هناك قصة لطيفة أذكرها على الدوام فهي مليئة بالعبر، يحكى بأن هناك زوجان خُيّرا بأن يكونا غنيين في فترة محددة من حياتهما إما في مرحلة الشباب أو في مرحلة الكبر، فاختارا مرحلة الشباب وبدأت بعد ذلك رحلة السعادة حياة الغنى، العيش الرغيد والدلال والنعم.
في اليوم الذي كان من المفترض ان تنتهي هذه الرحلة (مرحلة الغنى) والحياة السعيدة لم يتغير أي شيء مضت الأيام وكل شيء كان كما كان وعلى حاله، تعجبا من الأمر وكيف إن الحياة بقيت كما كانت ولم يحدث أي تغيير؟
وقد تبين بأن حبهم للآخرين ومساعدتهم للفقراء والمساكين سبب لهم سعادة أبدية لأنهما دفعا مما كانا يحبان وأديمت النعمة عليهما، لذلك كلما كان الانسان رؤوفاً سيشعر بالآخرين أكثر ويستطيع أن يتنعم بالسعادة لمدة أطول.
كما ورد في الروايات أن الله سبحانه وتعالى عندما ينعم على الانسان فهذه النعمة أبدية ولكن الانسان بذنوبه وكفرانه للنعم وعدم شكرها يبعد النعم عن نفسه لذلك يجب أن يدرك المرء أنه لا يملك شيئا إلا من فضل الله وما لديه ليس إلا من فضائل ربه عليه وهو المعطي وهو الذي يأخذ حين يشاء فقد قال مولانا امير المؤمنين عليه السلام: إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً يَخْتَصُّهُمْ اللهُ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، فَيُقِرُّهَا فِي أَيْدِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ، ثُمَّ حَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ.
جميل أن ندقق أكثر في قوله عليه السلام حيث يعرف الانسان في باديء الأمر بأن هو وما يملك، ملك لله سبحانه وتعالى وهذه النعم من فضل الله سبحانه وتعالى كما ورد في سورة النمل:
((قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)).
فقد تُعطى النعم ليمتحن الله عبده، وهناك أناس اختصهم الله لهذه المهمة لكي يساعدوا الناس
ويأخذوا بيدهم نحو السعادة كما نفهم أن هناك شرطاً لإستقرار هذه النعم وبقاءها وهو بذلها لمن يستحق.
فإذا منعها الانسان سيُسلب منه ويخسر كل شيء، وسوف يُبتلى بحزن كبير لأسباب: أولا فقدانه للنعم وثانياً حرمانه من تلك المكانة الرفيعة ورؤية النعم في يد الآخرين ودوامها عندهم وتصبح سبب دخولهم إلى الجنة وهو ممتليء بالآهات والحسرات لما فعل.
لذلك هذه رسالة إلى أولئك الذين امتحنهم الله بوفرة النعم واختصهم ليعرفوا أن الفضل بيد الله وهو الذي يعطي من يشاء بغير حساب، كي يعرفوا أن هناك حقوقا يجب أن تُعطى لأصحابها والذي يساعد الآخرين من واجبه أن يفعل ذلك لأن هذه حقوق الآخرين جُعلت مفتاحها بيدك ليرى ربنا أتسعد أم تشقى؟
لنتذكر هذه القاعدة المهمة على الدوام؛ عندما يسعى الانسان لأجل إسعاد الآخرين ومساعدتهم سيبعث الله من يسعده ويساعده ويهيء له أسباب السعادة، لأنه يقول جل وعلا في كتابه الكريم:
"هل جزاء الإحسان إلا الإحسان"؟.
اضافةتعليق
التعليقات