تباينت الآراء حول فكرة الزواج المبكر او ما يسمى بـ (زواج القاصرات) ما بين مؤيد ومعارض، وتختلف هذه الآراء بسبب زيادة نسبة فشل هذا الزواج، وبين نسب نجاحه، لان هناك زيجات نجحت في بناء اسر نموذجية على الرغم ان الام تزوجت في سن صغيرة الا انها استطاعت ان تنجب وتربي جيل يحتذى به.
لكن لو تساءلنا ما الفرق بين زواج الفتاة في سن العشرين وزواجها في سن صغيرة (قاصر) ومدى تأثيره النفسي والاجتماعي والصحي على الفتاة وخصوصا نحن في زمن التطور والانفتاح على العالم في شتى المجالات، فحصر الفتاة في خانة انها زوجة وام ليست من حق احد ان يجبر الفتاة ان توضع في هذه الخانة على حد قول البعض، اذ ان الفتيات اصبح لديهن طموح كبير في ان يكملوا دراستهم وتحقيق ذاتهم من خلال الدراسة، والعمل في ميادين مختلفة دخلت في مجالات كثيرة، بل وأصبحت المرأة تنافس الرجل في اثبات ذاتها في العمل، واختلفت الآراء وتباينت حول هذا الموضوع ومنها السياسية أيضا من خلال اختلاف النواب على تعديل قانون الأحوال الشخصية ما بين المؤيد والمعارض فيما تجد بعض مؤسسات المجتمع المدني تحذر من مواد هذا القانون وخطورتها على المجتمع العراقي.
(موقع بشرى حياة) يناقش موضوع الزواج المبكر (زواج القاصرات) مع ذوي الاختصاص وشرائح مختلفة من المجتمع العراقي، فكانت لنا معهم هذه الوقفة:
ياسر احمد طالب في كلية الهندسة: أجد ان الزواج بفتاة صغيرة لا تحمل من خبرة الحياة أي شيء سوى اللعب مع الدمى او مشاهدة أفلام الكارتون لا يمكن ان يكون زواج ناجح، بل سيؤدي الى ارتفاع نسب الطلاق في المجتمع لأنه زواج غير متكافئ من النواحي العاطفية والنفسية والاجتماعية، واجبار الفتاة في ان تكون في موقع المسؤولية قبل بلوغها مرحلة النضج الفكري والمعرفي، انا ضد هذه الفكرة بتاتا.
موضوع حرية المرأة هي شعارات لا مجال لها من التطبيق
تقول الست سلمى المعمار معلمة لها باع طويل في مجال التعليم: اجد ان حرية المرأة في مجتمعاتنا هي شعارات فقط، حق المرأة في التعليم واختيار الزوج الذي تجد نفسها قادرة على اكمال حياتها معه والذي سيشاركها حياتها بحلوها ومرها هذا جزء من حريتها الشخصية، كيف يمكن للاب ان يجبر ابنته من الارتباط في سن انا اعتبره سن الطفولة والبراءة، لا تحرموا بناتكم من عيش سنهم وبراءتهم فلكل عمر متطلباته.
الموضوع ليس له علاقة بالعمر
اما (ن.م) ربة منزل نقلت تجربتها الخاصة واختلفت في الرأي مع الست سلمى المعمار قائلة: تزوجت في عمر 17 عام وكنت اشعر في حينها اني على قدر مسؤولية الزواج، فأمي ربتنا ان نعتمد على نفسنا، وزرعت فينا حب الزوج واحترامه وبناء الاسرة على الرغم اننا عشننا ظروفا صعبة وعانت امي معاناة مادية مع والدي وظروف معيشية صعبة اثقلت حملها، الى ان وضعتنا على اول سلمة الطريق الصحيح في الحياة، وانا اخذت طبع امي في حبي لزوجي وحناني على اطفالي وتربيتي لهم فانا اجد ان التربية الصحيحة للفتاة هي أساس الزواج الناجح سواء كانت كبيرة او صغيرة الموضوع ليس له علاقة بالعمر.
زوجت ابنتي خوفا من الانترنت ومواقع التواصل
السيد (م.ح) رفض ذكر اسمه لحساسية الموضوع من وجهة نظره ونقل تجربته الخاصة: زوجت ابنتي وهي لم تكمل ال12 عام اقنعتها على الزواج لأنها تضيع من وقتها في مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) وانا خفت على ابنتي من هذه الأمور فقررت تزويجها لابن عمها سترا عليها ولكي تتحمل مسؤولية زوج وأطفال ولا تضيع وقتها في هذه الأمور.
اما أبو مروة فقال: انا مع الزواج المبكر لكن ليس في سن تكون البنت قاصر وانما في سن ال15لـ 16 من العمر فالزواج ستر للفتاة، وتكون الفتاة في هذا العمر في كامل صحتها لتنجب وتكون عائلة، ليس من المستحب في مجتمعنا ان تكبر الفتاة الى ان تتزوج لأنها سوف تتعب بدنيا ةلا تستطيع تحمل أعباء الحياة الزوجية لا نفسيا ولا جسديا، خاصة من ناحية الحمل والانجاب.
وشاطره بالرأي السيد علي حسين قائلا: انا مع الزواج المبكر وخصوصا في مجتمعنا فانا أعيش في مجتمع يحتم علينا تزويج أولادنا بنات او ذكور في عمر مبكر، لدعم الروابط الاسرية وحفاظا على الشرف، والاكثار من الأولاد لان الفتاة اذا اصبح عمرها 24 وهي لم تتزوج اعتبروها عانس والكل يعرف التأثير النفسي لهذه الكلمة على المرأة والاهل على حد سواء.
العزوف عن الزواج
أبو محمد رجل كبير وذو خبرة في الحياة: العزوف عن الزواج ليس بموضوع هين حتى رأينا العنوسة تزداد عند الفتيات، فنجد شباب وفتيات في عمر الثلاثينات وهم لم يتزوجوا! واذا تقدمت الفتاة في العمر سيقول الناس عنها فاتها القطار وذهبت نضارتها وعزف الناس عن خطبتها، وعندها ستندم وهي ترى أطفال من تقربها في العمر يمشون مع امهاتهم، انا (مع القسمة الزينة) اذا تقدم لابنتي رجل شريف ويكد للعمل الحلال فأزوج ابنتي وانا سعيد بهذا القرار.
اراء عفوية لفتيات في عمر الزهور تراوحت أعمارهم من الـ 11 الى 15 سنة:
رفقة حسن: اعتبر اجبار الفتاة من الزواج في عمر مبكر قمة بالتخلف وهذا بسبب العقول المتحجرة من بعض أولياء الأمور ليرمي ابنته في مستقبل مجهول، وهي غير مهيأة على الاطلاق.
وسن ثائر: أنا ضد طبعا، دراستي أولا وثانيا ورابعا وانتهت بابتسامة بريئة خجولة مضيفة انا افرح بفستان جديد ودمية الى الان اشتري الدمى والألعاب.
شهد علي: الدراسة قبل كل شي والزواج له وقته، فلماذا هذا الاستباق مع الزمن، فلدي زميلات في المدرسة متزوجات في المرحلة الرابع الاعدادي والثالث متوسط اشعر بالحزن عليهم، كونهن يعانين الامرين في الحياة دراسة وزواج ومسؤولية كبيرة، انا مسؤوليتي الدراسة فقط واشعر أحيانا بالتعب والارهاق.
لا ضرر من الزواج المبكر للمراة من الناحية الفسلجية والصحية
الدكتور موسى العلاق معاون عميد كلية الطب بجامعة كربلاء اختصاص طب النسائية والتوليد يقول:
يمكن للمرأة الزواج في عمر 11-13 سنة ولا ضرر في ذلك من الناحية الفسلجية والصحية وتصبح الفتاة قادرة على الانجاب بعد ان تمت عملية البلوغ بنزول (الدورة الشهرية) واكتمال جميع عناصر البلوغ الفسلجي والاعضائي، واكد انه ليس هناك أي مشكلة فسلجية او مرضية على المرأة في هذا العمر.
وعندما سألناه عن مدى خطورة الزواج المبكر من ناحية الحمل والانجاب، أجاب العلاق: من ناحية الحمل والانجاب هناك بعض الخطر القليل المحتمل للحمل في هذا العمر.
رأي الصحة النفسية حول الموضوع
المدرس صافي داخل نوام الزيادي اختصاص الصحة النفسية والعقلية حاول ان يربط بين وجهة نظره الشخصية حول قانون الأحوال المدنية المزمع تغييره وبين رأيه العلمي النفسي حول الزواج المبكر قائلاً:
ان تطور الحياة بكل نواحيها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمعرفية والتطور الهائل الذي حصل في مجال العلوم الالكترونية وغزو الفضاء والذكاء الاصطناعي الذي وصل الى مراحل يخاف فيها البشر من الروبوتات، وهذا التطور العلمي والثقافي الهائل الذي يعيشه المجتمع بشقيه الرجولي والنسائي هو بمثابة صيحة قوية في وجه هذا القانون، الذي لم يعير هذا القانون للمرأة اي اعتبار.
"فهذه الفتاة القاصرة التي تريد تزويجها بمثل هذا العمر، ما الذي تعرفه عن هذه العلاقة! وهي مازالت متعلقة بأثداء أمها، واي طفولة هذه التي سوف تسلبها منها!! وهل تعرف ان كل مرحلة من مراحل النمو الانساني اذا لم يعيشها الانسان بنجاح كما هي قد تؤدي بالنتيجة الى صورة من صور الفشل".
وأضاف ان المرأة انسان رقيق ولديه غزارة من العاطفة والرقة، خلاف الرجل الذي يتصف بالقسوة والصلابة، وان مهمة بناء مجتمع ناجح خالي من العيوب النفسية والأخلاقية هو على عاتق المرأة كما تعرف لان الرجل مشغول بالكسب الحلال للعائلة، فمن باب أولى يقع على عاتق الاهل تربية هذه الطفلة التي ستكون في المستقبل زوجة وام على أكمل وجه من الناحية النفسية والأخلاقية، لكي نضمن تربية جيل خالي من العيوب النفسية والأخلاقية، وهي دعوة "ان لا نزج الأطفال في طريق نزواتنا".
وللدين رأي
وسألنا زينب صاحب (أستاذة في الحوزة) فأجابت: الإسلام يحث على الزواج المبكر وذلك حين البلوغ، وبلوغ الفتاة عند اكمالها التاسعة، وذلك لأن الغريزة الجنسية تبدأ بالتفتح بعد البلوغ لذا يكون اشباعها عبر قناة صحيحة وهو الزواج، واذا لم تتوفر القناة الصحيحة فيكون الاشباع عبر القنوات الخاطئة والمنحرفة، لذا نرى البلدان الغربية التي منعت الزواج المبكر فإن غالب الفتيات يمارسن الجنس في المدارس وغيرها، فمنعوا الحلال وفسحوا المجال للحرام.
موقع (بشرى حياة) طرح آراء في الموضوع وكل رأي يعبر عن رأي صاحبه ولا علاقة للموقع في تبنيها وانما لهذا الموضوع أهمية كبيرة حاولنا ان نستطلع اراء مختلفة، فلكل منا رأيه الخاص والاختلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية، والمحصلة اننا نريد ان نصنع مجتمع مبني على أسس صحيحة لخلق أجيال مهمة لبنائه.
فاختلفت الآراء وتباينت بين المؤيد والمعارض حول موضوع تزويج القاصرات، لكن في المحصلة كما يقال لا يصح الا الصحيح، فالزواج الحقيقي يجب ان يكون مبنياً على أسس صحيحة وواقعية في ان يكون زواج ناجج ويقدم للمجتمع أجيال يحتذى بها، وليس الزواج لمجرد ربط بين اثنين بدون وضع أسس لهذا الارتباط، فالزواج له مقوماته منها التوافق العمري والنضوج العقلي والجسدي والقدرة على تحمل مسؤولية أعباء هذا الارتباط الروحي الكبير، كونه ارتباط ليس بين اثنين بل بين عائلتين عائلة الزوج والزوجة وينتج من هذا الارتباط أبناء على الطرفين تحمل مسؤولية نشأتهم، من خلال التربية الصحيحة لخلق جيل معطاء للمجتمع والإنسانية.
اضافةتعليق
التعليقات