كلما اقترب الشهر من النهاية كلما شعرت بالقلق بشأن المال، فيجب أن تعرف أنك لست وحدك، فالكثيرون منا في كل أنحاء العالم ومن جميع مناحي الحياة يضطرون إلى التعامل مع الضغوط المالية، والشعور بعدم اليقين في هذا الوقت الصعب، وسواء أكانت مشكلتك تنبع من فقدان الوظيفة، أو الديون المتصاعدة، أو النفقات غير المتوقعة، أو مجموعة من العوامل، فإن القلق المالي هو واحد من أكثر الضغوطات شيوعًا في الحياة العصرية.
ومثل أي مصدر للضغط الشديد، فإن الضغوط المالية يمكن أن تُلحِق خسائر فادحة بصحتك النفسية والجسدية، وعلاقاتك، ونوعية حياتك بشكل عام، فالشعور بالانهزام بسبب قلة المال يمكن أن يؤثر على النوم لديك، واحترامك لذاتك، ومستويات الطاقة لديك.
كل ذلك يجعلك تشعر بالغضب أو الخجل أو الخوف، كما أنه يؤجج التوتر والجدال مع الأشخاص المقربين منك، بالإضافة إلى تفاقم الألم والتقلبات المزاجية، بل يزيد من مخاطر الإصابة بالاكتئاب والقلق.
على الرغم من أننا نعلم جميعًا أن هناك الكثير من الأشياء أهم من المال، لكننا عندما نكافح مع الضغوط المالية فإن الخوف والتوتر يسيطر على عالمنا، ويضر ثقتنا بأنفسنا، ويملؤنا باليأس، فعندما تكون الضغوط المالية ساحقة، فإن عقولنا وأجسادنا وحياتنا الاجتماعية تدفع ثمنا باهظًا.
فيمكن للضغوط المالية أن تؤدي للعديد من المشاكل الصحية، مثل:
- الأرق أو صعوبات النوم: فلا شيء يجعلك تتقلب في الليل أكثر من القلق بشأن الفواتير غير المدفوعة، أو فقدان الدخل.
- زيادة أو فقدان الوزن: فالضغوط تعطل الشهية، فتجعلك تفرط في تناول الطعام، أو تمتنع عن تناول وجباتك لتوفير المال.
- الاكتئاب: فوفقًا للدراسات التي أُجريت بجامعة نوتنجهام في المملكة المتحدة، فإن الأشخاص الذين يعانون الديون هم الأكثر عرضة للاكتئاب.
- القلق: فالمال يمكن أن يُشكل شبكة من الأمان، وبفقدانها تشعر بالقلق، فالفواتير غير المدفوعة، وفقدان الدخل، يمكن أن تؤدي إلى زيادة ضربات القلب، أو التعرق، أو الارتعاش، أو حتى نوبات الهلع.
- مشاكل العلاقات: فالمال من أكثر المشكلات شيوعا التي يتجادل بشأنها الأزواج، كما أن الضغوط المالية إذا تُركت دون رادع فيمكن أن تجعلك غاضبًا وسريع الانفعال، ما يؤدي لمشاكل في العلاقات بين الأزواج.
- الانسحاب الاجتماعي: فالمخاوف المالية يمكن أن تؤدي إلى انسحابك من الحياة الاجتماعية والأصدقاء، ما يزيد الضغوط عليك كذلك.
- الأمراض الجسدية: مثل الصداع، ومشاكل الجهاز الهضمي، ومرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب.
الحلقة المفرغة للضغوط المالية، وتدهور الصحة النفسية:
أظهر عدد من الدراسات وجود صلة دورية بين المخاوف المالية ومشاكل الصحة النفسية مثل الاكتئاب والقلق وحتى تعاطي المخدرات.
- المشاكل المالية تؤثر سلبًا على الصحة النفسية: فضغوط الديون والمشكلات المالية الأخرى تجعلك تشعر بالاكتئاب والقلق.
- ويؤدي التدهور في الصحة النفسية إلى صعوبة إدارة الأموال: فقد تجد صعوبة في التركيز، أو تفتقر إلى الطاقة للتعامل مع كومة الفواتير المتصاعدة، أو قد تفقد دخلك المالي بسبب أخذ إجازة من العمل لإصابتك بالقلق أو الاكتئاب.
- وتؤدي الصعوبة في إدارة الأموال إلى المزيد من المشكلات المالية، وتفاقم المشاكل النفسية مرة أخرى: حيث تصبح محاصرًا في دوامة من زيادة المشكلات المالية وتدهور الصحة النفسية.
استراتيجيات للتعامل مع الضغوط المالية:
بغض النظر عن كآبة الوضع في الوقت الحالي، فهناك طريقة للخروج، فيمكن للاستراتيجيات التالية أن تساعد على كسر هذه الحلقة المفرغة، وتخفيف الضغط الناتج عن المشكلات المالية والعثور على الاستقرار مرة أخرى.
اطلب الاستشارة :
عندما تواجه مشاكل مالية قد تعتبر أن الحديث عن المال هو موضوع محظور ولا يجب مناقشته مع الآخرين، فقد تشعر بالحرج للكشف عن المبلغ الذي تكسبه أو تنفقه، أو تشعر بالخجل من أي أخطاء مالية ارتكبتها، أو بسبب عدم قدرتك على إعالة أسرتك، لكن تذكر أن كتمان كل شيء بداخلك لن يؤدي إلا إلى تفاقم الضغوط المالية.
لذلك: يجب التحدث بصراحة مع أحد أفراد عائلتك أو أصدقائك المقربين، فذلك يساعدك على وضع الأمور في نصابها الصحيح، كما أن التعبير عن مشكلتك لشخص تثق به قد يخفف من حدة أثرها عليك.
وليس من الضروري أن يقدم هذا الشخص حلولًا لمشكلتك المالية، الأهم أن يكون قادرًا على الإنصات، دون إصدار أحكام عليك أو انتقادك.
وبالإضافة إلى ذلك: يمكنك الحصول على نصيحة من خبير في المشكلات المالية، سواء أكان ذلك يتعلق بالديون أو إنشاء ميزانية والالتزام بها أو البحث عن عمل.
ضع خطة والتزم بها:
سيتطلب منك الأمر وضع خطة لتعلُّم من أين تنبع مشكلتك المالية بالتحديد، وهل تحتاج إلى زيادة دخلك أو تقليل نفقاتك أو كليهما للخروج من هذه الأزمة؟
وتتضمن هذه الخطة العديد من الخطوات:
- تحديد المشكلة المالية: فقد يكون سبب مشكلتك هو ديون بطاقة الائتمان، أو عدم وجود دخل كافٍ، أو الإفراط في مشتريات غير ضرورية عندما تشعر بالتوتر مثلًا، أو هو مزيج من هذه الأسباب جميعًا.
- ابتكار حل: عن طريق تبادل الأفكار مع أفراد العائلة والأصدقاء الذين تثق بهم، أو استشارة خبير في الأمور المالية، ربما تحتاج إلى إعادة هيكلة ديونك، أو التحدث مع رئيسك في العمل حول ساعات عمل إضافية.
- وضع الخطة موضع التنفيذ: فيجب أن تكون محددًا بشأن متابعة الحلول التي ابتكرتها، ربما يعني ذلك إلغاء بطاقة الائتمان، أو البحث عن وظيفة جديدة.
- مراقبة تقدُّمك: من المهم مراجعة الخطة بانتظام، واسأل نفسك: هل تعمل بعض الجوانب بشكل أفضل من غيرها؟ وهل هناك تغيرات في النفقات الشهرية مثلا؟
- لا تخرج عن مسار الخطة بسبب النكسات: فقد تبتعد عن الهدف، أو يحدث شيء غير متوقع يعيقك عن الاستمرار في الخطة، لا تضغط على نفسك، وعُد إلى المسار الصحيح في أسرع وقت ممكن.
ضع ميزانية شهرية:
مهما كانت خطتك للتخفيف من مشكلاتك المالية، فتحديد ميزانية شهرية واتباعها يمكن أن يساعد على البقاء في المسار الصحيح واستعادة إحساسك بالسيطرة.
وهناك خطوات تساعدك على وضع ميزانية شهرية مثل:
- تضمين المصاريف اليومية في الميزانية، مثل تكلفة البقالة والمواصلات إلى العمل.
- حاول احتساب النفقات غير المتوقعة، مثل: تكلفة العلاج في حالة المرض، أو إصلاح المنزل، أو السيارة.
- ترتيب أولوياتك إذا كنت تواجه مشكلة في تغطية نفقاتك كل شهر.
- الاستمرار في البحث عن طرق لتوفير المال، راجع الميزانية بانتظام، وتخلص من النفقات غير الضرورية.
- طلب الدعم من زوجتك وأطفالك، وتأكد أن كل فرد في العائلة يتفهم أهدافك المالية ويسير في نفس الاتجاه.
حل المشكلات المالية هو عملية تجني ثمارها بمرور الوقت، ومن غير المتوقع أن تختفي الصعوبات المالية بين عشية وضحاها، ولكن هذا لا يعني اتخاذ بعض الخطوات لتخفيف مستويات التوتر لديك، والعثور على راحة البال للتعامل بشكل أفضل مع التحديات المالية.
- أخذ قسط كافٍ من النوم، فالشعور بالإجهاد يزيد من مستويات التوتر والأفكار السلبية، تعزيز ثقتك في الله بالتوكل عليه سبحانه، ثم تعزيز ثقتك بنفسك من خلال العمل التطوعي، أو تعلم مهارة جديدة، أو التواصل مع الأشخاص الذين يقدِّرونك .
اضافةتعليق
التعليقات