إن العقل الذاتي أو الباطن لأي فرد يكون تحت سيطرة عقله الواعي أو الموضعي مثل انصياعه لسيطرة الإيحاء الخارجي الذي يأتيه من أي شخص آخر، فهو يتبع أي شيء يعتقده العقل الموضوعي.
فإذا كان لديك إيمان نشط أو سلبي (بمعنى أنه ليس نابعاً من الشخص نفسه)، فإن عقلك الباطن سوف يتصرف طبقا لذلك، ويتحقق لك ما ترغبه، سواء كان بالسلب أو بالإيجاب. إن الإيمان اللازم للعلاج العقلي يجب أن يكون إيماناً ذاتياً بحتاً، ويمكن تحقيق ذلك عن طريق وقف المعارضة النشطة من جانب العقل الواعي أو الموضوعي.
ولكي يكون علاج الجسم فعالاً، يجب أن يكون كل من العقل الواعي والعقل الباطن في حالة تقبل تام للإيمان، إلا أن ذلك ليس أمراً ضرورياً في جميع الأوقات، فيمكنك أن تدخل في حالة السلبية والاستسلام أي القابلية لتقبل أي فكرة من خلال الاسترخاء الذهني والجسدي والدخول في حالة من النعاس الخفيف، وأثناء تلك الغفوة تسمح حالتك السلبية باستقبال التأثير الذاتي. ذات مرة سألني رجل قائلاً: "لماذا تحقق لي الشفاء على يد معالج روحاني بعينه؟ فعندما أخبرني هذا المعالج أنه ليس هناك ما يسمى بالمرض وأن المادة لا وجود لها لم أصدق كلمة مما قاله، وظننت أنه يهين ذكائي، ولكن مع ذلك تحقق لي الشفاء، فكيف حدث ذلك؟
وكما أخبرت هذا الرجل فإن التفسير بسيط جدا، فقد قام المعالج بتهدئته بالكلمات التي تبعث على الراحة والسكينة وطلب منه أن يدخل في حالة من السلبية وألا يفكر في أي شيء ولا يقول أي شيء أثناء ذلك الوقت، ثم بعدها دخل المعالج نفسه فى حالة من السلبية وأخذ يردد بهدوء وحزم لمدة نصف ساعة عبارات مليئة بالتفاؤل فحواها أن هذا الرجل سوف يتمتع بالصحة التامة والسلام والرضا.
وفي غضون نصف ساعة شعر الرجل بارتياح كبير واسترد صحته، من السهل أن تدرك أن هذا الإيمان الذاتي ظهر من خلال سلبيته وهو خاضع للعلاج والإيحاء بتمام الصحة الذي وجهه الشخص المعالج إلى عقله الباطن، حيث حدث نوع من الاتحاد أو التآلف بين عقليهما الباطن. إذا كان الرجل قد سمح لشكوكه حول قدرة المعالج ونظريته أن تظهر على مستوى عقله الواعي، فإنها كانت ستصبح بمثابة إيحاء ذاتي عدائي ومخالف لإيحاءات المعالج التي كان سيتم إحباطها في تلك الحالة الواعية إلى أدنى حد، ويصبح عقل المريض الباطن في حالة استقبال لإيحاءات المعالج ومن ثم يؤدي وظائفه بتألف مع تلك الإيحاءات مما يحقق الشفاء.
افترض أنك علمت أن والدتك مريضة وهي تعيش في مدينة "نيويورك" وأنت تقيم في مدينة "لوس أنجلوس" فإن أول ما سيتبادر إلى ذهنك هو ترك عملك ومنزلك للذهاب إليها، ماذا لو لم يكن ذلك في الإمكان؟ هل تستسلم وتفقد الأمل في قوة إيمانك وتأثيره على عملية شفائها؟
كلا، إنك لن تفعل ذلك، فعلى الرغم من أنك قد تكون بعيداً عنها بحمدك، إلا أن صلاتك ودعاءك سوف يصلان إليها، فالله يحيط بكل مكان وقدرته وسعت كل شيء.
ليس هناك سوى عقل مبدع، واحد، والقانون المبدع لهذا العقل يخدمك، وكل ما عليك أن تفعله هو أن تملأ عقلك بأفكار الصحة التامة والانسجام وتدرك أنك تتمتع بهما عندها تكون استجابة عقلك ذاتية وهذا الإدراك الداخلي الذي يعمل من خلال عقلك الباطن يتصل بعقل والدتك الباطن ويوصل إليه تلك الأفكار الإيجابية من خلال دعائك وتضرعك إلى الله بشفائها مما يحقق لها الشفاء من خلال قدرة الله التي تسمع كل شيء.
ليس هناك زمان أو مكان في مبدأ العقل، وهذا المبدأ ينطبق على والدتك وعليك أياً كان المكان الذي تواجدتما فيه. وفي الحقيقة ليس هناك علاج مباشر مقابل للعلاج عن بعد، لأن الله يحيط بكل مكان، فأنت لا تبعث بأفكارك إلى شخص آخر ولكن الله يطلع عليها، وعلاجك ما هو إلا حركة واعية لأفكارك التي تخرج من خلال الدعاء والتضرع لله، وبما أنك تدرك سمات الصحة والرخاء فإنها سوف تظهر فى دعائك وتنتقل إلى والدتك في شكل استجابة الله لدعائك.
فيما يلي مثال كامل على ما يسمى بالعلاج عن بعد. فقد علمت امرأة تعيش في مدينة "لوس أنجلوس" أن والدتها التي تعيش في مدينة "نيويورك" قد أصيبت بجلطة في الشريان التاجي ولم تكن تستطيع الذهاب إليها لترعاها ولكنها أخذت تدعو وتبتهل وأخذت هذه المرأة في ترديد هذا الدعاء عدة مرات في اليوم، وبعد أيام تعافت والدتها بشكل مذهل، واندهش طبيبها وأطرى على شدة إيمانها بقوة الله وقدرته على الشفاء.
إن النتيجة التي توصل إليها العقل الباطن للابنة وتقبلتها هي بإيمان ما حقق للأم الشفاء، فقد أخذت الابنة تدعو وتبتهل إلى الله وهي واثقة من الاستجابة، وبالفعل تحقق ذلك وتعافت الأم. فما تخيلته الابنة من شفاء الأم وتمتعها بالصحة التامة قد تجسد بالفعل في جسمها من خلال قدرة الله التي جعلت المرض يختفي من جسدها تماماً.
اضافةتعليق
التعليقات