ليس هناك بد من الاعتراف بحقيقة مؤسفة ومؤلمة وهي وجود تيار في مجتمعاتنا يتحكم بفئة معينة دون أخرى، قد تكون حكومة ديكتاتورية تتسلط على رقاب الأقلية أو دولة تحارب من قبل دول أخرى، أو رئيس مؤسسة ظالم ينتهك حقوق مرؤوسيه المضطرين على العمل، أو المرأة المُعنَّفة من قبل بعض الرجال!.
في بعض الأحايين، هذه الحقيقة ماهي إلا وهم نتيجة تصور خاطئ من مواطنين أو عمّال وصولاً إلى النساء اللاتي يرون أنهن ضحايا مؤامرة كونية خطط لها الرجال وتستهدفهن حصراً لأنهن وكما يعتقدن أنهن الحلقة الأضعف في أي مكان أو علاقة، وعليه تتخندق تلك المرأة خلف شعارات واهية وأفكار لايعضدها الواقع، وتبقى تبرر لنفسها أنَّ المحروق بالحليب ينفخ على اللبن! أو يتراءى لها الحبل كحيةّ!.
تأسيساً على هذه النظرة، ينتج لدينا نوعين من النساء، وخطين متفارقين من الصعب أن يلتقيا، وهي إما أن تكون ساكتة أو ناطقة بالباطل، إما المرأة القوية كما ترى أو الضعيفة كما نرى، إما الواثقة بنفسها زيادة والمنطلقة لقتال كل من يقف في وجهها والدفاع عن حقوقها وأهمها أن لاتكون ضحية للرجل، أو المهزوزة المترددة التي ترضى بكونها مظلومة ولاظالمة، وتقبل بأنها في الصفوف الخلفية في كل المجالات، وترضى بحقيقة أن الرجل هو فعلا مؤهل لأن يتحكم بزمام أمورها وأن المرأة لاتقوى إلا على الأمور السهلة البسيطة.
بالتأكيد كلا النوعين خاطئ، والافراط والتفريط الحاصل نتائجه وخيمة ليس على المرأة فحسب والتي في الغالب تبلع الطعم أولا نتيجة انفلات زمام العاطفة لديها، بل على أسرة ومجتمع تربيه وتبنيه تلك المرأة الضحية والمسكينة المتآمر عليها، وتتمخض عنها أفكار تنخر بالمجتمع حتى يتفسخ ويفسد وتشيع فيه الأزمات.
هناك الكثير من القرارات وردات الفعل وحتى قوانين أفرزتها تلك النظرة القاصرة ونرى نتيجتها وتأثيرها على أرض الواقع، ولابد من اماطة اللثام عنها حتى نقف على خطورتها.
في الكثير من البلدان الأوروبية تقف أغلب القوانين في صف المرأة _ظالمة أو مظلومة_،
وعلى سبيل المثال بمجرد أن تشتكي المرأة على الرجل وتدعي أنه عنّفها يتم سوق الرجل إلى السجن، فالحق دوما مع المرأة، والزوج يتآمر عليها!، والنتيجة هي أن النساء قوامون على الرجال، ولذلك تشهد تلك البلدان الكثير من حالات الزواج بنساء آسيويات هرباً من المرأة ذو الشخصية المتسلطة!. والطفل كذلك يستطيع أن يشتكي على أبويه بكل سهولة وزجهم إلى التحقيق جراء أي اساءة لفظية أو جسدية إليه.
نعم، انصاف المرأة جيد، لكن من المفترض أن يكون الميزان هو الحق والعدالة وليس لصالح الطفل أو المرأة بشكل مطلق، ولرأب الصدع من المفترض أن تكون القوانين عادلة مع الجميع.
في الضفة الأخرى المعاكسة لها، في موريتانيا مثلا حيث "المجتمع التقليدي الذكوري".. وفي الانتخابات التي جرت في الفترة الأخيرة شاعت فكرة أن "النساء لا يصوتن للنساء"، فعلى عكس الانتخابات الرئاسية السابقة التي جرت عام 2014 وترشحت فيها امرأة واحدة؛ هي مريم منت مولاي لم تترشح أي سيدة في هذه الدورة.
وكانت امرأة واحدة قد أعلنت عزمها الترشح للسباق الرئاسي، ولكنها لم تستوف شروط الترشح وقررت الانضمام لحملات دعائية لمناصرة أحد المرشحين.
وقد حصلت مريم على أقل من 1% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية لعام 2014.
وفي هذه الدورة لم تترشح أي امرأة، مع العلم أنهم شاركن وبنسبة كبيرة في الحملات الدعائية فقط!، والموريتانيات يشكلن ما يقرب من 53% من إجمالي أربعة مليون ونصف المليون نسمة.
ويقول خبراء اجتماع إن ما يبدو عزوفا نسائيا عن احتلال الصدارة في العملية السياسية ربما لأن المسألة تتعلق بثقة المرأة في نفسها قبل أي شيء آخر.
كم من القيم يفقدها المجتمع تباعاً نتيجة التفكير بنظرية المؤامرة المُطبقة على المرأة ويفرز أخرى، منها التمرد الخاطئ، المطالبة بالمساوة في غير أماكنها الصحيحة بدل العدل، الخوف، عدم الثقة، الشعور بالدونية، تردي العلاقة الزوجية وحتى العائلية..
حذاري من إطلاق وزرع هكذا أفكار سلبية بين شريحة النساء خاصة، فهي تبرمج عقلهن الجمعي على كونهن في موقع الضحية دوما، وردات الفعل تجاه ذلك في الغالب تكون خاطئة وخصوصاً إن كان حظ المرأة المستهدفة قليلا في العلم والتربية، وحتى إن وجدت حالات ظلم حقيقية فهي في الغالب شخصية وفردية، فالصفة العامة لاتطلق على كل الحالات، وهي لاتعبر عن منهج وفكر كل الحكومات والشعوب والأديان والأعراق والرجال أيضا!.
اضافةتعليق
التعليقات