جارتي سليطة اللسان تثرثر دائما، لا احد ينجو من سقطات لسانها، لا تهاب أحداً ولا تحترم كبيرا، تسكن في الطابق الاعلى من الشقة التي استأجرتها اخيرا، منذ الصباح وحتى اخر ساعة من الليل يرتفع صوتها في العمارة، لا اعرف من اين لها هذه الطاقة، كنت اظن انها لا تملك حبال صوتية او حنجرة، صدى صوتها يخرج من صميم قلبها، تتشاجر مع السائق ومع العامل، حاولت مرارا ان انصحها ان تكظم غيظها وتخفض صوتها، فالمرأة رقيقة ناعمة في خلقها، ريحانة لا يليق بها الضوضاء، تراجعت بالقرار خوفا من ان تهاجمني..
الجيران يبتعدون عنها ويتذمرون ان ذكر اسمها، وللصدفة دور كبير في ان تجمعني معها عند باب المصعد الكهربائي، وقفت غاضبة تضغط على الزر بقوة، بادرتني بالحديث هي؛ كيف حالك يا جارة؟، بشفافية قلت اهلا ومرحبا عزيزتي، لا اخفي عليكم كنت خائفة من الحديث معها، رفعت يدها وسألتني: تعرفين تلك الجارة التي تسكن في الطابق الرابع؟
قلت لا اعرف احد هنا..
همست في اذني وقالت هذه مطلقة طلقها زوجها منذ اربع سنوات.. هل ترغبين بمعرفة السبب؟ وصل السلم الكهربائي، أكملنا الحديث في الداخل..
خرجت ورأسي يؤلمني لما سمعته من هذه الجارة، في لحظة ما تعرف ان اسرار العالم هي ليست من شأنك فلماذا تكشفها، وتغفل عن نفسك وعن سرك، فانت ايضا تملك شيء لا ترغب في ان يعرفه الاخرون عنك سيء كان او حسن، وقطعة لحم صغيرة تذوق فيها طيب الطعام وتقرأ آيات القرآن الكريم، كيف تضيع هذا الأجر بارتكاب الاثم، كما نقل في الرواية "إن لسان ابن ادم يشرف على جميع جوارحه كل صباح فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا، ويقولون: اللّه اللّه فينا ويناشدونه ويقولون: إنما نثاب ونعاقب بك".
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "كم من دم سفكه فم"، وفي حادثة اخرى نقلت لي ان رجل قتل زوجته بسبب ان فلانة تحدثت عنها مما أثار غضبه وتجادل معها وحصل ما حصل..
سؤال، هنا من يتحمل دم هذه الزوجة؟ وهناك احصائية تقول 38 % من جرائم قتل نساء في العالم كانت على يد الرجال.
اثار الكلام السيء على الاخرين
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يعذب الله اللسان بعذاب لا يعذب به شيئاً من الجوارح، فيقول أي رب عذبتني بعذاب لم تعذب به شيئاً، فيقال له خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الأرض ومغاربها، فسفك بها الدم الحرام وانتهب بها المال الحرام وانتهك بها الفرج الحرام، وعزتي وجلالي لأعذبنك بعذاب لا أعذب به شيئاً من جوارحك".
اضافةتعليق
التعليقات