ارتدت ثوب الاسى، واعتلت الآهات شجونها، تنساب على خديها الدموع تكفكفها بعزم وثبات، ما رأت من دهرها سوى النوائب من كسر ضلع البتول وطبر هامة الكرار الى معركة الطف وذبح الاخيار ..
هي قدوة للمؤمنات هي ثورة ضد الطغاة ورثت خصال ابيها وأمها وأخيها، هي عقيلة بني هاشم فخر المخدرات.
قلبٌ تلتهب جراحاته بين فقد الولي وفقد الحامي وحرق الخيم وصرخات اليتامى الشاردة والعطاشى وعويل الارامل المنكسرة وصهيل الخيول الراكضة وبين شماتة الاعداء واجبارها على السفر، سبية تضرب بالسياط ويُشتم ابيها وصي المختار كان هذا اشد قسوة عليها من كل ما جرى فيا ويلهم لو كان هناك حيدرا ..
بدموع اختلطت بالتراب والدماء وقفت شامخة زينب الحوراء (عليها افضل الصلاة واتم التسليم) تجمع الاطفال تمسح على رؤوسهم وتهدّئ من روعهم وتأتي بالنساء تواسيهن وتعزيهن وتحثهن على الصبر والثبات، جاهدت لتُكمل المسيرة، فدائية رسالية لقيت الاذى ببسالة وهزت عروش الضلالة بخطبتها المعروفة، فهي معدن الكرامة والاصالة السيدة الطاهرة العالمة غير معلمة.
ذُكر ان زينب الكبرى (ع) بعد رجوعها من أسر بني أمية اخذت تؤلب الناس على يزيد ابن معاوية فخاف عمرو بن الاشدق انتفاض الامر فكتب الى يزيد "لعنهم الله اجمعين" بالحال، فأتاه كتاب يزيد يأمره بأن يفرق بينها وبين الناس فأمر الوالي باخراجها من المدينة الى حيث شاءت، فأبت الخروج من المدينة وقالت: فو الله لا اخرج وإن اهرقت دماؤنا، فقالت لها زينب بنت عقيل: يا ابنة عماه قد صدقنا الله وعده واورثنا الارض نتبوّء منها حيث نشاء فطيبي نفساً وقرّي عيناً، وسيجزي الله الظالمين، اتريدين بعد هذا هواناً؟ ارحلي الى بلد آمن، ثم اجتمع عليها نساء بني هاشم وتلطفن معها في الكلام على ان ترحل..
بعدها انتقلت السيدة الطاهرة الى قرية اسمها (راوية) وقد توفيت ودُفنت في المرقد المعروف باسمها والمنطقة المعروفة الآن بالسيدة زينب عليها السلام وهي في ضواحي دمشق .
رحلت الحوراء الأنسية الى جوار ربها مع آل البيت الاطهار (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين) ولكن ذكرها لم ولن يرحل على مر التأريخ، شخصية خالدة تجسدت فيها البطولة والشموخ وقوة الايمان، مثال يحتذى به للمرأة المسلمة في مشارق الارض ومغاربها .
اضافةتعليق
التعليقات