من يريد تجديد الحياة لابد وأن يلاقي في كل خطوة مشكلات، فاللازم عليه:
١-التصميم والعزم
2_أن يستمرئ ما يلاقيه
٣-أن يصبر حتى تحل المشكلة
٤-أن يدفعها بالتي هي أحسن
٥-أن يتحلى بالحلم.. والفرق بين الصبر والحلم فيما إذا قوبلا أنّ الأول شخصي والثاني ما يلاقيه من الجهال ونحوهم، وإن كان الأول يطلق على الثاني إذا لم يقابل به.
وذلك لأنّ معنى التجديد: (الخروج عن المألوف إلى ما ليس بمألوف)، والطبع غير راغب في ذلك، في الأمور الفردية والاجتماعية.
مثلاً: من يعتاد شرب الدخان، أو النوم إلى طلوع الشمس، أو أكل شيء خاص، أو كثرة ملامسة الزوجة وما أشبه، إذا أراد الانقلاع عن تلك التي اعتاد عليها، أباه طبعه وكان صعباً عليه، وفي الرواية:(انه كالمعجز)[1]، لكن التصميم يخفف عن ذلك حتى ينقلع.
وقد اشتكى أحد الأُمراء إلى أحد الأئمة (عليهم السلام) أنه يعتاد أكل الطين ولم ينفع كلما عالج، فماذا يعمل حتى ينقلع؟ فقال له الإمام: صمم على الترك، ففعل ما ذكر (عليه السلام) له، وحصل الانقلاع.
وكما أن الطبائع في الأمور الشخصية، كذلك في المسائل الاجتماعية، فمثلاً: النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي يريد أن يقلع الناس عن الخمر والزنا والغناء والربا لابد وأن يلاقي صعوبة في تطبيق ذلك ممن اعتادوا كل ذلك، ولذا كان بعضهم يأبى الإسلام ويحتج بأنه لا يقدر أن يترك الخمر والزنا.
وليس التصميم وحده هنا مفيداً، بل يلزم (سلوك السبل الكفيلة بالنجاح):
مثلاً: يلزم المنع عن صنع الخمر في المصانع، وتهيئة وسيلة تبديل عمل المعمل إلى عمل آخر مربح، والتسويق الجيد لذلك الإنتاج الجديد.
ومثل تحصيل الزوج للمرأة الفاجرة..
وإلى ما يشبه ذلك من وجوه الحلال في حل كل مشكلة فردية أو اجتماعية.
وربما احتاج الأمر إلى التدرّج بالتقليل من الكمّ أو الكيف، سواء أمكن الإقلاع إلى الأخير أو بقي بعضه، فان التقليل مطلوب أيضاً، ولذا قالوا: (الضرورات تقدَّر بقدرها).
سواء في الكم مثل: شرب نصف رطل خمر لا رطل إذا كان مضطراً إلى الشرب ويرتفع الإضطرار بالنصف.
أو في الكيف مثل: من اضطر إلى عمل الزنا ودار الأمر بين الزنا بجميلة توجب كثرة اللذة أو قبيحة توجب قلّتها، فان التقليل من المحظور مطلوب عقلاً وشرعاً وعرفاً.
فمن يتمكن من ترك التدخين أو التقليل كمّاً إلى النصف أو الربع أو ما أشبه فعل، وكذلك إذا تمكن من تقليل الكيف مثل: أن يكون التبغ بارداً لا حاراً على اصطلاحهم فإنه أقل ضرراً والحار أكثر خطراً.
وفي المشاكل الاجتماعية كذلك: من يتمكن من جعل العدوّ صديقاً فعل، ومن لا يتمكن لكنه يمكنه من تقليل العداوة جعله فرصة لتقليل المشكلة وهكذا..
وتجديد الحياة بذلك من أهم الضرورات، وقد قال علي (عليه السلام): دار بالبلاء محفوفة وبالغدر معروفة، لا تدوم أحوالها ولا يسلم نزالها[2].
وقال في كلمة أخرى: الدنيا تغر وتضر وتمر[3].
فالمشاكل دائماً تلتطم بالإنسان من كل جانب، وغالباً ما يرتطم الإنسان فيها، إذا لم يراع الدقة الأكيدة في التخلص أو التقليل منها، وذلك يحتاج إلى المراقبة الدائمة واليقظة الكافية والاستعانة بالله فإنه نعم المولى ونعم النصير.
وإلا فالمشاكل تتقوّى وتتراكم حتى تكون سيلاً يجرف بالإنسان، وبذلك سقطت الدولة الإسلامية، وانغرق المسلمون في بحر من المآسي والفتن التي لا سابقة للمسلمين بها حتى في عصر المغول الذين زحفوا من الشرق، والصليبيين الذين زحفوا من الغرب، والله المفرّج المستعان.
اضافةتعليق
التعليقات