من ألقاب السيدة زينب(عليها السلام) هو إنها نائبة الزهراء(١) وتاليتها (عليها السلام)، ومما يمكن الاستفادة من الألقاب -عادة- هو إن اللقب يفتح أمامنا نوافذ لمعرفة عظمة الملقب وسماته الشخصية وسيرته ومسيرته، وهذه الوقفة مع هذا اللقب لتبيان شيء من أوجه عظمة شخصية هذه السيدة ودورها الذي كان امتدادًا وقبسًا من نور أمها الصديقة صلوات الله عليها. فالسيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) تلك السيدة التي كانت إمًا لأبيها النبي الخاتم(صلى الله عليه واله)، وذلك لما تحمله من رحمة وعطف وأنس وحنان ورأفة له، لنا أن نتخيل -بمقدار ما- الفراغ الذي تركته(عليها السلام) في قلوب ريحانتيها الإمامين الحسن والحسين(عليه السلام)؟ وهنا الله تعالى لم يُخل هذا البيت العلوي من الوجود الفاطمي، فقد غرست الصديقة الطاهرة في بيتها غصن طري حاني، كان يستظل بحنانه وعطفه الحسنان وأباهما أمير الوجود، تلك الزهرة العلوية الفواحة مولاتنا زينب الحوراء(عليها السلام)، فقد نابت عن إمها في هذا الدور فكانت إمًا لأخويها، وراعية لأبيها رغم صغر سنها، فهي قد شابهت وتلت إمها حتى من هذه الحيثية، حيثية الصغر، وهذا هو الوجه الأول. أما الوجه الثاني فهي (سلام الله عليها) تلت أمها الصديقة بأنها كانت مصداقًا حقيقيًا لمن لا يخاف في الله تعالى لومة لائم، ومِمَن يقول الحق وإن عز وإن كان به قد تُفقد النفس، فقد صرحت بالحق حتى زلزلت عروش الظالمين، فاحتجت وحاججت، في وقت لم يكن غير المرأة الالهية يمكنها تأدية هكذا دور، وكما فعلت الصديقة الزهراء(عليها السلام)؛ أدت ما عليها من الدفاع عن مشروع الإمامة الإلهي الذي به تقام دولة العدل الإلهية العالمية. وأما الوجه الثالث فقد كانت تالية إمها على مستوى التأثير والنورانية، فتلت امها بالتعليم والتوجيه وإرشاد النساء بشكل خاص، وتعليمهن أمور دينهن، ووعظ المجتمع من خلال الخطب. واخيرًا كما وصفت السيدة الزهراء(عليها السلام) بأنها شبيه المصطفى في المنطق والمنهج، السيدة زينب(عليها السلام) تلت إمها في هذه الخصيصة، فوصفت بأنها شبيهة أبيها الذي هو نَفسُ رسول الله(صل الله عليه واله) بالهيبة والفصاحة والبلاغة والمنطق. إذ روى عبد الله بنُ الحسن (عليه السلام) بإسنادِه عن آبائه (عليهم السلام) أنَّه لَمّا أجْمَعَ أبو بكر عَلى مَنْعِ فاطمةَ (عليها السلام) فَدَكَ، وبَلَغَها ذلك، لاثَتْ خِمارَها على رأسِها، واشْتَمَلَتْ بِجِلْبابِها، وأَقْبَلَتْ في لُمَةٍ مِنْ حَفَدتِها ونساءِ قَوْمِها، تَطأ ذُيُولَها، ما تَخْرِمُ مِشْيَتُها مِشْيَةَ رَسولِ الله صلى الله عليه وآله، …"(٢). وما قيل بحق تاليتها العقلية ما جاء عن بشير بن خزيم الأسدي إنه قال : ونظرت إلى زينب بنت علي عليه السلام يومئذ فلم أر خفرةً ـ والله ـ أنطق منها، كأنّها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا.فارتدّت الأنفاس، وسكنت الأجراس"(٣). ———— (١) الخصائص الزينبية: ص٧٦. (٢) زينب الكبرى من المهد الى اللحد: ص١٨٧. (٣) الأسرار الفاطمية: ص٤٧٠
اضافةتعليق
التعليقات