الأرملة بإختصار, امرأة سُلِب منها كل شيء بلحظة.. بيتها, حبها, أمانها, راحتها, ومستقبلها, وفرض عليها إكمال حياتها وحيدة مواجهة تحديات وصعوبات الحياة, والعبارة التي ترافقها دائماً (عيب أنتِ أرملة.. لايوجد لكِ رجل), كلمات معبرة خرجت من قلب أرملة صغيرة تدعى "أسماء".
التقت "بشرى حياة" أرامل صغيرات ليعبرن عن آهاتهن وأوجاعهن لتكون رسالة للمحيطين بهن بأن يرأفوا بحالهن وبمشاعرهن المكتومة.
خسرت الأمان بلحظة
"أسماء" ذات تسعة وعشرين عاماً, أم لطفلين, توفي زوجها منذ سنتين وإلى الآن لم تستطع تقبل الأمر عبرت عن مشكلتها قائلة: "لقد خسرت بيتاً بنيته مدة ست سنوات, أهل زوجي ابتعدوا عني وعن الأولاد خوفاً من تحمل مسؤوليتنا, كما أن صديقاتي ابتعدن عني أيضاً, عمري ذهب وحياتي لم أعد باستطاعتي عيشها, لايوجد لي أمان, المسؤولية كبيرة ولا أستطيع الهروب منها, بالإضافة إلى أن الإحساس بالضعف يقتلني, كما أنني دائمة البكاء, فالأرملة حينما تبكي تبكي لأن قلبها مجروح".
وتابعت: "كما لم يعد لي خصوصية فالجميع يتدخلون بي, وخاصة أهلي الكارهون لفكرة أن ابنتهم الأم لطفلين قد أصبحت أرملة, فإنهم يضيقون الخناق على حركاتي وتصرفاتي فمعظم ما كنت أعمله وأنا متزوجة قد أصبح فجأة ممنوعاً عليَّ, فكل حركة أصبحت مراقبة وعند سؤالي لهم لماذا, يجيبونني: "عيب أنتِ أرملة...لايوجد لكِ رجل".
وأضافت: "بالاضافة إلى النظرة الخاطئة من الجنس الآخر, والمضايقات التي أتلقاها منهم أشعر بالقهر والظلم والغيرة".
وعن مشاعرها الدفينة أجابت: "عند أي تجمع عائلي أو مناسبة ما أشعر بالإحراج والظلم حينما أرى كل من حولي مع شريكه وأنا وحيدة, أشعر بالقهر والظلم والغيرة, فأبكي وحيدة متألمة بعيدة عن عيون الناس كي لا يشعروا بانكساري وقهري".
وعبرت عن قساوة كلمة "أرملة": "ما أقسى وأصعب كلمة أرملة, أما عن لقب "متزوجة" فأرقى وأجمل بغض النظر من هو وماذا يعمل".
وأضافت موضحة عن مشاعرها اتجاه أبناءها: "بالإضافة إلى نظرة الشفقة والعطف عليهم حينما أرى عينيهما الدامعتين عندما يرون نظرائهم يتكلمون ويلعبون مع آبائهم, كما أن احساسي يقتلني حينما تقول ابنتي عن أبيها عندما ترى صورته "عمي" وليس "أبي" لأنها لم تعرفه ولا تتذكره".
نظرات الشفقة والتهكم تطاردني
"أم مؤمل", 34 عام, موظفة, تروي لنا قصتها عندما أصبحت أرملة بسن 23عاماً قائلة: "لم تكن حياتي كأرملة بالشيء السهل, لقد دام زواجي سنة واحدة، تعرضتُ لمشاكل جمة من ضرب وغيرها حتى غادرت بيت الزوجية على أمل حصولي على الطلاق فقد باتت حياتي مستحيلة آنذاك.
إلى أن تلقيت صدمة زواجه بإمرأة أخرى, وبعد أسبوع تلقيت خبر نعيه بحادث مؤسف إذ تعرض لصعقة كهربائية فارق الحياة على أثرها".
وتابعت: "هنا بدأ مشواري في متاهات الحياة بصفة أرملة وأم لطفل عمره شهرين, كانت نظرات الشفقة والتهكم تطاردني وهناك نظرات خوف من قبل صديقاتي كنت أجهل مغزاها غير أن الوقت كان كفيلاً لمعرفة حقيقة الأمر إذ بدأن بالانسحاب من صداقتي تدريجياً خوفاً مني بأن أفكر بالارتباط من زوج إحداهن".
وأضافت: "حينما التحقت بالوظيفة بتُ أتجنب العلاقات المتينة مع النساء لنفس السبب.
ولكن الأمر أصبح مختلف إذ أصبح بعض الرجال يحاولون التودد لي للتسلية معتقدين إني أرملة وحيدة وسهلة المنال".
وعن نظرات المجتمع السلبية عبرت: "أرى أن الشابة الأرملة هي ضحية المجتمع المريض في واقعنا غير المنصف إذ يجحد حقها كما تتعرض للكثير من الاضطهاد من قبل الرجال والنساء وحتى الأهل فهناك عوائل متزمتة تسعى لتزويجها بأي رجل أو زجها في البيت دون أن تخرج خوفاً عليها.
وهناك من تجبرهن الظروف على ترك أطفالهن وهذا أقسى ما تمر به المرأة فبعد سخاء القدر معها إذا أمست أرملة في ريعان شبابها تقبع في ظلم الأهل وجحودهم".
مواجهة الأزمات الكثيرة
المستشارة الأسرية والنفسية "حنين الحسناوي" وضحت لـ "بشرى حياة" عن الأزمات التي تمر بها الأرملة قائلة: "تتولد لدى الأرملة أزمات نفسية وعاطفية بالدرجة الأولى, والأزمة الإجتماعية, وأزمة تفكير.
ومن وجهة نظر "الحسناوي" عن ما يجب فعله للتغلب على الأزمات أجابت: "على الأرملة أن تتغلب على أزماتها بإلتزامها مع مرشد نفسي ومتابعة جلسات إرشادية مستمرة, تتغلب عليها من خلال إشغال وقتها بأمور تغنيها عن التفكير وأزمته.
أما الأزمة الإجتماعية تتغلب عليها من خلال تبيان قوتها وأن هذا أمر الله ولا بد لكل أمر فرج قريب, أزمة العاطفة تتغلب عليها بالزواج من شخص مناسب لها ويتفهمها.
أما من ناحية المجتمع وضحت "الحسناوي": "أما المجتمع فنظرته لا تتغير لو فعلنا المستحيل, كوننا في مجتمع شرقي".
اضافةتعليق
التعليقات