تلك العظمة التي يبينها ثلاثة من المعصومين في أحاديثهم والبقعة التي ستدفن فيها ستُعبّر بحرم آل محمد، فاطمة المعصومة التي يبينون سمو مقامها قبل أن تولد بسنوات و يبشرون زائرها بالجنة ولكن حسب قول مولانا الرضا (عليه السلام ) : (عارفاً بحقّها ) الشرط هو (معرفتها) لأن تلك المعرفة هي الأساس.
المعرفة هي أسمى غاية لدى الانسان وبها يتقدم و يتأخر يعلو مع أعلى عليين أو يكون في أسفل سافلين، قال النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله): (أول عبادة الله المعرفة به) و قال مولانا أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام: ( أول الدين معرفته).
فمن هنا ندرك لماذا سيدتنا فاطمة المعصومة وصلت الى هذا المقام العظيم و الدرجة الرفيعة، إنها كانت على درجة عالية من المعرفة، العلم و الفقاهة والتسليم لامام زمانها.
فقد قال الامام المعصوم موسى بن جعفر في حقها فداها ابوها.
يروى أنّ جمعاً من الشيعة دخلوا المدينة يحملون بحوزتهم عدّة من الأسئلة المكتوبة قاصدين أحداً من أهل البيت عليهم السلام وصادف أنّ الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) كان في سفر والإمام الرضا عليه السلام كان خارج المدينة. وحينما عزموا على الرحيل ومغادرة المدينة تأثّروا وأصابهم الغمّ لعدم ملاقاتهم الإمام عليه السلام وعودتهم إلى وطنهم وأيديهم خالية.
ولمّا شاهدت السيّدة المعصومة غمّ هؤلاء وتأثّرهم قامت بكتابة الأجوبة على أسئلتهم وقدّمتها لهم. وغادر أولئك الشيعة المدينة فرحين مسرورين والتقوا بالإمام الكاظم
( عليه السلام) خارج المدينة، فقصّوا على الإمام عليه السلام ما جرى معهم وأروه ما كتبته السيّدة المعصومة (سلام الله عليها) فسرّ الإمام عليه السلام بذلك وقال: "فداها أبوها".
يبين الامام الكاظم عليه السلام المكانة الرفيعة لهذه السيدة الجليلة كي يتعلم المجتمع ان الأنثى باستطاعتها ان تكون عظيمة و تصل الى مقامات عليا و يبين إنه رغم مكانته العظيمة و هي الإمامة و العصمة التي لا يصل إليها أحد و لا يعرف كنه قدرها يقول : فداها أبوها.
إن التاريخ يشهد على بعض النساء اللاتي كن راويات للحديث و قد أخذوا ارباب الحديث بأقوالهن وهذا يدل على عظمتهن
فذكروا أحاديث هذه السيدة الجليلة في مرتبة الصحاح الجديرة بالقبول والاعتماد.
السيدة فاطمة المعصومة كانت من النساء الفاضلات التي تروي الحديث فقد روى الحافظ شمس الدّين محمّد بن محمّد الجزريّ الشافعيّ المتوفّى سنة 318 ه، بسنده عن بكر بن أحمد القصريّ، عن فاطمة بنت عليّ بن موسى الرضا، عن فاطمة وزينب وأمّ كلثوم بنات موسى بن جعفر، قلن حدّثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمّد الصادق، حدّثتني فاطمة بنت محمّد بن عليّ، حدّثتني فاطمة بنت عليّ بن الحسين، حدّثتني فاطمة وسكينة ابنتا الحسين بن عليّ، عن أم ّكلثوم بنت فاطمة سلام الله عليها بنت النبيّ (صلى الله عليه واله) قالت: "أنسيتم قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم غدير خمّ: من كنت مولاه فعليّ مولاه، وقوله (صلّى الله عليه وآله) : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى "عليهما السلام".
هي العظيمة الجليلة التي أشرقت كالشمس على أهل قم و جعلت من تلك البقعة حرما امنا يُذكر فيه اسم الله و تُكشف الهموم و تُقضى الحوائج.
ان المعرفة تنقسم الى قسمين معرفة الشخص و معرفة الشخصية.
ان نعرف الشخص يعني نعرف من هو (أصله وشجرته) و نعرف الشخصية بأن نعرف صفاته و مقاماته و ما يحمل من شموخ و عظمة و بعد هذه المعرفة نستسلم حبا وكرامة ونستطيع أن ننهل من عذب مائهم.
اضافةتعليق
التعليقات