الكتاب: العباس عين الإنسانية
الكاتبة: فاطمة نعيم الركابي
الفئة: سيرة ذاتية - ديني
عدد الصفحات: 253 صفحة
يتكون الكتاب من أربعة أفصل رئيسة تندرج تحتها عدة مفاهيم انطلاقاً من الجوهر للإنسان القوي عقائدياً فإن أساس معرفة هدف وجود الإنسان في عالم الوجود يتطلب معرفة المبدأ (أي من أين أتى الانسان)، وحياته في أين (أي في ماذا يحيى في هذا العالم) وإلى أين المآل فنظام خلقة الإنسان في ثقافة القرآن خاضع لثلاثية لابد للإنسان أن يعيش وفقها وهذه الأنظمة هي:
1 نظام الفاعلي (ايجاده من قبل الله تعالى)
2 نظام فعلي (داخلي)
3 نظام غائي (إلى أين المستقر؟)
فالسلف من الحكماء قالوا: إن السعادة تعني وصول كل شخص بحركته الإرادية النفسانية إلى كماله في جبلته، وإما الخير فهو مطلق ومضاف. وإما الخير المطلق هو الكمالات النفسية، والخير المضاف ما يكون معد لتحصيل هذه الكمالات، ويتوصل بها إلى الخير المطلق.
عن فطرته ليتحول إلى شخص فاقد للإنسانية، ولهذا عبر الله تعالى عمن تتلوث بالأجواء والأفعال غير الإنسانية يبدأ شيئاً فشيئاً ينسلخ منها ويتخلى "إذاً فالحياة الحقيقية للإنسان تتوقف على تهذيب النفس، وبها تتم الإنسانية ويعرج من حضيض البهيمية إلى ذرى الرتب الملكية، ولكن متى ما لم تتوافر له الأجواء السليمة والموافقة للفطرة ولم تكن لدى الإنسان التقوى التي هي السور الذي يحمي بها نفسه من أن تتلوث بالأجواء والأفعال غير الإنسانية يبدأ شيئاً فشيئاً ينسلخ منها ويتخلى عن فطرته ليتحول إلى شخص فاقد للإنسانية".
ومن خطوات صنع انسانيته لنفسه (اصلاح النفس وتهذيبها، تحصيل التقوى، تحصيل البصيرة، الجهاد الذي يوصل للصبر والهداية، الشجاعة، الاباء).
إن الفرد قد يكون ذو خلق وعلى درجة من التفقه في الدين وهذا لكنه غير كافي لبلوغ الهدف الحقيقي. فمتى ما أستغل أخلاقه أمر حسن للسمعة أو لجذب قلوب العباد - كما يعبرون - يكون من أصحاب الأخلاق التجارية يكون غير خلوق في الواقع، وقد يحول تفقه المتفقه إلى متدين متعصب ومتشدد ينفر الغير من العبادات، فيحمل الفقه كشفرة حادة يجرح بها كل من يلاقيه. هنا نقف على المشكلة الحقيقية التي يعاني منها هذا الفرد فالأخلاق والفقه لا مشكلة فيهما، إنما المشكلة في الفرد نفسه فهو فارغ المحتوى! ينقصه "الوعي" وهذا الفراغ يجب أن يملئ بالفكر الصحيح والعقيدة السليمة من خلال الدين الإلهي المشرع، والمنهاج العملي الموضوع للتطبيق الحياتي لهذا الدين، فالحياة تحتاج الى دقة، ويقظة، وانتباه كما يعبر أحد علمائنا " فالوعي (بمعناه اللغوي) يعني: الفهم والانتباه واليقظة. –
فالإسلام هو ظاهر الدين، كما عبرت الآية صبغة يصطبغ بها الانسان ليحفظ نفسه وماله وعرضه، أما العمل بالدين فهو الإيمان، فالإيمان يجسد العمق (الباطن) في الدين، فللإسلام عدة مراتب:
1 القبول الظاهري للأوامر والنواهي الإلهية بتلقي الشهادتين، والاقرار بها في اللسان.
2 التسليم والانقياد القلبي لجل الاعتقادات الحقة. الانس بالأيمان وانقياد القلب بشكل كامل لأوامر الله ونواهيه، أما علاقتنا مع أنفسنا فهي المحاسبة والمراقبة والاصلاح الدائم؟ ومن هنا يمكن أن نعرف السجون التي تحجب الانسان عن أن يحقق انسانيته ويبصر بفطرته نحو التدرج في سلم التكامل:
سجن الطبيعة: حيث ينشغل الانسان بموارد الطبيعة ويصبح أداة لها بدل ان تكون هي أداة له.
سجن التاريخ: حيث على الفرد الواعي أن لا يركن للتاريخ فيتبعه ويقلده التقليد الأعمى من دون أن يتفكر أو يعقل.
سجن اجتماعي: أم مجتمعنا فاسد ولا انساني وعنصري هو الذي يمثل السجن الذي يحجب الانسان عن وعيه.
سجن النفس: هي أشد الأنواع صعوبة في مقاومته والتحرر منه حيث يحتاج إلى عزم واصرار وتوفيق من الله فهو سجن ليس من جدران أربعة تحيط بنا بل هو فينا ومعنا فنحن السجن والسجان.
اما الفصل الثاني فقد تناولت الكاتبة مبادئ الدين التي تبرز السمات الانسانية في الفرد وقد تطرقت لعدة مفاهيم منها (حقيقة الدين، الدنيا، معرفة الأمانة وحسن اداءها، الايمان، اليقين، التوكل، العلم، المعرفة، النور، الصدق، مبدأ التوحيد، التسليم، مبدأ الاتباع لمن اصطفاهم الله، نكران الذات، مبدأ المعاد والرجوع لله، العمل الصالح، النصح، الوفاء، العدل، المواساة أصل الأخوة).
وقد تمثل الفصل الثالث تفاصيل أدق في حياة أبا الفضل العباس (عليه السلام) ووصفه بالعبد الصالح ولهذا الوصف جانبان: جانب العبودية اضافة إلى جانب الصلاح فأما العبودية: إن العبد المؤمن يعد ما يسمى التكليف الشرعي أمر محبذ له حيث استحق بأن يشمل بخطاب الله واوامره، فهناك فرق بين من يعشق العبادة لذاتها فهو يعمل بما ينسجم مع رغباته من عبادة فيؤديها وما تجلب له المنفعة ويتجنب مالا تملي عليه رغباته فتلك "عبادة التجار" وبين من يعشق العبادة لأجل من أمره بها لأنها تجعله ممتثل لأمر مولاه وتجلب له قربه ورضاه فتلك "عبادة الأحرار" فهم تحرروا من أنفسهم وميولها، ويقول أحد العلماء "إنما فضل الانسان على الملائكة بدليل أن الملائكة من غير ألم أما الإنسان فهو يملك ألم البحث عن الله"..
ثم تطرقت الكاتبة إلى نوعين من العبودية وهما العبودية القهرية وعبودية تشريفية، فالإيمان والعمل الصالح يمثلان الربح الذي يحصل عليه الفرد في التجارة برأس ماله، ضامنا لنفسه السعادة الدائمة، والحياة الأبدية في الآخرة، فمن ابتعد عن استثمار هذا العمر لما خلق لأجله فهو في خسران وإلى الخسران.
فالعباس (عليه السلام) كان يجسد أمة مع انه فرد كما عبر عنه الإمام الحسين (عليه السلام): (يا أخي كنت أنت العلامة من عسكري ومجمع عددي فإذا أنت قتلت يؤول جمعنا الى الشتات، وعمارتنا تنبعث إلى خراب)، عندما استأذنه العباس (عليه السلام) ليقاتل حيث كان يمثل جيش بأكمله بالنسبة للحسين (عليه السلام) حتى إن العباس هو آخـر مـن بقـي مـع الإمام فهو الناصر والمدافع عن إمامه والحامي والحافظ للعائلة الكريمة وحامل لواء الحسين والسقاء.
كما أن العباس هو الوفي، قال تعالى: (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وفَّى) [النجم: ۳۷]، وابي الفضل شهد له الامام الصادق (عليه السلام) العباس ذو الايدي والابصار فـ صفة (ذو الأيدي) يعني القوة والقدرة، و(الإبصار) يعني البصيرة في رؤية الحق والحقيقة، والعباس كان على أثـر مـا يحملـه مـن صفات الهاشميين من البنية القوية والشجاعة ويلقب ببطل العلقم والضرغام وغيرها فهو ابن صاحب ذي الفقار، وإما البصر فهو كمـا عبر الإمام (عليه السلام) بقوله انه: نافذ البصيرة العباس هو المسارع في الخيرات العابد الزاهد، ام أفضل الاعمال الاي على الإنسان إن يسارع بها هي ان يكون منتبه في كل لحظة إلى نفسه، ويصبح بالتالي موجوداً ملكوتياً وعندها سيكون مؤهل على أثر الصلاح والتطهير الذي أوجده في شخصيه مصلحاً للآخرين والأخذ بأيديهم نحو كل خير.
والعباس هو مصداق إذا ما ذكرناه فإننا نصل لذكر الله. فهو ابن القربي وأخو القربى فهو منهم وإليهم، فالزهراء تعد العباس ابناً لها وستقدم ذكر ظلامته على كل الظلامات يـوم الجزاء ، اذا كان وجود المؤمن العادي هو مصدر لذكر والتذكير، فكيف بمن كان صلب الايمان؟! فقد شهد له الإمام الصادق (عليهما السلام) بهذا المقام بزيارته له: (ورفع ذكرك في عليين).
فالعباس خص بكرامة القرب عند الله لأنه وصل الإنسانية وأدرك هدفه فتجسدت كرامته في حياته وبعد استشهاده في الآخرة ببلوغ مقام المفلحين، وفي الدنيا بأن جعله الله وجيها عنده ووسيلة بينه وبين عباده في قضاء حوائجهم وقريبا من خواص عباده.
وذكرت الكاتبة في الفصل الرابع بأن القرب من المُجد هي غاية الوجود وفصلت ذلك في ثلاث جوانب مذكورة في نهاية الكتاب.
اضافةتعليق
التعليقات