ الوحيد من الإجحاف، والعنف الذي تُعاني منهُ.
تأثير الأم في الأسرة
ويؤكد بعض من ذوي الأختصاص أن الضغط والعنف للمرأة يولد انعكاسا سلبيا ليس عليها فحسب بل على جميع أفراد الأسرة، وأول المتأثرين هو الطفل؛ لأنه هو في مرحلة اكتساب الخبرات المبكرة للأطفال والتي تؤثر بشدة على نمائهم في المستقبل.
كما أن مسار نمائهم يحدد مساهمتهم في المجتمع، أو ما يكبدونه للمجتمع. وماهو معروف أن فقد الأم أشد تأثيراً على الطفل فإن الإهمال من طرف الوالدين على شكل إنكار أو حرمان لفترة طويلة تؤدي إلى شعور الطفل بعدم الأمن والاستقرار إذ أن غيابها وانفصالها المتكرر؛ بسبب المشاكلَ عن إبنها من العوامل الأساسية التي تزلزل أمنه، فغيابها يؤدي به إلى فقدان الأمن والسند وبذلك يشعر هذا الطفل بالضياع والقلق.
وبما أن الطفل يبدأ حياته ككائن معتمد تماماً على البالغين للحصول على الرعاية والإرشاد اللذين يحتاجونهما لينموا حتى يصبحوا مستقلين. وفي الوضع المثالي، تقدم أسرة الطفل هذا الدعم، ولكن عندما يكون مقدمو الرعاية الأساسيون غير قادرين على تلبية احتياجات الطفل تترك العديد من تلك التغييرات في المجتمع تأثيراً غير متناسب، وغالباً ما يكون سلبياً، على الأطفال.
وكما هو معروف اليوم المجتمع العراقي يشهد حاليا وضعاً غير طبيعياً بالمرة. نرى المرأة تأخذ على عاتقها مسؤوليات ليس من المفترض بها تحملها ونرى الأطفال يعانون من فقد الأب ومن الأحساس بالخوف من عدم وجود الرجل في البيت في وضع أمني لا يمكن أن نصفه بالمستقر. بالنسبة للمرأة التي فقدت زوجا بسبب تلك الأحداث، الأمنية أو الأرهابية، ازدادت مسؤولياتها بينما ظلت نساء أخريات بلا زواج وحرمن من حقهن في تكوين أسرة وانشاء جيل جديد.
هذا الوضع دفع البعض إلى تفضيل زواج الرجل بأكثر من واحدة باعتباره واحدا من الحلول المطروحة لأزمة اجتماعية حقيقية يعاني منها المجتمع العراقي حاليا، غير أنها أزمة لا يجري الحديث عنها بشكل واسع لأنها تضيع بعض الشئ بسبب كون الأوضاع الامنية ومشاكلها هي الطاغية. يقول الله في كتابه العزيز.. ﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ سورة فصلت آية "37".
أراد الله عز وجل أن يبين أن المودة والرحمة سلوك يجسد المشاعر فهناك مشاعر داخلية تعبر عنها المودة، يجب اظهار تلك المشاعر والتعامل بها بين أفراد العائلة وخاصة بين الزوج والزوجة لا بالنفور والمشاحنات والتي لو تفحصناها لوجدناها مشاكل تافهة ولا قيمة لها سوى أنها تسبب النكد والزعل بين أفراد الأسرة.
أما الزوجة هي إنسان لها عقل، ولها مشاعر، ولها طموحات، ولها كرامة، ولها حاجات، ولها خصائص وامكانيات محدودة وقدرة للصبر والتحمل. فهي كائن له قدرة مَحدودة على العطاء، فالشعور بالمرأة والوقوف على فهم ما تفقده ولما تحتاجهُ سواء حاجات جسمية أونفسية تصب في مصلحة الأسرة.
وعندما يتصرف الأفراد بروح من الحب والتسامح والتعاون وايثار النفس فيما بينهم فإن ذلك يقلل الشعور بالتنافس أو الصراع؛ وبالتالي تصبح الأسرة أكثر عطاءً واستعدادًا لمساعدة غيرهم دون مقابل، وقد تكون تلك خطوة إيجابية نحو تغيير سلوكيات المجتمع نحو الأفضل لينشأ المجتمع مترابطًا يقدم أفراده المساعدة للآخرين دون تردد أو انتظار المقابل والأجر، ومتى ماقدم الإنسان يد العون لأخيه يعود عليه في الغد القريب في صورة من صور مساعدة الآخرين لهُ أيضًا؛ حيث تنفتح أمامك أبواب الخير بطريقة مذهلة تشبه السحر.
فلا ننسى أن نُعطي لمن حولنا والمُقربون منا الوقت والحب والاهتمام. وأن نسعى لإسعادهم بأبسط الأشياء ونعطي كل ذي حقٍ حقه، وأن لا نعتبر وجودهم في حياتنا مضمونا أو دائما.. حتى لا نشعر بقيمتهم إلا بغيابهم، فما عسانا إلا أن نتعلم أن العطاء هو أن تُعطي ما يرغب الناس بأخذه وهي صفة تُجسد النُبل والكرم، الشرف والتضحية، وأعظم تضحية أن تُضحي بلا مقابلٍ وذلك قمة العطاء ومنتهى النقاء.
وإن.. "ما لا ترضاه على نفسك لاتؤذي به غيرك"، وإن لكل انسان طاقة تَحمُل تعينهُ على مواصلة الحياة فلنكُن سند لبعضنا فنحن بشر ولسنا ريبورتات.
اضافةتعليق
التعليقات