تعتبر الأسرة اللبنة الأولى في كيان المجتمع، وهي الأساس الذي يقوم عليه المجتمع وبصلاح الأساس يصلح البناء، وتكتسب الأسرة أهميتها كونها أحد أهم المؤسسات الاجتماعية التي يعتمد عليها المجتمع في رعاية أفراده منذ قدومهم إلى هذا الوجود وتربيتهم، وتلقينهم ثقافة المجتمع، وتهيئتهم لتحمل مسؤولياتهم الاجتماعية على أكمل وجه.
وتسعى الأسرة إلى تنشئة أبنائها على الشعور بالمسئولية والقدرة على تحملها وهي تبدأ بتدريب أطفالها على المبادرة في تحمل مسئوليتهم تجاه أنفسهم بأنفسهم، تبدأ في ذلك بالأمور الصغيرة الهيئة المحدودة، إلى أن تمضي إلى ما هو أكبر وأعقد وأصعب وهي تقصد من وراء ذلك أن يشب الطفل ويكبر وهو قادر على تحمل المسئولية، ولا يلجأ إلى الآخرين لمساعدته في تولي هذه المسئولية نيابة عنه باعتبارها من خصوصياته وشؤونه لوحده، وتمضي الأسرة في إكساب أبنائها مسئوليات أخرى تجاه الآخرين وتؤكد عليهم أن يتقنوا القيام بها كما ينبغي أن تكون، وتحاول أن تخرجهم إلى دائرة أوسع من المشاعر ومن الأفعال المرتبطة بالمسئولية تجاه الحي الذي يعيشون فيه والمجتمع الذي ينتمون إليه.
ويتضح دور الأسرة في غرس المسئولية الاجتماعية من خلال قيامها بالمهام التالية:
1 _ غرس تعاليم الدين الإسلامي: إن الدين الإسلامي يتضمن العديد من الآداب والأخلاقيات التي تجعل الفرد عضواً صالحاً في المجتمع مثل: الصدق والمحبة، والتعاون، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإخلاص، وإتقان العمل، وغيرها وتستطيع الأسرة أن تغرس في أبنائها مثل هذه الأخلاقيات والفضائل والعادات والقيم الاجتماعية التي تدعم حياة الفرد، وهو يأخذ دوره في الحياة، والذي يشعره بمسئوليته تجاه مجتمعه وأمته.
2 _ تعليم الأبناء كيفية التفاعل الاجتماعي وتكوين العلاقات الاجتماعية: يتعلم الأبناء في محيط الأسرة الكثير من أشكال التفاعل الاجتماعي، والأسرة خير من يعلم الأبناء مراعاة معايير المجتمع وأنظمته والالتزام بها وعدم مخالفتها، ويجب أن يكون أفراد الأسرة خير قدوة للأبناء من خلال تمثلهم أنفسهم لمعايير المجتمع وللفضائل والآداب الحسنة في تفاعلهم وعلاقاتهم مع الآخرين.
3 _ غرس مفاهيم حب الوطن والانتماء: الأسرة قادرة على أن تغرس في أبنائها معاني الوطنية والانتماء من خلال أساليب متعددة، منها:
أ _ الشرح والتوضيح للأبناء في مراحل تعليمهم الأولى عما يتعلمونه في المدرسة من مواضيع ذات الصلة بالوطن، سواء في مقررات التاريخ، أو الجغرافيا، ما يتميز به الوطن من خصائص اقتصادية واجتماعية وطبيعية.
ب_ حث الأبناء على المحافظة على الممتلكات العامة، فهي من حق المجتمع ولراحة الجميع، ومن الواجب رعايتها والمحافظة عليها من خلال عدم العبث بالأثاث المدرسي ولا بالحدائق، وعدم الكتابة على الجدران.
ج_ احتواء المنزل على الأشياء التي تذكر أفراد الأسرة بالوطن، مثل: علم البلد أو خارطة البلد، والصور التي تمثل مناطق البلد أو منجزاته.
د_ السفر إلى أماكن مختلفة في الوطن، وأخذ الأبناء ليتعرفوا على أرجاء وطنهم.
هـ_ تعويد الأبناء على طاعة القوانين والأنظمة واحترامها والامتثال لأوامرها.
4 _ مراقبة سلوك الأبناء داخل وخارج المنزل:
يجب على الأسرة متابعة أبناءها من خلال ملاحظة علاقاتهم ببعضهم البعض داخل المنزل، وهل تتمشى مع الآداب والأخلاقيات والفضائل التي تربيهم عليها. كما يجب على الأسرة ملاحظة أنواع القراءات والكتب ومصادر الإطلاع التي يقضي معها الأبناء جزءاً من وقتهم، وأن تساعدهم في اختيار الكتب والمجلات ووسائل الترفيه المفيدة.
وفيما يتعلق بمتابعة الأسرة للأبناء خارج المنزل، فعليها أن تلاحظ نوعية الأصدقاء، وملاحظة الزمن الذي يقضيه الأبناء خارج البيت، وكذلك النشاطات التي يمارسونها، ومحاسبتهم عند ملاحظة التقصير أو الانحراف ومنعهم من اللقاء بالأصدقاء الذين يلاحظ عليهم ما قد يؤثر سلباً على سلوكياتهم أو توجهاتهم.
دور المدرسة في تنمية سلوك المسئولية الاجتماعية
تقوم المدرسة بدور هام في تنمية المسؤولية الاجتماعية بين الطلبة، وهي بذلك تكمل دور الأسرة من حيث التشجيع على التعاون وإيجاد الفرص الملائمة للتفاعل الاجتماعي، واختبار الأدوار الاجتماعية وتكوين الصداقات. كما تسهم المدرسة بدور حيوي في إكساب الطلبة المعلومات عن مجتمعهم وقيمه وثقافته، الأمر الذي يعدهم لفهم هذا المجتمع والتعرف على مشاكله والمشاركة في وضع واقتراح الحلول لها. كما تسعى المدرسة من خلال الدروس والأنشطة والتوجيه المباشر وغير المباشر، أن تعلم طلبتها كيفية تحمل المسؤولية، وأن تنمي فيهم الشعور بالمسؤولية، فتعودهم الاعتماد على أنفسهم في التفكير، وفي الإجابة على الأسئلة، وفي النقاش، وفي أداء أدوار من خلال الأنشطة ويشدد المعلمون على طلبتهم أن يقوموا بأداء الواجبات البيتية بأنفسهم.
وتدعوهم إدارة المدرسة إلى الاهتمام بالنظافة والترتيب داخل الصف، وفي ساحة المدرسة، وفي محيطها الخارجي، وذلك كتدريب على تحمل المسؤولية في مواقف الحياة المختلفة، كما تقوم المدرسة بدور هام من خلال غرس قيم النظام واحترام المواعيد، والنظافة، وتشجيع الطلبة على تحمل المسؤولية عن نظافة الفصل من خلال مسابقات لأنظف صف، ومن خلال الأيام التطوعية لنظافة المدرسة.
كما تسهم المدرسة في بث روح العمل الجماعي والتعاوني والعمل في فريق بين الطلبة، من خلال المشاركة في الأنشطة المدرسية كالمشاركة في فريق كرة القدم أو كرة السلة، أو المشاركة في اللجان المدرسية المختلفة: كاللجنة الصحية واللجنة الإرشادية، واللجنة الدينية وغيرها وهذه الأنشطة لها دور هام في تنمية الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية بين الطلبة، وتعويدهم على الاعتماد على النفس والتعاون مع الآخرين، والعمل مع الجماعة ولصالحها.
دور المسجد في تنمية المسئولية الاجتماعية
المسجد هو تلك المؤسسة الدينية التي يجتمع فيها المسلمون لتأدية الصلاة كإحدى العبادات المفروضة عليهم . ولتأدية الصلاة في جماعة الكثير من الأبعاد الاجتماعية، فهي تعني الامتثال لأوامر الله سبحانه وتعالى، وتوطيد العلاقات الاجتماعية بين جيران المسجد بالسؤال عن بعضهم البعض، ومعرفة الغائب عن المسجد، والسؤال عنه فإن كان مريضاً يزار، وإن كان مسافراً تراعى أسرته وأبناءه والبعد الاجتماعي للمسجد لا يقف عند هذا الحد، وإنما يتعداه إلى كونه المقر الذي تقدم من خلاله النصائح والإرشادات والتوجيهات في خطبة الجمعة والندوات والمواعظ الدينية والتي يحاول من خلالها الخطيب أن يتطرق إلى قضايا المجتمع ومشاكله ويطرح الحلول المناسبة، إذن فالمسجد هو ذلك المكان الذي يجتمع فيه الأفراد من أسر متعددة ليكونوا أسرة واحدة تؤدي واجباً دينياً وتتدارس شؤون المجتمع وهمومه.
مظاهر اعتلال المسئولية الاجتماعية عند الجماعة
أهم مظاهر اعتلال المسئولية الاجتماعية عند الجماعة وهي كما يلي:
(1) التشكك: وهو توجس وتردد في تفسير الأحداث والظواهر، وفي تقدير قيمة الأشخاص والأشياء، وهو دليل على فوضى الاختيار، ووهن الإلزام، وتزعزع الثقة.
(2) التفكك: ويتجلى هذا التفكك الاجتماعي فيما يقع بين الأفراد من تنازع وتفرق، وهذا التفكك مظهر بالغ الوضوح لوهن وضعف المشاركة القائمة على الفهم والاهتمام.
(3) السلبي الغائب: وهو موقف يغلب عليه التراجع والانحدار والتخلي عن المسئولية تجاه الحياة وبارئها، إحساس بلا معنى بالضياع والإحباط، كما يغيب معه الإحساس بالواجب وإلزامه.
(4) الفرار من المسئولية: وهو التخلي عن المسئولية وإعلان عن عدم قدرة الجماعة والفرد عن احتمال أعبائها.
اضافةتعليق
التعليقات