قبل أن تنصت إلى قلبك دع الفرصة لعقلك كي يتدخل قليلاً!، فهناك من يرى أن العقل والقلب لا يمكن أن يتحرك أحدهما دون الآخر وأنهما مرتبطان ارتباطاً مباشراً ومؤثراً في الكثير من الأمور، وما ينفذ إلى العقل يستقر في القلب، وما يشعر به القلب يعبر عنه العقل.
منهم من قال: أن الإنصات لقلبك ليس بالأمر السيء لكنه سيجرحك أكثر من أي قرار منطقي اخر، إن لم يتم وأنت في فسحة من أمرك، فبمجرد أن يتوفر لك المجال لتفنيد كافة العناصر، المنطقية وغير المنطقية، من المفترض أن تخرج بحكماً صائباً، وكثيراً ما تقودنا الظروف إلى ضرورة اتخاذ قرارات مجازفة سريعاً تحقق منها استفادة في الواقع، ولكن قدر الإمكان حاول أن تتمهل حتى تحصد أقصى استفادة ممكنة من قراراتك.
وآخرون يرون أن لولا وجود العقل الذي تكمن فيه مراكز العاطفة والاطمئنان والتفكير لما بعث اشاراته إلى القلب، وهناك البعض يقول إذا ماتت خلايا العقل فلا فائدة في بقية الجسم، وإذا مات القلب ماتت جميع أعضاء الجسم. لذا فنحن بحاجة إلى الاثنين.
وظائف القلب في القرآن:
1- جعل القرآن القلب مركز الفهم والتعقل، فيقول: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ). فجعل الإنسان يفقه ويفهم بقلبه.
ويقول أيضًا: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)، فإنه ينسب إلى القلوب عمل العقل والفكر.
2- وجعله مركز المسؤولية:
فيقول: (وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)، وهكذا القلب يأثم ويعصي، ويطيع وينفذ.
3- وجعله مركز الإيمان والكفر:
فيقول: (مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
ويقول: “وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ “. فالقلب مكان الإيمان والكفر. كما يقول: (مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ).
4- وجعله مركز الإحساس:
فيقول: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، فالترابط بين المؤمنين هو ترابط الشعور، والإحساس العميق. ويقول: (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ).
5- وجعله مركز الوعي في الإنسان فيقول:
(وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ* نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ* بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ).
6- وجعله مركز الذوق:
“وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ“. فالقلوب كما تشمئز: تفرح وتستبشر.
العلاقة بين العقل والقلب:
تبقى العلاقة بين العقل والقلب مُبهمة، ولم يجد العلماء أي تفسير علمي له سواء من الناحية البيولوجية أو الفسيولوجية، فالعقل البشري عضو أساسي في عملية الوعي والإدراك والفكر والمعرفة، والمهمّة القوية في تخزين تلك المعلومات والأعمال التي تُعطي التقديرات لنسب الذكاء والمعرفة للفرد، أما القلب الذي يُشارك العقل في الأفعال الناتجة عن ما يُرسله العقل للقلب من إشارات وظائف الدماغ.
إن القلب هو العاطفة والعقل هو الحكمة، القلب هو الاستقرار والعقل صانع القرار، القلب هو البيت والعقل مفتاحه، لا يمكن أن تخترق قلب أحدهم ما لم تتسلل عبر عقله، في القلب تستقر الأحاسيس والمشاعر والذكريات، وفي العقل نسترجعها ونختار ما نريده وما لا نريده.
يقول جبران خليل جبران «إن العقل والهوى هما سكان النفس وشراعها وهي سائرة في بحر العالم، فاذا انكسر السكان أو تمزق الشراع فإن سفينة النفس لا تستطيع أن تتابع سيرها، بل ترغم على ملاطمة الأمواج يمنة ويسرة حتى تقذف بكم إلى مكان أمين تحفظون به في وسط البحر».
اضافةتعليق
التعليقات